“الرقص أو الموت “.. حكاية راقص باليه سوري هدده “داعش”
“الرقص مثل الحياة حقٌ للكل”، هي العبارة الافتتاحية لحديث راقص الباليه أحمد جودة مع تلفزيون الخبر.
بدأت حكايته حسبما يرويها “مع رقص الباليه في سن الثامنة، عندما حضرَ عرضاً راقصاً في مدرسته، أسرت الحركات والإيماءات عقله وقلبه ومازالت حتى اليوم، متخذاً منها أسلوب حياة”، على حد تعبيره،
وأصبحت صفة “راقص الباليه” صفةً تلصق باسمه دائماً، وذلك بعد غدا من أمهر راقصي الباليه على مستوى العالم، بعدما أخذ منه عمراً وجهداً.
يقول الشاب الثلاثيني لتلفزيون الخبر: إن “رقص الباليه ليس سهلاً كما يعتقد الكثيرون، وإنما شديد الصعوبة”، منوهاً أنه “احتاج الكثير من التدريب والتعب ليصبح ما هو عليه الآن”.
درس أحمد بقسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان عضواً في فرقة “انانا” المسرحية التي قدم معها عدة عروض راقصة، وعن هذه التجربة يتحدث “أنها غنية جداً، صقلت موهبته وأوصلته للاحترافية”، وكل ذلك بفضل الأساتذة والمدربين.
وقع الشاب السوري الفلسطيني في بداية مسيرته بنار الانتقادات وعدم تقبل فكرة أنه شاب ويرقص في آن معاً، لدرجة وصمه بكلمة “رقاص” وليس راقص، حيث واجه أحمد كل الانتقادات بالتركيز على حلمه ومستقبله.
يضيف قائلاً: “كنتُ اسمع صوت قلبي يخبرني أنني سأحقق حلمي وأصبح راقصاً مهما”.
يتابع جوده: لم أقارن نفسي بأحد وإنما أقارن بيني اليوم وغداً حتى أكون بمستوى أفضل، مركزاً على تماريني وتدريباتي، وهي بالنسبة لي كصلاتي التي أحرص على تأديتها على وقتها.
لم يكد أحمد أن ينتهي من إخماد نار رفض المجتمع لفنه حتى اشتعلت الحرب في سوريا وحياة أحمد أيضاً، فقد هدده تنظيم “داع.ش” الإرها.بي بقطع رأسه في حال استمر بالرقص، وصلت به الحياة ليعيش بخيمة على سطح منزل لأحد الأصدقاء، يوم عبرت قذيقة هاون بقلب منزله، حيث جعلت ساكنيه خارجه، مثل الكثير من السوريين.
يعلق راقص الباليه على تهديدات “دا.عش” والحرب بقوله: “خلال الحرب بسوريا كان لكل سوري أسلوب للدفاع عن ذاته، وأنا كان الرقص بالنسبة لي سلاح حتى أحارب فكر المتط.رفين، كتبتُ على رقبتي “ارقص أو مت” كمنهج لحياتي.
الخروج عن المألوف بالرقص، الموسيقى وحتى بالفكر، هو أسلوب حياةٍ للناجين من مجتمعاتٍ تهوى التنمر وعدم تقبل الآخر، لمحاربة غير المألوف من وجهة نظرها، لكل حق في الحياة على طريقته.
يستذكر الشاب عرض راقص أداه على مسرح تدمر قُبيل سيطرة “داع.ش” على المدينة، ويردف: “عندما رقصت كنت أقول لدا.عش يمكنكم أن تسلبوا منا الحياة يمكنكم أن تهدموا بيوتنا، لكنكم لن تستطيعوا منعنا من الرقص والحياة طالما نحن أحياء”.
“في أشد أيام الحرب كان الرقص بالنسبة لي صرخات داخلية من خلالها أعبر عما أعانيه، نحن لا نرقص للفرح فقط وانما للحزن أيضاً” يقول أحمد.
يتابع حديثه: أعتبر جسمي كآلة موسيقية عندما أرقص واهتم بصحتي وأحس بالمسؤولية تجاهها، فالموسيقا جزء من كينونتنا لكنها تعيش خارجاً فنحن مصدر الفن وهو ما يميزنا كبشر.
يقول ضاحكاً: “يلي بقول الرقص للبنات جربه بالأول بعدين احكي ويردف في الفلكلور السوري كلا الجنسين يرقصون منذ القدم ولم يكن هناك تفريق بين ذكر أو أنثى”.
يعيش أحمد اليوم في هولندا وأصبح لديه فرقة الرقص الخاصة باسمه وتمكن من إحياء عدة عروض فنية بمختلف دول العالم من هولندا للبرتغال وصولاً لأمريكا وفرنسا مدخلاً الموسيقا الشرقية في كل عروضه.
ووثق سيرة حياته في كتاب أطلق عليه اسم ” الرقص أو الموت”، وهو عضو ضيف في الفرقة الهولندية للرقص.
ينهي أحمد حديثه بقوله: “بتمنى لكل الحالمين يوصلوا لأحلامهم مهما تعرضت أحلامهم لنيران المحبطين”.
تلفزيون الخبر