الأتاوات تصل إلى ٥ ملايين على السيارة .. أدوية حلب على الحاجز منذ شهر
اشتكى العديد من أهالي مدينة حلب لتلفزيون الخبر أن “صيدليات حلب فارغة من الأدوية، وأن الأدوية، حتى العادية منها ، من مسكنات وأدوية التهاب، مفقودة ، فكيف بالأدوية النوعية والتي اختفت بشكل كامل نتيجة عدم وصولها من معامل الأدوية إلى المدينة”.
وكشفت مصادر خاصة لتلفزيون الخبر أن “شاحنات الأدوية ليست مفقودة أو مخطوفة، بل هي موجودة على أحد الحواجز منذ حوالي الشهر، موقوفة من قبل الجهات الموجودة هناك التي تمنع مرور أي شاحنة بسبب عدم الاتفاق على “الأتاوة” التي أصبحت فرضاً عالشاردة والواردة من المواد التي تدخل لمدينة حلب”.
ومن المفارقات، أن جميع المسؤولين الذين تواصل معهم تلفزيون الخبر لأخذ رأيهم بالقضية ، كانوا يعلمون بالقضية، ولكن وبحسب ما هو واضح ، “ ما حدا طالع بإيدو شي “.
وتحدث عدد من تجار الأدوية الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، خوفاً ، بحسب تعبيرهم، لتلفزيون الخبر أن “شاحنات الأدوية موجودة في الحاجز منذ حوالي الشهر”، مشيرين إلى أنهم “كانوا يدفعون لهذا الحاجز ويكملون طريقهم بشكل طبيعي، إلا أنه حالياً لم يعد المبلغ يكفي جماعة الحواجز على مايبدو”.
وأوضح أحد المصادر أن “المبلغ المعتمد سابقاً كان من 100 إلى 200 ألف ليرة سورية على الشاحنة، لكن ما حدث فجأة هو رفض جماعة الحاجز المبلغ وإيقاف كافة الشاحنات ليتم طلب مبلغ 5 مليون ليرة سورية على الشاحنة الواحدة”.
وبين المصدر أن “عدد الشاحنات المتوقفة يبلغ حوالي 15 شاحنة وهي من عدة معامل أدوية توجد خارج مناطق سيطرة الحكومة السورية في حلب كمعمل ابن رشد وألفا وابن الهيثم وداما فارما ودلتا والاوبري والسعد وبركات والرازي وآسيا”.
ولفت المصدر إلى أنه “حالياً تجري عملية مفاوضات مع جماعة الحاجز، فالمطالب تتغير بين الحين والآخر”، مبيناً أنه “في فترة ما تغيرت المطالب وأصبحت حوالي 10 % من قيمة الشاحنة”.
وكشف مصدر آخر أن “أحد الشاحنات وبعد محاولات مستعصية للمرور، دفع مبلغ مالي لم يعرف بالضبط، رفض جماعة الحاجز الأمر وقاموا بمصادرة الشاحنة التي تقدر البضاعة الموجودة فيها بأكثر من 40 مليون ليرة سورية”.
وعبرت المصادر عن صعوبة الأمر بالقول أن “أصحاب معامل الأدوية يعانون بالأصل وبدون هذه المشكلة من صعوبات كبيرة من حيث الإنتاج والمازوت وانقطاع الكهرباء، الأمر الذي يؤدي لارتفاع قيمة الانتاج وبالتالي ارتفاع أسعار الأدوية”.
مضيفين أن “موضوع الحواجز يعتبر حمل ثقيل منذ زمن، إلا أن ما يحدث الآن غير مقبول بتاتاً وهو مشكلة كبيرة من ناحية المبالغ المطالب بها وعدم وجود أي جهة مسؤولة قامت بالتصرف مع هؤلاء المستغلين من أصحاب النفوس الضعيفة، وصيدليات ومشافي حلب فارغة من الأدوية التي هي ضرورية لآلاف الحالات والمرضى، فالموضوع ليس مواد غذائية أو سلع إنتاجية، بل هي أدوية فقدانها يؤدي للوفاة”.
وفي السياق ذاته، أكد مصدر خاص لتلفزيون الخبر أنه حتى الآن لم يتم الوصول لصيغة حل أو اتفاق مع جماعة الحاجز، وهناك معلومات غير مؤكدة أن 3 أو 4 سيارات أفرج عنها وتوجهت لمدينة حلب من طريق عفرين.
وشرح مصدر آخر تفاصيل ما يحصل بأن “طريق شاحنات الأدوية من منطقة المنصورة إلى داخل مدينة حلب هو عبارة عن طريقين، الأول من جهة منطقة عفرين، التابعة لقوات “الأسايش” الكردية حيث تدخل السيارات من شمال حلب، والطريق الآخر هو طريق السعن والذي تنتشر فيه الحواجز المعتادة ومنها الحاجز الذي تتوقف السيارات عنده”.
علماً أن منطقة المنصورة لا تبعد عن حلب سوى أقل من ٥ كيلومترات ، إلا أن إغلاق طريق باب السلام باتجاه حلب الجديدة ، يجبر شاحنات الأدوية على سلك هذا الطريق الطويل، ودفع كل هذه الأتاوات.
وفي اتصال لتلفزيون الخبر مع نقيب صيادلة سوريا الدكتور محمود حسن أكد من خلاله أن “الموضوع قيد المعالجة ، وأنه تم إرسال كتاب لوزارة الصحة حول هذا الأمر”، مشيراً إلى أن “نقابة صيادلة سوريا قامت بعرض المشكلة على الوزارة فور علمها بأمر توقف الشاحنات ومنعها من الدخول لمدينة حلب”.
وبدوره بين رئيس فرع نقابة الصيادلة بحلب الدكتور عبد الله الجراح أنه لا علم له بخصوص مستجدات الموضوع “وإن كان تم السماح لأي من الشاحنات بالدخول”، مؤكداً أيضاً أن “الموضوع رفع بكتاب إلى الوزارة”.
واقترح الجراح لحل الأمر “الإيعاز للمبادرات الأهلية للتوصل إلى اتفاق لفتح طريق باب السلام الممتد من منطقة المنصورة باتجاه حي حلب الجديدة”، مضيفاً أنه “في حال فتح هذا الطريق فإن حركة الشاحنات تكون أسهل وأقرب”.
وبذلك فإن حاجز “الصيادلة”، كما أصبح يسمى، لا زال يبقي الشاحنات “احتفاظ” لديه، ولا زال أهالي حلب ومرضاها وجرحاها من كافة الأطراف المدنية والعسكرية ينتظرون ويشاهدون ما يحل بهم من “بلاوي متسلقي الأزمات”، ليصلو إلى حالة الصمت وعدم التعليق على مايعانونه بشكل يومي، مكتفين بالقول “إلنا الله”