“محمد هبش” آخر النحاسين في حلب وأقدمهم
في إجابة على تساؤل عما إذا كانت مهنة النّحاسة قد تضررت خلال الحرب، يجيب محمد هبش متحدثاً لتلفزيون الخبر: ” المهنة راحت.. مو بس تضررت”.
يروي “محمد هبش” ما حلّ بمهنته، بعد أن بات آخر النحاسين في حلب ويقول: “إن جهات حرفية جاءت بعددٍ من الشبان العام الماضي لتعليمهم المهنة بهدف إنقاذها من الاندثار، لكن هؤلاء الشبان لم يستطيعوا الاستمرار.. فلم يكملوا التدرب على حرفة النحاس”.
وبحسب رأيه فإن السبب هو “عدم صبرهم واندفاع الشباب للعمل بمهن أسهل، لا سيما وأن هذه المهنة تحتاج إلى جهد عضلي وفكري معاً”، فيما يرى أن تعليم هذه المهنة يجب أن يبدأ منذ الصغر، ولا ينفع أن يتعلمها المرء ” على كبر” حسب ما يقول.
يمارس “هبش” حرفة النّحاسة منذ العام 1960 في حلب، وعن عدد من بقي يمارس هذه الحرفة، يقول محمد هبش “إنه خلال سنوات الحرب ظلّ وحيداً في حلب من بين الذين يعملون بهذه الحرفة، وبعد عودة الأمان لمناطق حلب القديمة عاد ما يقارب 3 أو 4 من الحرفيين زملائه”.
إلا أن “هبش” لم يعد إلى محله في سوق النحاسين، لأسباب فضّل عدم ذكرها، وبقي يمارس مهنته في محلّ كان قد استأجره في شارع النيل مع بداية سنوات الحرب.
ويقول “محمد هبش” إنه “أخذ المهنة عن والده، وفيما يحاول توريث المهنة إلى أبنائه وأحفاده، إلا أنه يرى أن مصير المهنة قد انتهى وليس من حلول” بحسب رأيه، ويرجع ذلك إلى غياب اليد العاملة وغياب الطلب الداخلي على النحاسيات.
أما بالنسبة له فيعتمد “هبش” على المبيعات الخارجية حيث يصمم القطعة النحاسية حسب طلب الزبون، في حين يرى أن السوق الداخلي قد توقف منذ أن ارتفع سعر كيلو النحاس، وبات شراء النحاس شبه مستحيل بالنسبة للمواطنين داخل سوريا.
وأوضح “هبش” أن “النحاس شهد طفرات ارتفاع في سعره إلى أن وصل الكيلو الواحد إلى 60 ألف ليرة سورية بعد أن كان بـ 80 ل.س.”
وعن أسعار القطع النحاسية كإبريق القهوة أو ما يعرف بـ “الدلة النحاسية” ذات النوعية العادية يقول “هبش” إن “سعر دلّة القهوة النحاسية صغيرة الحجم كان قبل الحرب 200 ل.س واليوم أصبحت القطعة ذاتها بـ 50 ألف ليرة سورية”.
ويرجع سبب ارتفاع ثمن القطع النحاسية حسب رأيه، “إلى ارتفاع ثمن النحاس واستيراده المكلف، وزيادة تكلفة المصانعة بسبب قلة اليد العاملة.”
أما عن سبب اختفاء المهنة تدريجياً فيرى “هبش” أن “السبب الرئيسي هو غياب اليد العاملة وعدم انجذاب الشباب لهذا النوع من المهن، فيما يتوقع أن يأتي يوم يبحثون فيه عن أحد النحاسين ولا يجدون..”
يذكر أن سوق النحاسين في حلب القديمة تعرض لمختلف أنواع التخريب، وأعيد تأهيله حديثاً، ويضم السوق قسمين، في كل منهما عدد من المحال والورشات المتخصصة بصناعة النحاس وتبييضه، فيما بات يقتصر السوق على عدد ممن يعملون في مهنة “تبييض النحاس” وبعض تجار التحف النحاسية.
نغم قدسية – تلفزيون الخبر