الكلمةمجتمع

الجريح محمود الحسن.. كفيف قهر الظلام وأبدع بالأشغال اليدوية والموسيقى

أن تكون فنانا بشكل عام و تشكيليا بشكل خاص، فإن ذلك يتطلب حالة إبداعية خاصة تتضمن إحساسا عاليا بالمواد الخام الموجودة بين يديك كي تحولها إلى لوحة أو عمل فني، والبصر في هذه الحالة يعد مفتاحا أساسيا يبنى عليه.

و قد يكون مستغربا أن هذا الفنان التشكيلي كفيفاً، وهو الذي يتطلب فنه بصرا حادا يفوق الناس العاديين، ولعل إمكانية إنتاج اي فن من الفنون يعد صعبا للغاية وأقرب للخيال.

لكن فقدان البصر لم يمنع الشاب محمود الحسن من سكان حي العباسية بحمص من الإبداع بالأشغال اليدوية و تشكيل المجسمات من الأسلاك النحاسية و حبات الخرز بمهارة فريدة من نوعها تفوق قدرة المبصرين.

يقول الجريح محمد لتلفزيون الخبر” أصبت عام 2016 إثر انفجار لغم فردي في حي العباسية أدت لكف بصر وبتر يدي اليمين من الكف، وشظايا متفرقة في جسمي مع تركيب صفائح في رجلي.

يضيف محمود” لم تنل الإصابة من معنوياتي أبدا ولم أعتكف في المنزل بل تقبلتها وقررت متابعة حياتي بشكل طبيعي حيث أقوم بزيارات يومية لأصدقائي وأقوم بالعديد من النشاطات كي املأ وقتي”.

ويشير محمود” انضممت إلى فرقة استديو جريح حيث كنت بداية ضابط إيقاع على “الدربكة” ثم تعلمت العزف على آلة الأورغ وأتقنتها حتى استطعت عزف أي أغنية بعد التدرب عليها وحفظ مكان العلامات الموسيقية كما ألعب رياضة الكاراتيه”.

ويشير محمود” الأستاذ بلال عرفة هو من عرض علي البداية بهذا الفن وتعلم الأشغال اليدوية وخصوصا صنع أشكال مختلفة من الخرز، مع العلم أنها لم تكن سهلة في البداية لكنها تصبح سهلة للغاية لاحقا وأقوم بهذا العمل بشكل مجاني”.

وتابع “شعرت بفرحة كبيرة عند إنجازي لأول شجرة بمساعدة أهلي طبعا، وكان لهم دور كبير في دعمي والعمل معي أحيانا”.

ويشرح محمود طريقة عمله التي ينجز بها الأشكال الفنية قائلا” أثبت السلك النحاسي بيدي وأدخل الخرزات واحدة عن طريق الفم واحدة تلو الأخرى دون أي مشاكل أو تردد، وازدادت سرعة الإنجاز مع مرور الوقت حيث أصبحت أشعر بكل المواد والألوان والأشكال الموجودة أمامي”.

وأضاف محمود” أقوم بتلبيس الشجرة بالجبصين بعد أخذها للشكل النهائي، مضيفا اللون البني للجبصين حتى تأخذ الشجرة شكلها وتبقى الخرزات لتشكل الأغصان والأوراق، كما أقوم بإنجاز العديد من الأشكال كالدبابة والطاووس والطائرات والسيوف”.

وعن دور عائلة محمود في دعمه، تقول السيدة حنان والدة محمود” تعرضت كأم لصدمة كبيرة عند إصابة ابني بداية الأمر وكان تقبل الخسارة صعب للغاية لكنه هو من رد لنا معنوياتنا”.

وتضيف” لم يبق محمود في المنزل بل كنا نزور رفاقه الجرحى دائما ونشتري الثياب، وشجعته بشكل كبير على العزف والعمل ، حتى وأصبح بإمكانه السير وحده والذهاب إلى “الدكان” ويمارس حياته بشكل طبيعي”.

أما حسين شقيق محمود فتحدث متذكرا يوم الإصابة فقال” سمعت صوت الانفجار حيث كنت قرب مكان وجود محمود، و ركضت مسرعا لأسمع صوت أحد الأشخاص يناديني لأكتشف أنه شقيقي فحملته وخرجت به إلى السيارة وإسعافه إلا أنني فقدت الوعي نتيجة الضغط الكبير وإصابتي بعدة شظايا”.

وتوجه محمود للجرحى قائلا” لا تجعلوا الإصابة تقتل أحلامكم أو أن تقف حياتكم بعدها، بل عليك أن تتحلى بالأمل دائما، فرغم فقدان بصري ألعب الكاراتيه وأعزف على الأورغ وأزور رفاقي وكأنني لم أصب أبداً، كما أخطط للقيام بعدة مشاريع في المستقبل عند توفر الدعم اللازم”.

يذكر أن الجريح محمود الحسن قام بأداء العديد من الأغاني والمقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي مع فرقة استديو جريح.

ويأمل أن يقدم له الدعم والرعاية من كل الجهات للقيام بعدة عمليات جراحية حتى يعود بصره كونه قادر على رؤية الضوء بشكل خفيف جدا مع تضرر البؤبؤ في عينيه، مع أمل كبير بذلك وهو من لم يفقد الأمل واستطاع القيام بأشياء لا يستطيع فعلها المبصرون.

عمار ابراهيم_تلفزيون الخبر_حمص

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى