عن دير الزور والأمم المتحدة وحقوق الانسان والقبعات الملونة
تغيب مدينة دير الزور عن خريطة “الشحادة ولم اللايكات” العالمية، فلا صفحات أنشئت باسم “دير الزور تباد” ولا هاشتاغات باسم “أنقذوا دير الزور” انتشرت، ولا صور عن مجازر ولا قبعات بيضاء ولا صفراء ظهرت لتحكي قصة المدينة.
هل من الغريب أن تغيب دير الزور عن أعين المتابعين والمراقبين والمهتمين بالوضع الانساني والحقوقي وكل هـ “الحبشلكات” التي أمطرت سماء مواقع التواصل الاجتماعي ببوستات وصور عن حلب وقبلها عن حمص وغيرها ؟.
بماذا تفرق دير الزور عن حلب حتى لا يهرع ويسرع أصحاب القلوب الحنونة والمشاعر المرهفة الصادقة والعيون الدامعة التي حملت يوما كاميرا وطاردت حتى أعشاب الأرض في حلب وحمص؟.
سلاح الجو السوري الذي يقصف تنظيم “داعش” في دير الزور أليس هو نفسه من يقصف التنظيمات المتشددة في بقية أجزاء الجمهورية العربية السورية؟، لماذا لا تخرج أصوات لتدين هذا القصف كما خرجت يوما لتدين قصف حلب وحمص وادلب؟.
في دير الزور، وعلى حد العلم وكما يقال في الحياة الواقعية أو على مواقع التواصل، يوجد أناس مثلهم مثلنا، لا يفرقون بشيء عنا أو عمن يعيش في بقية سوريا والعالم، يحسون بالجوع والعطش ويخافون ويبكون ويضحكون ويتألمون.
المدينة التي حاصرها تنظيم “داعش” منذ أكثر من ثلاث سنوات لا يستطيع محبو الأضواء والندب والبكاء و”شحادو الانسانية” من الكلام عنها في المحافل العالم لأنها “ما بتجيب مصاري”، تصوروا أن يدافع أحد عن مدنيي دير الزور الذين يواجهون مع عناصر الجيش العربي السوري “داعش”؟، “ما بتجيب حقا الدير”.
وكان التنظيم شن منذ حوالي أكثر من أسبوع، ومازال، الهجوم الأعنف له على المدينة، واستطاعت قوات الجيش العربي السوري استيعاب الهجوم بخسائر أقل من المتوقع، مع نجاح التنظيم بفصل الأراضي الخاضعة ليسطرة الدولة السورية بعد احتلاله منطقة المقابر ليفصل بين الجزئين، والتي أعاد الجيش سيطرته جزئيا عليها.
وتدور حاليا اشتباكات عنيفة بين التنظيم وعناصر الجيش العربي السوري الذي شن هجوما مضادا لاستعادة هذه المناطق، بعد أن استبسلت حامية مطار دير الزور العسكري في الدفاع عنه، ولم يستطع التنظيم الذي تقصفه أكثر من 50 دولة دخول المطار.
يذكر أن مدينة دير الزور، بعد سقوط أغلبية مناطق ريفها بيد تنظيم “داعش”، تتعرض لحصار خانق وندرة في المواد الغذائية جعلت أسعارها ترتفع لتصل لأرقام خيالية، كما تتعرض أحياءها السكنية، الحويقة والجورة والصناعة، لقذائف يومية شبه “ساعية” من “داعش” الذي يستخدم طيارات من دون طيار لقصفها.
ويعاني أبناء المدينة من نقص حاد في كل مقومات الحياة، ولولا وجود المطار العسكري الذي تنقل الدولة عن طريقه الأدوية والحاجات الرئيسية والمواد الغذائية، لكان حال المدينة أشد قسوة مما عليه الآن، مع الإشارة إلى ان انزالات الأمم المتحدة لسلالها الغذائية يساهم أحيانها في سد رمق المدنيين.
تغيب دير الزور عن واجه الأحداث بالنسبة للبكائين والشحاذين حتى من أبنائها الذين يفضلون أن ينساقوا كما بقية “لمامي” المعونات والأموال مع الموضة التي “تطرش”، فمعارك وادي بردى مثلا أهم بكثير من معارك الدير و”بتجيب أكتر”، فلا مظاهرات في الخارج أمام السفارات ولا قبعات بيضاء يروج لها.
ويبدو أن تدمير جسور المدينة السبع يمنع من التواصل مع القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وغيرها من وسائل التواصل، مع أن مدنا غيرها وهي يفترض أنها كانت محاصرة وتقصف بـ “عشوائية” كانت تخرج “أبطالا” واعلاميين من “نمرة” هادي العبدالله وخالد أبو صلاح.
وفي انتظار ما ستؤول إليه المعارك في مدينة الفرات وعاصمة منطقة الجزيرة في سوريا يبقى أمل المدنيين الذين تناقص عددهم بشكل كبير والذين بقوا في دير الزور في أن ينجح مؤتمر استانا فعليا في وقف اطلاق النار بين الدولة السورية وبقية الفصائل، عل السلاح الذي تزودت به التنظيمات المسلحة يتوجه باتجاه صحيح هذه المرة، مع الأمل الدائم المعقود على من بقي في المدينة مدافعا عنها.
علاء الخطيب – تلفزيون الخبر