الخالة أمونة: دود الخل الدرامي السوري منه وفيه
رغم كسر الحصار المفروض على الدراما السورية هذا العام، إلا أنها شهدت انحداراً شديداً على مستوى النصوص والاشتغالات عليها، بحيث بدت إنتاجاتها باهتة، ومن أسوأ إلى أسوأ مع بعض الاستثناءات القليلة.
وكي لا نبقى في إطار التعميمات، اطلعنا على رأي المستشارة الدرامية “الخالة أمونة” التي قالت: دود الخل الدرامي السوري منه وفيه، فبعد التذرُّع بأن عجلة الإنتاج لا تأتي أُكُلَها بسبب مقاطعة المحطات العربية للمسلسلات السورية، وتعليق خيباتها السابقة على شماعة الحرب، ها هي لم تصنع شيئاً مميزاً أيضاً.
وأضافت: في سوريا ليس هناك فكر إنتاجي درامي محترف، وإلا كيف تمت الموافقة على هذه الكمية من النصوص الرَّثَّة والمهلهلة والتي لا تدخل إلى العقل ولا القلب لا بميزان ولا بقبان.
وتتذكر “الخالة أمونة” مقولة “هيتشكوك” بأن “الدراما هي الحياة منقوص منها عنصر الملل”، والتي لا يعرفها معظم كُتاب الدراما، أو يفهمونها بالمقلوب، فلا يختارون من الحياة إلا مَلَلَها وسَأَمَها، ويصيغون وفق ذلك “خزعبلاتهم” الدرامية.
والأنكى، كما توضح المستشارة الدرامية، أن شركات الإنتاج تقتنع بها، والمخرجين يتبنونها بـ”المشايلة” كأنها بضاعة في سوق الهال، ليأتي الممثلون، نجوماً مضيئة ومنطفئة، ليُجسدوا أدوارهم وفق مبدأ “هات إيدك والحقني” من دون أن يلحقهم أحد سوى الجهلة مثلهم.
نسأل الخالة أمونة رأيها في بعض المسلسلات ونبدأها بـ”الكندوش” فتقول: قالوا إن ميزانيته ملياري ليرة، وأنا لا أشتريه بنص فرنك مصدّي، فلا يهمني البذخ الإنتاجي بقدر البذخ الدرامي للحكاية وكيفية تصويرها.
وعن نظيره في البيئة الشامية “حارة القبة” تجيب: مللنا قصص الأمانات الضائعة، وكلنا يعرف أن الأمانة صعبة، (تضحك)، لكن أن يكون أكبر ذروة درامية ناتجة عن رؤية رجل لشعر امرأة، فهذا تسخيف ما بعده تسخيف، والأنكى أن العمل خمسة أجزاء، ونحن متنا من جزئه الأول.
أما رأي الخالة أمونة بالجزء الثاني من “سوق الحرير” فلا يختلف كثيراً، إذ ترى أنه أشبه بباب الحارة: مناكدات النسوان الأربعة، والطلاقات المفاجئة، والبوجقة، والغيرة، حتى الممثلين تشعر بأنهم “يقرفون” مما يمثلونه.
انتقلنا مع مستشارتنا إلى الأعمال الاجتماعية لتخبرنا بأنها الأقل ثقلاً على القلب، ومع ذلك تعتقد أن الفتح الذي حققه “على صفيح ساخن” لا يتعدى بيئة “نبَّاشي القمامة”، مع تشويق متواتر في تصاعده وهبوطه، ورسم مدروس لمصائر شخصياته.
أما “خريف العشاق” كما ترى الخالة أمونة، فيحقق خرقاً رقابياً مهماً، في تصويره لمناخات السلطة في سبعينيات القرن الماضي، والإسقاطات على الحاضر، لكنه مع ذلك بحاجة إلى مشاهد واع لقراءة ما بين السطور، وهذا ما يسبب نفوراً لدى طالبي التسلية المحضة.
وماذا عن “بعد عدة سنوات” و”ضيوف على الحب”؟ تقول: من يشاهدهما يعتقد للوهلة الأولى أنه يتابع مسلسلاً من أيام الثمانينات، فلا رؤية بصرية تخدم الحكاية اللطيفة وتؤجج برودها في بعض المفاصل، وأتوقع أن على مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني أن تعيد حساباتها الإنتاجية.
وتتأسف الخالة أمونة على غياب المسلسلات الكوميدية هذا العام، وترى أن الأعمال المشتركة ما تزال غائمة في هوية المكان والزمان، ولم تحقق جذباً درامياً حقيقياً، رغم تخليها عن الديكورات الباذخة وعروض الأزياء التي كانت سائدة في السنوات السابقة.
وتختم المستشارة الدرامية بالقول: إذا لم تتنبه الدراما السورية للخلل الذي يبتدئ بالنص ويستمر عبر الإنتاج والإخراج والتمثيل وبقية العمليات الفنية، ستبقى في انحدارها، ومع ذلك متفائلة بأن الموسم القادم سيحمل الكثير من الألق بما يوازي المناخ السوري العام.
تلفزيون الخبر