الدكتورة هلا أحمد علي: المجتمع الافتراضي الخيار الأفضل لمحبي العزلة والحرية معاً
اتجه الناس في الآونة الأخيرة نحو مواقع التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، مما زاد الحدود الاجتماعية بين البشر، وجعلهم يتجهون للصداقات الافتراضية التي باتت بديلاً مشروعاً.
قالت الأستاذة الجامعية “هلا أحمد علي” والتي تدرس في كلية الآداب-قسم الفلسفة لتلفزيون الخبر: في الحقيقة لا يمكننا إنكار الأهمية البالغة التي أحرزتها وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحد الذي باتت تنافس سبل التواصل التقليدي المعروف.
وعن العوامل التي لا يمكن تجاهلها في الحديث عن المد الهائل للتواصل الافتراضي، أوضحت علي أن صعوبة التواصل الواقعي في ظل الظروف الاجتماعية كان لها دور بارز في تطور التواصل الافتراضي، فالحرب وما رافقها من تفجيرات وقذائف لم تترك متسعاً أمام الأفراد سوى الهروب إلى ما وراء الواقع أو إلى الواقع البديل خلف شاشات حواسيبهم.
وأضافت: نتج عن الهروب إلى الواقع البديل، عوالم جديدة مهمة، موازية تماماً للعوالم الواقعية بل وتتفوق على الأخيرة في سهولة إحضارها وزيارتها من جهة، وسهولة الخروج منها والانفصال عنها من جهة أخرى، ما أدى لمنح الفرد شعوراً أنه قادر على تناسي أو الاستغناء عن التواصل المباشر الواقعي.
وحول مشروعية البديل الافتراضي، قالت علي: الإنسان هو مقياس جميع الأشياء، وهو الذي يحدد مشروعية هذا البديل الذي أخذ يفصح عن نفسه ويفرض نفسه شئنا أم أبينا، فكان بديلاً مشروعاً ودون قابلية للنقاش الطويل حول هذه المشروعية، فسلطة الافتراض باتت تنافس الواقع بجدارة.
وعن البعد والجفاء الذي سببته مواقع التواصل بين الأفراد، قالت: في الحقيقة، هذا البعد كان ممكناً منذ البداية، وتحولت هذه الإمكانية إلى تحقق، والأفراد يميلون عادة إلى العزلة في أغلب أوقاتهم، والعلاقة مع غيرهم هي أداة وظيفية يرمي من خلالها الفرد إلى تحقيق أغراضه المجتمعية، فإذا تحققت تلك الأغراض تراه يتوقف عن المبادرة.
وأضافت: المسألة الأهم هي الحرية، حرية التواصل، حرية الحوار وحرية البدء والإنهاء، من هنا أسدت مواقع التواصل خدمة كبيرة لمحبي العزلة وهم كثر، وعززت الحرية في خلق فرصة التواصل وإنهائها.
وتتساءل الدكتورة علي: هل هناك حرية أكثر مما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي للفرد؟ وتقول: يخلق الفرد، متى أراد، الحالة الحوارية التي يرغب بها من خلال منشور مكون من عبارة واحدة، ثم بضغطة زر يمكنه الإنفلات من هذا كله، والتوقف عن الحوار، بل وتجاهل كل ما يدور، ثم الخلود الى النوم ضمن معترك النقاش. هذا بصرف النظر عن خيارات الحذف والحظر والإلغاء والحجب التي عززت الحرية وأضفت على العالم الافتراضي سحراً لا يضاهيه سحر العالم الواقعي.
وعن إمكانية عودة العالم لسابق عهده بعيداً عن العوالم الافتراضية قالت علي: العالم لن يعود لا في الحوارات ولا في النقاشات ولا في شيء، وأزمة كورونا زادت الطين بلة، وربما علينا اليوم أن نسلم أن شكل العالم كله تغير وما علينا سوى تقبل وتفهم هذا المد العارم العاصف وإيجاد آليات التكيف معه والإفادة منه.
وختمت الدكتورة علي: لا أوافق على أن العالم الافتراضي مؤثر سلبي، الافتراض كالعالم الواقعي تماماً فيه الجوانب كلها، من ينشد المعرفة سيجدها في العالَمَين، ومن يبحث عن الفن سيبحث عنه مهما كانت السبل، العالم واحد سواء أكان واقعياً أم افتراضياً.
وبين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي يبقى الفرق أنه في السابق كان الفرد ينشغل بالتلفاز والمذياع والكمبيوتر العادي وآلة التسجيل والصحف، واليوم كل ذلك يوفره بغنى وثراء العالم الافتراضي، فمن الطبيعي أن يسلب وقتنا إلى حد بعيد، على حد تعبير الدكتورة هلا أحمد علي.
شذى يوسف- تلفزيون الخبر- اللاذقية