وزيرة تتدخل “شخصياً” في قصة “الكنزة الحمرا” .. هل مرت علينا ١٠ سنوات من الحرب؟
أثارت قضية “الكنزة الحمرا” وما تبعها جدلاً واسعاً في الشارع السوري خلال اليومين الماضيين، وتحولت إلى “ترند” شغلت “السوشيال ميديا”.
واخر ما كان يتوقعه السوريون، هو تدخل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بشخص الوزيرة، في هذه القصة .
ما هي قصة “الكنزة الحمرا”؟
بدأت القصة بعد انتشار رواية على مواقع التواصل الاجتماعي لمُشَارِكَين في ” نشاط الأجنحة (مرميتا- الكفرون) يوم 15/1/2021، اشتكوا فيها قيام جمعية “أنا السوري” التي نظمت الفعالية بتركهم في منطقة نائية بسبب عدم ارتدائهم “الكنزة الحمرا” الخاصة بالجمعية.
وبحسب رواية المشارِكَين في النشاط، فإنه وبعد مسير 16 كيلو متر تحت المطر استمر لمدة ثماني ساعات وصل المتطوعون الى دير مار الياس ليتجهّزوا للصعود الى الباصات حيث قام اثنان من المتطوعين بخلع الكنزة الحمراء والتي كانت مبللة بالماء.
وعلل المشاركون قيامهم بخلع لباس الجمعية (الكنزة الحمرا) بأنهم قاموا بذلك “خوفا من المرض بسبب برودة الطقس في المنطقة”، حيث تدخل أحد المشرفين ووافق على ان يضعوا الكنزة على أكتافهم فقط.
وبعد ذلك بقليل تدخل مشرف آخر وطلب منهم ارتداء الكنزة حيث وقع جدال بينهم فطلب منهم مشرف آخر أن يلبسوا الكنزة وعندما رفضوا قالَ لهم “هي الكنزة بتنحط عالراس مو بتنحط عالكتف”.
وعلى إثر هذه الحادثة، ترك مسؤولو النشاط في الجمعية هؤلاء المتطوعين في منطقة نائية تبعد 32 كيلو متر عن أقرب بولمان الى دمشق وكانت الساعة الخامسة والنصف عصراً، علما أنهم دفعوا بدل النشاط والذي يتضمن الذهاب والإياب، وفق الرواية.
الجمعية “تهاجم” المتطوعين
وبعد يومين من الضجة الكبيرة التي أحدثتها القضية على مواقع التواصل الاجتماعي خرجت الجمعية عن صمتها ونشرت رداً عليها، اشبه بهجوم على المتطوعين.
وقالت الجمعية “إن المتطوعين في أي نشاط للجمعية معرضون لمختلف الظروف المناخية والتضاريس القاسية والتي لا تخلوا من المغامرة، ولذا يقوم المتطوع بتعبئة طلب تطوع شخصي والتوقيع عليه، يتضمن التعهد بالالتزام بالفكر العام ونظام الجمعية”.
وتابعت “خلال النشاط الأخير قام اثنان من المتطوعين منذ بداية النشاط بعدة تجاوزات بحق زملائهم، واستمرت إساءاتهم لتطال الكادر. وتم استيعابهم من قبل إدارة النشاط وتنبيههم عدة مرات لعدم تكرار مثل هذه التصرفات دون نتيجة تذكر”.
وأضافت “استمرت المجموعة بارتكاب المخالفات حيث رفضت علناً الالتزام بارتداء لباس الجمعية في موقع سكني مزدحم، فكان الإجراء المتخذ توجّه أحد الكوادر للطلب منهم الالتزام بلباس الجمعية، فاستمروا برفض ذلك”.
وذكرت الجمعية أنها قامت بـ “إرسال إداري آخر لتوضيح أهمية ارتداء لباس الجمعية ضمن المناطق السكنية، فأصروا بشكل غير مبرر على موقفهم وتجاهلوا توجيهات الكادر مما أثار توتراً في الجو العام”.
وبحسب البيان، فإنه وبعد الحوار والنقاش مع المشاركين ثبت عدم رغبتهم (بالالتزام بنظام الجمعية) فوضعتهم إدارة النشاط أمام خيارين إما الالتزام بالأنظمة والقوانين في حال رغبتهم بالاستمرار ضمن النشاط، أو الانسحاب..، وهذا ما قرروه”.
وجاء في رد الجمعية أن الحدث “تم في بلدة كفرون زريق بالساحة العامة أمام منطقة تجمع وسائل المواصلات المنطلقة إلى محافظة طرطوس، وليس في منطقة مقطوعة”.
ردود افعال مستنكرة لرد الجمعية
بدوره، أثار رد الجمعية موجة من ردود الأفعال، حيث اعتبره البعض متأخراً، ولا يفسر الواقعة، كما استغرب كثيرون لجوء الجمعية إلى مثل هذا النوع من البيانات بدلاً من تقديم الاعتذار وحفظ ماء وجهها.
كذلك، أثارت ردود أفعال وتعليقات بعض المشرفين في الجمعية الذين تفاخروا بالولاء لها والتغني بـ “الكنزة الحمرا” موجة من ردود الأفعال أيضاً.
واعتبر البعض ردود المشرفين استفزازاً لمشاعر الناس والمتضررين آنذاك. في حين اعتبر محبو الجمعية تصرفاتهم رد اعتبار ودفاعا عن جمعية خاضوا معها شتى المغامرات والمُسر والاستكشافات.
وساهم انتشار القضية بفتح ملفات أخرى تتعلق بالجمعية ذاتها، وآلية عملها، والانجازات التي قامت بها منذ تأسيسها حتى الآن، وسط انتقادات لها بـ”احتكار” أعمال استكشافية عديدة من دون تحقيق إنجازات ملموسة، سوى “إعلامياً”
الوزارة “المتفضية” تتدخل
وعلى الرغم من “سطحية” ما جرى، مع كل الاحترام لأطراف القصة، فوجئ السوريون بتخل وزارة الشؤون الاجتماعية إلى التدخل، حيث نشرت عبر حسابها على موقع “فيسبوك” صورة لاجتماع عقدته الوزيرة الدكتورة سلوى عبدالله مع مسؤولي الجمعية والمتطوعين المتضررين.
وذكرت الوزارة أن الحضور ناقشوا الإشكال الحاصل في المسير الذي نفذته الجمعية، كما “جرى خلال الاجتماع توضيح وجهات نظر كلا الطرفين وحل الإشكال الحاصل”.
اللافت في خبر وزارة الشؤون الاجتماعية فقرة جاء فيها أن الحضور وخلال نقاشهم اعتبروا “ردة الفعل المبالغ بها والتي حصلت على مواقع التواصل الاجتماعي غير متوقعة.
ولعل هذه النقطة تحديداً تفتح الباب على مصراعيه أمام آلية تفكير متجذرة في المنظمات والجمعيات التي ماتزال تعيش في “قصر عاجي” وتعتقد أنها “فوق النقد”، خصوصاً في ظل وجود “جوقة” من المنتمين لها يعتبرون أي نقد لها “هجوماً يستوجب الدفاع”.
كما طرح تدخل الوزارة، أسئلة حول الاستعراض التي تقوم به بعض الجهات ومنها الحكوميةعلى السوشيال ميديا، فيما تساءل اخرون “ هل انتهت مشاكل الجمعيات في سوريا وكل تعقيداتها حتى تتفرغ الوزيرة “شخصياً” لحل قضية “الكنزة الحمرا”؟ .
تلفزيون الخبر