“لكَن” الغسيل .. “حدّوتة” حمصية من أيام زمان
![](https://i0.wp.com/alkhabar-sy.com/wp-content/uploads/2021/01/unnamed-6.jpg?fit=500%2C350&ssl=1)
في عصر غسالات الأوتوماتيك، وآلات التنشيف وغيرها يتذكر كبار السن في حمص تلك الأيام الخوالي والتي على الرغم من صعوبتها وقساوتها كانت مليئة بالمحبّة الخالية من أية “مكياجات”.
و الحديث حول هذا الموضوع يأخذ أبعاداً جميلة فيما يخص “لكَن الغسيل”، و هو طبق معدني كبير يتم غسل الملابس فيه، و الـ “لكَن” هنا تُقال بفتح الكاف التي تلفظ مخففة كما يلفظ المصريون حرف الجيم.
الخالة وصيفة اسماعيل من مواليد أربعينات القرن الماضي تقول لتلفزيون الخبر: “كان قديماً يوم الغسيل يوم مشهود و محدّد تقريباً مرّة بالأسبوع، حيث كانت تتفرّغ أمّي معنا نحن بناتها و”الكناين” لغسيل الملابس حول الـ “لكَن”.
و وتتابع الخالة وصيفة: يتم بدايةً غلي الماء بواسطة برميل صغير يُسمّى “القادوس” على موقدة الحطب أو بابور الكاز، ثم نقوم بإضافة هذا الماء إلى ال”لكَن”.
وتضيف “وبعدها نقوم بإضافة برش الصابون و هو رقائق صغيرة جداً من الصابون الزيتي بالإضافة لمّا يُسمّى القرص النيلي ومهمته الحفاظ على لون الملابس و إعطاءها رائحة ذكية ومن ثم نضع الملابس في هذا “اللكَن” و نقوم بدعكها جميعاً”.
و تتابع الخالة وصيفة: كنّا ندندن جميعنا أغان تراثية ونحن نقوم بعملية غسل الملابس، مثل أغنية “سكابا يا دموع العين سكابا” و كنّا نرفع صوتنا بالغناء في المقطع الذي يقول: ( بدّي روح ع حمص العديّة، خدود حمرا و عيون عسلية، يا أمي لو تخطبيلي هيي، لصير شاعر و اعزف عالربابة).
و تابعت: كل تلك العملية بما فيها من خطوات ومهمات وأغان وذكريات كنا نسمّيها اجتماع “لكَن الغسيل”.
نكتة “اللكَن”
ابتسم سليم العباس عندما سمع بموضوع المقال و قال لتلفزيون الخبر: هنالك قصة حمصية قديمة يتداولها الأجداد فيما بينهم حول ال”لكَن”.
وتابع العباس ” وهي أن امرأة تدعى أم جمال قصدت شيخ الكتّاب في الحي ليكتب لها رسالة إلى ابنها جمال الذي يعمل في دمشق، تناول شيخ الكتّاب الريشة و المحبرة و القرطاس و قال لها ماذا أكتب يا أم جمال؟”.
“فقالت له: أكتب أن يبعث لي مالا لأشتري (لكَن غسيل) فاحتار شيخ الكتّاب كيف يكتب “لكَن” لأنه بالكاف تصبح حرف مشبّه بالفعل من أخوات إنّ، و بالقاف تصبح لا معنى لها، فقال لها: يا أم جمال سأعيرك الـ”لكَن” الذي عندنا”.
فقالت له: إذا أستحلفك بالله أن تكتب لابني جمال رسالة محتواها: جارنا شيخ الكتّاب عارنا “لكَن” الغسيل، و عندما تعود بالسلامة من الشام اشتري لي “لكَن” لأنه تعبت من الغسيل دون “لكَن”.
فقال لها شيخ الكتّاب: كنّا بـ”لكَن” واحدة صرنا ب ٣ “لكَنات” .. يا محلى الرسالة الأولى.
ومع تواتر الأزمات و تراجع الخدمات في هذه الأيام أصبح الناس يستذكرون العادات القديمة التي كان الأجداد يمارسونها عند الأزمات.
ويقول أبو جابر لتلفزيون الخبر: نحن نخشى نتيجة انقطاع الكهرباء المتكرر وشبه الدائم أن يعود زمن الـ “لكَن” مع التنويه بأن هذه المرّة لن نغني مع الغسيل “سكابا يا دموع العين” و إنما سنغني “حبيبي قرب قرب آه و نص”.
حسن الحايك-تلفزيون الخبر