العناوين الرئيسيةحلوة يا بلدي

الجامع النوري الكبير في حمص.. قلب “العديّة” الديني ومن أهم معالمها

في صدر مدينة حمص، متوسطاً منطقة الأسواق القديمة، يقع الجامع النوري الكبير، أحد أهم معالم العدية والإسلامية معاً، وأقدمها على مستوى المدينة وسوريا أيضا ً.

ويتربع الجامع النوري الكبير وسط المنطقة الأثرية والاقتصادية، واكتسب بفضل ذلك شهرة واسعة بالإضافة للعديد من الأسباب الأخرى أهمها الطراز العمراني ومعالمه التاريخية الفريدة.

ولأن رمضان يقترن في طقوسه وروحانياته بالصلاة، فقد كان فيما مضى للجامع النوري والأحياء المحيطة به أجواء خاصة في رمضان، قبل أن تنسف الحرب التي مرت على أحياء المدينة الحجر وعادات البشر بشكل كبير.

ويقول أبو محمد (68 عاماً) وهو أحد سكان منطقة جورة الشياح، لتلفزيون الخبر إن: “سكان الأحياء كانوا يتوافدون خلال الأيام العادية إلى الجامع النوري الكبير، فما بالك خلال شهر رمضان، وكان حينها يمتلئ الجامع بالمصلين عن بكرة أبيه”.

لكن الحرب وبكل قسوتها جاءت على منطقة الجامع، وغيرت من عاداتنا وتقاليدنا خلال شهر رمضان، من تحضير أصناف الطعام وحتى في طريقة تعامل السكان فيما بينهم، يشير أبو محمد.

 

 

بدوره، تحدث أحد المعمرين في منطقة الجامع، أن سوقاً شهيراً ملاصق أطلق عليه اسم سوق النوري نسبة للجامع، كما يسمى سوق القوافة، ويعد من أشهر أسواق حمص القديمة ويتميز بوجود العديد من المقاهي مثل الزرابلية والفاخورة.

 

ويقول “محمد فيصل شيخاني” في كتابه “حمص عبر التاريخ”: “اختلفت الآراء والتكهنات حول أصل المبنى الذي يقوم عليه الجامع، إذ يعتقد بعض المستشرقين أن موضعه كان نفس موضع هيكل الشمس أو معبد (إيلا غابال) الذي كانت تتولى تنظيم عبادته أسرة “شمس غرام” التي حكمت حمص، ومع ضعف الوثنية وانتشار المسيحية في حمص، تحول الجامع إلى كنيسة في عهد القيصر الروماني (ثيودسيوس)، ثم حوَّل إلى جامع.

 

“أما الرأي الثاني فيمثله أنصار الاكتشافات المبدئية التي جرت في قلعة حمص، الذين أكدوا أن موضع الجامع كان معبداً رومانياً وثنياً، حول فيما بعد إلى كنيسة اندثرت وبني الجامع مكانها, في حين يقول بعض المؤرخين إن الجامع بني بمنطقة مجاورة للكنيسة وليس جزءاً منها”.

 

ويضيف “شيخاني” في كتابه: “لنور الدين الزنكي الفضل في توسيع الجامع، حيث اهتم بمدينة حمص بصورة عامة، وبجامع حمص الكبير بصوره خاصة، والذي سُمي منذ ذلك الوقت بالجامع النوري الكبير نسبة إليه، فبعد الزلزال الذي ضرب بلاد الشام عام 1157م، رمم “نور الدين الزنكي” ما خرَّبه الزلزال، الجامع بالإضافة إلى توسيعه، وهو ما تؤكده بعض الكتابات الإسلامية المنقوشة على حجارة وُجدت في هذا الجامع”.

 

وأضاف “شيخاني”: “للجامع أربعة أبواب، حيث يتجه مدخله الأول المزخرف بالحجارة المنقوشة، والمميز ببابه الحديدي إلى الناحية الغربية، بين صفوف المحلات التجارية، وكان هذا المدخل بحجارته المميزة وبشكله المنسجم والمعطر بأريج الماضي، يتجه إلى الناحية الجنوبية، ولكن بعد الخمسينيات، نقل إلى هذه الجهة، ويوصل هذا الباب إلى باحة الجامع.

 

أما المدخل الثاني، فيقع على يمين المدخل الأول، وبابه من الخشب المزخرف بالنقوش العربية، ويؤدي مباشرةً إلى حرم الجامع من الجهة الغربية أيضاً، في حين أن المدخل الثالث يواجه سوق التجار ويتجه نحو الجنوب، وينتهي اليه بممر حجري ودرجات هابطة، ويحيط بالمدخل المحال التجارية، ويؤدي إلى الحرم، وأما يتعلق بالباب الرابع، فيتجه نحو الشمال ويتصل بالميضأة.

 

وعن مساحة الجامع وأقسامه، يقول “شيخاني”: “تبلغ مساحة الجامع مع الأبنية الملحقة به \5320\م2، حيث يأخذ الحرم شكلاً مستطيلاً متطاولاً، أما صحن الجامع فيأخذ مساحة تقارب الحرم، وفي قسمه الشمالي مصلى صيفي يأخد نصف مساحة الصحن، وفي المصلى قسم مسقوف ينتهي بقناطر، يحمي المصلين من أشعة الشمس”.

 

“أما في قسمي الجامع الشرقي والغربي، فتجثم قاعات كبيرة حول قسم منها إلى مكتبه وقاعة فخمه للمحاضرات واللقاءات، والقسم الآخر هو عبارة عن قاعة للإفتاء، وإصلاح ذات البين”.

 

الجدير بالذكر أن الجامع النوري وبالإضافة إلى جامع خالد بن الوليد أو كما يُطلق عليه أيضاً “جامع سيدي خالد”، يعدان أبرز مساجد مدينة حمص وأجملها عمراناً، ويحتلان مكانة خاصة في قلوب سكانها.

 

عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى