الأب يقاتل في صفوف الجيش والجهات الرسمية والخيرية تخذل ابنته الباحثة عن ثمن الدواء
تنتظر الطفلة دلع، ذات العشر سنوات، أباها الذي يقاتل في حلب حاملاً معه بعض الحطب لتتخلص من تلك “البطانية” التي تلف بها جسدها الغض، في ركن الغرفة التي تعيش فيها مع جميع أفراد اسرتها.
دلع، التي كانت كرفيقاتها في مدرسة عكرمة المخزومي مادة اعلامية تصور وحشية الارهاب الذي ضرب مدرستي عكرمة المحدثة والمخزومي، باتت اليوم نسياً منسياً، لا أحد يعبأ لصحتها ولظروفهم المعيشية السيئة رغم الوعود الكثيرة التي تلقتها في المشفى.
مراسل تلفزيون الخبر، الذي زار الأهل في “غرفتهم” الواقعة في حي عكرمة القديمة، نقل اعتذار الأم من عدم وجود وسائل تدفئة في الغرفة التي يسكنون فيها، واستمهلتنا قليلا لتقديم الضيافة فغابت لبضع دقائق وعادت وبيدها “ظرف قهوة”، وقد تكون استدانت ثمنه.
وتحدثت الأم بفخر عن زوجها محمد المحمد مبينة أنه تطوع للقتال لصالح الجيش العربي السوري في بداية الحرب على سوريا، مضيفة أنه شارك في معارك من مهين إلى تدمر ومن ثم ادلب وحلب، وأصيب بالغازات السامة التي أطلقها عليهم مسلحو البياضة في حمص.
الأم فاتن ابراهيم، أم علي، قالت لتلفزيون الخبر “أعيش مع ابنائي الخمسة في غرفة مستأجرة، فيدرس جميع الأبناء فيها، ونتبادل الأحاديث والأحلام بالغد الذي يحمل لنا الدفء مع عودة أبيهم سالماً من المعركة”.
وشرحت أم علي قصة دلع، الطالبة في الصف الرابع، قائلةً “بتاريخ 1/10/2014 حدث تفجير مزدوج قرب مدرسة ابنتي، عكرمة المحدثة، فأصيبت بشظايا في الرأس والصدر والساق”، مضيفة “تم اسعافها إلى المشفى للمعالجة الإسعافية، وتم انتزاع معظم الشظايا باستثناء شظيتين في الصدر والرأس، وبدأت حالتها بالتحسن تدريجياً مع استخدام الادوية”.
وأكملت أم علي “بعد تعافي دلع كرمتنا بطركية الروم الارثوذكس برحلة الى مشتى الحلو لمدة أسبوع، والتي حملت برنامجاً للدعم النفسي للأطفال المصابين في التفجير الارهابي الذي طال المدارس”.
وتابعت أم علي “في هذا العام أغمي على الطفلة مجدداً فقمت بنقلها إلى إحدى العيادات الخاصة ومن ثم أجريت لها تصوير طبقي محوري وتخطيط دماغ على حسابي الشخصي ومن أموال استدنتها من معارفنا، فتبين أن دلع تعاني من وزمة دماغية وتحتاج الى ادوية بكلفة 30 ألف ليرة شهرياً”.
وأضافت أم علي بحسرة “لم أتمكن من شراء الأدوية لأن راتب زوجي المقاتل لا يكفينا ثمن طعام فاتجهت إلى محافظة حمص وقابلت عدنان ناعسة، الذي أبدى اهتماماً بحالتي وقام بإحالتي إلى صندوق “عافية الخيري”، وتابعت “ولأن الصندوق لا يدعم إلا الأعمال الجراحية أعاد توجيهي إلى الشؤون الاجتماعية والتي بدورها أحالتني إلى جمعية الانشاءات الخيرية”.
وأوضحت أم علي “رفضت طبيبة الجمعية أن تعطيني الأدوية بشكل دائم وصرفت لي جزء من الدواء يكفي لمدة 3 أيام وقالت راجعي الجمعيات الخيرية في حيكم”.
واتجهت أم الطفلة دلع إلى مشفى العيادات وهناك سمع المساعد صقر السايس، الذي يعمل في تنظيم الضبوط في المشفى، بقصة ابنتها فجمع مبلغ 30 ألف ليرة منه ومن أهل الخير وقاموا بشراء دواء لدلع لمدة شهر، وبعدها علم العقيد تمام الخضور بقصتهم، وهو الضابط الذي نقل عائلته إلى منزل مستأجر في حمص بعد أن حرق المسلحون منزله في حلب، فدفع جزء من راتبه، ومن لقمة أهل بيته كمساعدة لدلع، بحسب أم علي.
وتابعت أم علي “راجعت الهلال الأحمر في عكرمة بهدف الحصول على الدواء بشكل دائم فأعطوني ورقة للحصول على سلة غذائية رغم أنني شرحت حالتي فالرز والبرغل والمعكرونة ليست حاجتي”، وأوضحت “قلت لهم إن حاجتي الأساسية هي الاشراف الطبي على حالة ابنتي وثمن الدواء فقط”.
وبين الجهات الرسمية وبين الجهات الخيرية تظل الطفلة دلع وأمها، في ظل غياب الأب القسري لخدمته في صفوف الجيش العربي السوري، يبحثان عن ثمن أدوية للطفلة التي أصيبت في انفجار مدرسة عكرمة الذي “ما ضل حدا ما تبروظ وتاجر فيه”.
محمد علي الضاهر – حمص