في يوم المسرح العربي.. “الخالة أمونة”: أبو الفنون يعاني من شيزوفرينيا وإحراقات متكررة
احتفل المسرحيون بيوم المسرح العربي في العاشر من الشهر الجاري، وبهذه المناسبة الخاصة التي بدأت فعالياتها عام 2008 كان لنا لقاء مع المستشارة المسرحية “الخالة أمونة” لنتعرف على أبرز آرائها في مآلات أبي الفنون عربياً.
بدأت “الخالة أمونة” حديثها بالقول: “أظن أن أزمة المسرح العربي هي “أزمة فهم تلك الأزمة”، بمعنى عدم القدرة على تشخيصها بدقة، فالبعض يبحثون عن سبل التأصيل، وآخرون تائهون في الشكل على حساب المضمون، وفئة ثالثة لا تعرف “ساسها من راسها”.
وتضيف: واقع أبي الفنون في سوريا مزرٍ على أكثر من صعيد، أولاً عدم وجود عدد كافٍ من المسارح، واقتصارها على القباني والحمراء ومسرح العرائس والقاعة متعددة الاستعمالات في دار الأوبرا، وفي المحافظات بضعة مسارح مهلهلة إلى جانب مسارح المراكز “الثقافية الباطونية” غير الصالحة للمسرح من أساسها.
وثانياً، الأجور المتدنية للعاملين في المسرح، بحيث هجروه من غير ندم، إما إلى التلفزيون أو السينما أو الدوبلاج، إلا من يحمله شغفه الحقيقي للعمل بغض النظر عن أجره، علماً أن الخشبة هي ميدان الممثل الحقيقي وليس وراء الكاميرات.
تقول الخالة أمونة: إن مجرد نظرة إلى ميزانية مديرية المسارح، وقبل ذلك الانتباه إلى عدم الرغبة بتحويلها إلى مؤسسة عامة، كي لا تزداد ميزانيتها، يعكس الرؤية الضيقة لوزارة الثقافة تجاه دور المسرح، بعد أن كان ميداناً رائداً في تثوير الواقع الثقافي عموماً.
الصعيد الثالث الذي تحدث عنه المستشارة المسرحية هو الافتقار إلى نصوص مسرحية معاصرة، تلامس قضايا المواطنين، والاتكاء على ترجمات وإعدادات بائسة لنصوص أجنبية، بحيث تبدو تلك الأعمال وكأنها تعاني من فصام مع الواقع والجمهور، أو يمكن أن نسميها “شيزوفرينيا مسرحية”.
تقول “الخالة أمونة”: للأسف لم نحظَ في سوريا حتى الآن بكاتب من وزن “سعد الله ونوس” مثلاً، استطاع أن يكسر الجدار الرابع مع الجمهور، ويماهي قضايا الواقع في مسرحياته، ويخلخل السائد، مع التأكيد على إمكانية وجود مسرح عربي أصيل.
وتضيف: “ونوس” سخَّر التراث لخدمة القضايا التي أثارتها أعماله، واتكأ على حكايات من التاريخ، لكنه كان ماهراً في إعادة توليفها لتنبض بالزمن الحاضر المستمر، على عكس الكثير من التجارب التي ظلَّت أسيرة الوقائع الصغيرة التي لا تهم الجمهور.
وتوضح “الخالة أمونة” أن المُفجِع في المسرح السوري هو أن وضعه البائس لم يُثر حفيظة أي من وزراء الثقافة الذين تتالوا على هذا المنصب منذ عقود، ومعظمهم تعامل معه من مبدأ “ابعد عن الشر وغنّيله”، وتالياً أمعنوا في تأصيل مشاكله، بدل تأصيله هو بحدث ذاته.
أما ما يتعلق بهواجس المسرحية الحقيقين، وهمومهم، تقول “الخالة أمونة”: يبقيها المسؤولون حبيسة الأدراج، وفي أيدي الجهلة، الذي يُباهون بعدد العروض التي تتحقق كل عام، بعيداً عن النوع، وعن تفاعل الجمهور معها، علماً أنهم يخرجون منها إما منزعجين من الرداءة، أو خاليي الوفاض من أي فكرة قيمة.
وتختم الخالة أمونة بيانها المسرحي بالقول: مسرح أبي خليل القباني تعرض للحرق مرتين على أيدي المتزمتين وكارهي الجَمال، وكل الخشية أن الإهمال الذي يعاني منه المسرح السوري الآن سيؤدي إلى إحراقات متكررة ما لم يتحرك أحد في سبيل إنقاذه.
بديع صنيج- تلفزيون الخبر