محليات

في العيد.. حديقة السلطان إبراهيم في جبلة تستحضر ذكريات الماضي الجميل

العيد في مدينة جبلة يعني أن يجتمع الأهل والأقارب ويصطحبوا أولادهم إلى حديقة السلطان إبراهيم القديمة بقدم المدينة، والتي لطالما كانت المكان الذي يستقطب الجميع.

و ينعش العيد في تلك الحديقة مجموعة ذكريات جميلة يحملها أهالي جبلة من عيد إلى عيد ويغمرهم بالحنين إلى أيام الطفولة، وبين دمعة وابتسامة يكرر العيد نفسه ولو مع لحظات مختلفة لا تشبه ذكريات الماضي الجميل.

منذ خمسين عاماً وربما أكثر، تختصر حديقة السلطان إبراهيم كل ملامح العيد من “لمّة” الأهل إلى أصوات الأطفال التي علت بين ضحكات وترديد أغاني وإلى الذكريات العتيقة التي تعرّش في أذهان وأفئدة أهالي جبلة.

تقول أم محمد التي تجلس إلى إحدى الطاولات في الحديقة هي وأولادها وأحفادها لتلفزيون الخبر: “منذ خمسين عاماً كان أبي وأمي يصطحبوني إلى الحديقة في العيد، فالعيد في جبلة يعني المجيء يومياً إلى حديقة السلطان إبراهيم”.

وأضافت: “في وقفة العيد كان الأهل والأقارب يتفقون فيما بينهم ماذا سيحضر كل واحد للمشاركة في إعداد الغداء من مشاوي وتبولة وسلطات وعصائر، فيما كنا نحن الصغار نلعب بالمراجيح والقلابات التي كانت حينها خشبية ليس كما هي اليوم معدنية”.

أبو محمد يقول: “العيد في طفولتنا كان يعني لنا الملابس الجديدة و”العيدية” والحلويات المختلفة من السيوا إلى الغريّبة والمعمول التي كانت تعدّها أمي في المنزل، وفي الخارج كانت المأكولات والمشروبات مثل الفولة والترمس والهيلاطية”.

و تابع: “كان يقام العيد في حديقة السلطان إبراهيم حيث تنتصب المراجيح والقلابات الخشبية، وبقي الأمر على هذا النحو لفترة طويلة ولم يحدث أي تطور يذكر، إلا في نهاية السبعينيات حيث تم جلب حيوانات مختلفة ووضعها في خيم مغلقة، لكن التطور النوعي كان من خلال إحضار سيارات كهربائية صغيرة شكلت ثورة بالنسبة إلى الألعاب التقليدية”.

وأردف أبو محمد: “كان الدخول إلى السينما من الطقوس والتقاليد التي لا يكتمل العيد بدونها اذ كنا نتزود بكمية مهولة من بزر الميّال دوار الشمس، ونتجمع في صالة الانتظار على الإيقاعات الصاخبة لأغاني عبد الحليم وخاصة “زي الهوى” وقلوبنا تكاد تنخلع إن كان من الموسيقى الصاخبة أو من رهبة الإنتظار لفتح الأبواب والدخول إلى هذا العالم السحري”.

وعن الاختلافات بين العيد اليوم والعيد في الأمس، يؤكد أبو محمد أنه “عدا عن تطور الألعاب من خشبية إلى معدنية ودخول ألعاب جديدة فقد تغيرت الأهازيج التي كان يرددها أصحاب الألعاب والأطفال مثل: “يا ولاد محارب شدوا القوارب قوارب زيني شغل الفلينة” أو “بكرة العيد ومنعيّد ومندبح بقرة السيّد والسيد ما لو بقرة مندبح مرتو هالشقرا”.

أم يوسف لها ذكريات في حديقة السلطان أبعد من ذكريات عيد و”لمّة” أهل، إذ قالت لتلفزيون”لخبر: “زيارة حديقة السلطان طقس أساسي من طقوس العيد كمعايدة الأهل والأقارب، حيث كان أهلي يصطحبونني أنا وأخوتي إلى الحديقة منذ أن كنا صغاراً وحتى بعد أن كبرنا وأصبحنا شباباً”.

وأضافت: “أجمل ما حدث معي أنني تعرفت على أبو يوسف هنا في الحديقة، فقد كان بين أهلي وأهله معرفة قديمة، حيث طلب والدي من والده أن يجلسوا معنا ثم حصل إعجاب بيني وبين أبو يوسف وبعد ذلك “تم النصيب”.

بينما أكد أحمد عتّال مثبوت أن “للحديقة رمزية كبيرة عند كل شخص من أهالي جبلة كرمزية جامع السلطان إبراهيم، كما لها ذكريات محفورة في أعماق الجميع لأن الصغار كبروا على أراجيح الحديقة الخشبية”.

وتابع “عززت هذه الحديقة أواصر المودة بين الأصدقاء والأقارب وهم جالسون على المقاعد أو على الأرض يحرسون ضحكات أطفالهم ويتجاذبون أطراف الحديث الذي يبدأ بذكريات طفولتهم في الحديقة وينتهي بالحديث عن حال العيد اليوم وكم مرت سنين تغير فيها الجميع ولم تتغير حديقة السلطان التي ستبقى كما يؤكد أنور رمزاً عتيقاّ للمدينة”.

طارق عبد الرحمن داؤود صاحب بسطة العاب أمام باب الحديقة، يقول لتلفزيون الخبر “في كل عيد أبيع الألعاب أمام الحديقة التي تعد التجمع الوحيد والتقليدي لكل سكان مدينة جبلة”.

وأضاف: “حركة السوق اليوم سيئة ليست كما كانت عليه في السنوات السابقة، عازياً السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الألعاب، معرباً عن تفاؤله أن يتغير الحال في ثاني أيام العيد”.

كما أوضح داؤود أنه “منذ أن كان صغيراً لم يمر عيد دون أن يقضي كل وقته في الحديقة التي كانت تجمعه مع رفاقه وأهله”.

ويقول الطفل عبد الله دوبا وهو يتنقل بين لعبة وأخرى: “العيد يعني حديقة السلطان من أول ما وعيت ع الدنيا وأهلي بيجيبونا لهون.. ما في بالدنيا أحلى من العيد هون .. فيها كل الألعاب والأكلات الطيبة”، مضيفاً “وأحلى شي أنو كل رفقاتي بالمدرسة بالحديقة وعم نلعب سوا”.

من عيد إلى عيد تستحضر حديقة السلطان إبراهيم ذكريات أجيال وتبني ذكريات أجيال أخرى، فعلى مقاعدها العتيقة شريط صور متسلسل وحكايات طويلة لها بداية وليس لها نهاية إلا أنها تحكي قصة العيد في مدينة جبلة.

صفاء اسماعيل- تلفزيون الخبر – جبلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى