العناوين الرئيسيةمحليات

ساحات العيد الشعبية.. جزء من ذاكرة الدمشقيين ..هل ستصدح هذا العيد ؟

احتلت الساحات الشعبية في مدينة دمشق على مدار أكثر من مئة عام مكاناً رئيسياً ضمن طقوس الأعياد لدى الأطفال، حتى باتت جزءا من ذاكرة شباب اليوم ورجاله، يستذكرون أيامهم فيها ويتمنون عودتها.

وعلى مدى الأعوام تستقطب هذه الساحات أعداد كبيرة من الأطفال بين أزقتها للعب واللهو فرحين بملابسهم الجديدة منتظرين “المرجوحة” و”القليبة” وأكلات العيد مثل “الغزلة ودبوسك يا ولد البغاجة والبطاطا المقلية”.

وكان يبدأ طقس العيد سابقاً خلال ليلة “الوقفة” بتجمع الأطفال والكبار على أنغام أغنية “يا ليلة العيد أنستينا” لمساعدة الأمهات بصنع “محلي العيد” ثم بعد ذلك يذهب الأطفال لترتيب ملابسهم الجديدة ووضعها بجانبهم أثناء النوم.

ومع بزوغ فجر يوم العيد يستيقظ الدمشقيون كمعظم السوريين لإحياء صلاة العيد ثم زيارة قبور ذويهم ليصار بعدها لتبادل زيارات العيد بين الأقارب “وجمع العيادي غاية الأطفال النبيلة.”

وينطلق الصغار بين الحارات بحثاً عن ذاتهم التي يجدونها في ألعاب العيد وأهازيجه مثل “يا ولاد محارب لولوه” أو “اليوم عيدي لولوه ولبست جديدي لولوه”.

وكانت ساحات دمشق الشعبية تُعتبر الحضن الأوسع لهؤلاء الأطفال خلال أيام العيد ومن أشهر الساحات ساحتي “بئر التوتة” في حي المهاجرين وساحة الشيخ محي الدين في حي الشيخ محي الدين.

وقال سمير الحاج مهندس الكترونيات من أبناء حي “بئر التوتة” لتلفزيون الخبر “كنا نستنا يوم العيد..كنا نحسو هو اليوم الوحيد لي نحنا كلنا فيه الملوك وبدو يصير لي بنحبه وبس ننزل علحارة نلعب شي بالسفينة وشي بالدويخه والقليبة نغني ونفرح بكل جنان الأطفال كأنو مافي يوم غير اليوم لنلعب خلاله”.

وتابع سمير “الله يعين ولاد اليوم ما بيعرفوا شو يعني عيد اليوم كلشي تغير المرجوحة الخشب لي بنص الساحة لي بيركب فيها الغني والفقير صارت الكترونية وبصالة مغلقة وسعرها غالي كتير “.

وأضاف”حتى اكلات العيد لي كانوا يحذرونا منها كانت طيبة اليوم هادا الجيل ما بيعرفها، بيعرف النوتيلا والكريب لي اصلاً ٩٠% منهم ما بيقدروا يشوفوها الا بالصور”.

وتقول سُهيرة أم لثلاثة أولاد “في معمعة الغلاء وتراجع الوضع الاقتصادي أصبح يوم العيد يوم مخيف لمن هم بمثل وضعنا حيث الأسعار تغيرت والساحات التي شكلت جزء من طفولتنا والتي كانت تناسب وضعنا المالي تم إلغاؤها”.

وبغصة كبيرة تكمل سهيرة “كيف يمكن لنا اليوم تأمين مستلزمات حلو العيد أو ثيابه حتى بطاقات الدخول لأماكن العيد المخصصة أصبحت بحاجة لراتب شهر كامل”.

“كانت ساحة الشيخ محي الدين عجقة وما تهدي وكلها ولاد وألعاب وفرح” يقول محمد هذه العبارة مع نصف ضحكة على وجهه تختصر كل الحنين.

ويتابع “عم اضحك لان كل ما بتذكر يوم العيد بتذكر أيام ما كان عنا فيها هم كل القصة عيدية وبدنا نصرفها لك والغريب كانت توفي معنا اكل ولعب..اليوم الأسعار مخيفة مخيفة كتير.انشالله ترجع هالساحات لصخبها الماضي”.

وكانت أعلنت محافظة دمشق عبر صفحتها الرسمية على “فيس بوك” خلال عيد الفطر الماضي منع إقامة ساحات الألعاب الشعبية في جميع الأماكن التي كانت تقام فيها في السنوات الماضية وذلك لمنع تفشي فيروس كورونا

ولاقى هذا القرار استهجان عدد كبير من الدمشقيين حيث تم منع ساحات الألعاب الشعبية التي تتناسب ومقدرة شريحة أصحاب الدخل المحدود، بحجة منع تفشي كورونا إلا أنه سُمح للمولات الكبيرة ومدن الملاهي بفتح أبوابها لاستقبال المواطنين في العيد والتي “تكسر ظهر” المواطن جراء أسعارها.

واعتبر ناشطون أن هذا القرار كان يجب تطبيقه على كل التجمعات إذا كان الهدف منه ضبط تفشي كورونا، أما تواجد الأطفال بالساحات الشعبية المناسبة لقدرتهم الاقتصادية يزيد من تفشي الفيروس، والسماح للصالات “ذات الأسعار الفلكية “باستقبالهم لا يزيد كورونا، فهذا يستدعي تساؤلات كبيرة حول الغاية من القرار والمستفيدون منه”.

يذكر أن المواطن السوري يعاني خلال سنوات الحرب عموماً والعام الأخير على وجه الخصوص ضائقة اقتصادية وحياتية كبيرة جراء غلاء الأسعار وغياب مقومات العيش الكريم، وذلك نتيجة العقوبات الغربية من جهة، وتراخي الحكومة ومن خلفها المسؤولين عن إيجاد حل فعلي ينقذ المواطن ويحقق له أقل متطلبات الحياة.

جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى