العناوين الرئيسيةحلوة يا بلدي

رغم مرارها حلوة.. طقوس صنع “المربى” في سوريا باتت كالنارنج

من يعرف طعم النارنج الحلو المر في آن معاً، يعرف كيف سيتمكن السوريون بانتزاع مونتهم من عصب الحالة الاقتصادية والتلذذ بها خلال الموسم الشتوي.

اعتاد السوريون على تحضير “المونة” لموسم الشتاء، خلال هذه الفترة الموسمية من السنة، كالملوخية والبامية والبازلاء، وحتى المربيات، لكن، هذا العام لم تتمكن كثيرٌ من العائلات السورية من تخزين المونة بالكميات التي اعتادت عليها، وذلك من باب التقشف وضغط المصاريف.

من الفواكه والخضار وحتى الأزهار، تبدع السيدات السوريات بتحويل أصناف طعام من شكل لآخر، حلو أو مالح، ولطالما أبدعن في صنع أصناف من المربيات وابتكار أصناف جديدة.

ارتفاع سعر السكر العنصر الأساسي في صنع “المربى” والذي وصل إلى 1200 ليرة في محلات معينة، دفع العديد من ربات الأسر السورية للعودة إلى العادات القديمة في تصنيعه بالمنزل، فكل شيء قابل أن يتحول إلى “مربى”.

Image may contain: drink and food

المشمش والكرز، التين والفريز والنارنج، التوت والبرتقال، والباذنجان والورد، والقائمة تطول، فعلى مد النظر يحوي السوق أصناف طعام قد لا يخطر ببالك أنها ستصبح “مربى” ويتحول طعمها من مالح مثلاً إلى حلو، كالباذنجان.

Image may contain: food

ويحظى مربى الباذنجان بشعبية كبيرة في سوريا، وموسم صناعته يكون في أشهر تشرين الأول والثاني، “وكلما كانت حبة الباذنجان ناعمة وصغيرة، يكون أفضل للمربى”، تقول السيدة إلهام لتلفزيون الخبر.

وتوقعاتها بطرح الباذنجان بسعر مرتفع بالتزامن مع ارتفاع سعر السكر الحاصل، وخوفها من عدم تأمين جرة الغاز في الوقت المناسب، هي الأسباب التي قد تمنعها من صنع مربى الباذنجان هذا العام، مضيفة: “قد أصنع كمية قليلة لمواكبة الطقوس فقط”.

من الورد البلدي ذو اللون الزهري، تصنع السيدات في سوريا مربّى الورد، كما تشرح إحدى السيدات لتلفزيون الخبر، وهي ربة منزل: “يتم تحويل هذه الوردة إلى مربّى في الصيف، وتموينها في “مطربانات” وحفظها للاستهلاك في الشتاء”.

Image may contain: drink and food

وتضيف السيدة: “صناعة مربى هذه الوردة يبدأ في شهر أيار حين تبدأ الوردة بالإزهار، معلنة بدء موسم حصادها، ولكن هذا العام لم نستطع صناعة كميات كبيرة منها بسبب ارتفاع سعر السكر بشكل جنوني سرق حلاوة الوردة وحولها لمرار”.

وبالنسبة لمربيات الفواكه، فتُعدّ صناعة المربى من أفضل طرق استغلال الفائض من محاصيل الفواكه حتى لا تفسد مع مرور الوقت، فالمربى إحدى طرق حفظ الفواكه وتحويلها من شكل إلى آخر، بحسب ما تقول السيدة أم أحمد، ربة منزل، لتلفزيون الخبر.

تقول السيدة أم مازن “ارتفاع أسعار المربى ذو الجودة الممتازة، دفعني لصنعه على الطريقة القديمة، ولكننا هذا العام لم نشاهد كميات من الفاكهة التي اعتدنا على تصنيع المربى منها ولا سيما المشمش، والذي إن وجد تكون أسعاره مرتفعة.. ليس أقل من 800 ليرة”.

Image may contain: food

واستطردت السيدة قائلة: “اعتدنا على نشر “صواني” من المشمش على الشرفات والأسطح خلال الصيف، هذا الصيف لم نر هذا المنظر الذي كان يوصل للفم طعم المربى دون تذوقه حتى”.

وتتابع بالقول: “أصبحت أبحث في السوق عن الفواكه الذابلة التي تكون أسعارها منخفضة ولا تحتاج إلى طبخ كثير كي أصنع منها المربى، وكأن لكل زمن مربى خاص به”.

على عرش المربيات تتربع ثمرة النارنج الدمشقية التي لطالما زينت شجرتها منازل دمشق القديمة، وهي الثمرة التي لا تكلف كثيراً لتحويلها لمربى.

وهنا تقول السيدة نادية: “اعتدت أن أوزع على جيراني قليل من النارنج من شجرتي، وهنا تكلفة السكر المرتفعة قد تكون مقبولة طالما أن النارنج هدية”.

Image may contain: food

أم محمد سيدة تبتاع مربى من إحدى المحال تقول لتلفزيون الخبر: “اختفت من الأسواق النوعيات الممتازة، إذ كنا نشتري 900 غ من مربى الفريز النوع الممتاز بـ175 ليرة، وبعد فترة أصبح المنتج ذاته من الشركة ذاتها وبالحجم ذاته بـ700 ليرة، واليوم لا يباع بأقل من 2000 ليرة”.

“السكر أضفى نكهة المرار على طقوس المربى هذا العام”، تتحدث السيدة أم محمد عن ارتفاع الأسعار وخاصة السكر، مضيفة أن السوريين مجبرين على “تقنين المربى أيضاً” نتيجة سوء الحالة الاقتصادية.

فإلى جانب التأكيد على أسعار الفواكه والتي كانت مرتفعة في مواسمها هذا العام، أجمعت السيدات السوريات على أن السكر (العصب الرئيسي للمربيات) هو سبب حرمانهم من لذة هذا الطقس، وطقوس أخرى.

Image may contain: food

فمقارنة مع العام الماضي حين كان سعر السكر 200 ليرة، وكيلو الفواكه ذو الجودة العالية بحدود الـ300 ليرة، بات اليوم سعر السكر لا يقل عن 1000 ليرة سورية وكيلو نوع مقبول من الفواكه لا يقل عن 500 ليرة سورية، فتكلفة مطربان منزلي من المربى، ترقى لتكون نفس تكلفة المعبأ بالمعامل.

غنوة المنجد – تلفزيون الخبر

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى