محليات

“ثلاث ثوانٍ” لميار ألكسان وحور ملص.. أن تُراقِصَ مناماتك على الخشبة

“في هذا العصر، باتت الأحلام المكان السري الوحيد الذي يملكه الإنسان، فهو المكان الذي يغض فيه الرقيب البصر، ولو بشكل جزئي، تاركاً المساحة لجميع الرغبات المكبوتة، والذكريات الساحقة، والأحداث اليومية لتتزاوج وتصنع في كل ليلة فيلمها السحري الخاص”.

بهذه العبارات يُعرِّف فريق عمل عرض الأداء الحركي “ثلاث ثوانٍ” عن اشتغالهم المسرحي، مضيفين على البروشور بأن “العرض هو محاولة لغور خبايا هذا العالم من خلال الجسد والضوء، ولأخذ الجمهور في رحلة ضمن دهاليز الرأس الضيقة والحميمة”.

ويجمع العرض بين الأحلام والكوابيس، وبين وردية المنامات و”متلازمة الجنية العجوز” أو”الرابوص”، ضمن رؤية بصرية توائم بين قيود الجسد وحريته، بين استلاباته المتكررة من خلال الخوف، وانطلاقاته المديدة بسبب الجرأة والتحرر من الواقع.

يستخدم العرض مفردات الواقع، لكنه يقوم بترميزها بأقصى درجات الكثافة الدرامية، لذلك تمر 45 دقيقة بسلاسة فائقة، مع أنها تحكي عن ثلاث ثواني هي متوسط مدة المنام الفعلي، بحيث أنه من النادر تطويل زمن الواقع على الخشبة من دون ملل، لكن امتيازات السبك هنا قامت بالمهمة الصعبة.

والجميل جداً هو التأليف الموسيقي الخاص بالعرض لـ”عبدو عنيني” إلى جانب “ياكوزان”، بحيث تؤسَّس الثيمة الموسيقية على جُمَل من التراث لا تلبث أن تتوغل في مناخاتها الخاصة، تاركةً لإضاءة “طاهر سلوم” أن تُكمِل مُعادلة الحلم على الخشبة بمواءمة الظل والنور على جسد المؤدية “حور ملص”.

بدأ التفكير بـ”ثلاث ثوانٍ” عام 2017 كما قال المخرج “ميار ألكسان” لتلفزيون الخبر إذ كان اشتغاله مع “ملص” على ثيمة الوحدة، ومحاولة خلق كاريكتر من تفاصيل حياتنا، وبعد أن تم ذلك انتقل التفكير إلى سؤال: “إن كانت تلك الشخصية ستحلم، كيف سيكون شكل أحلامها، وكيف يكون عالمها حين ذاك؟”

يضيف “ألكسان”: “فكرتنا الأساسية أن المنام هو المكان السري الوحيد الذي بقي للإنسان في هذا العالم ضمن شكل الحياة الجديدة الذي نعيشه”، لذا بدأ ثنائي عرض “معلَّق” أرشفة مناماتهما على مدار 4 أشهر، وتحليلها والتفكير كيف يمكن أن تتحول إلى صورة وما معناها؟ وكيف من الممكن أن تصنع سلسلة بلحظة من اللحظات؟

وبعد الوصول إلى لغة مشتركة بين الإخراج والكريوغرافر تم عرض المشروع لأول مرة في غرفة نوم “حور” الحقيقية، وكان الجمهور يأتي إلى بيتها، بحيث أن كل يوم يحضر 8 أشخاص فقط، وكل مفردات العرض هي من أغراض بيتها الفعلية، أو أغراض تم إحضارها لمعناها الخاص بالنسبة لكليهما.

يقول ميار: بعد فترة بدأنا التفكير بكيفية تحويل هذه السينوغرافيا لتحمل معانٍ أخرى، وكان العرض ضمن تصنيف “زيرو بدجيت بيرفورمانس”، لذلك جاءت العلاقة مع الإضاءة والتقشف في كل شيء مرتبطاً بهذا القرار.

من جهتها “حور ملص” أوضحت أنه بعد العرض في غرفتها، أخذت مع “ميار” قرار التعمق أكثر والبحث بشكل أكبر في موضوعة الأحلام، وفق المنطق السريالي، حيث المكان غير محدد، والأشخاص كذلك، والأشياء جميعها وجودها يمكن أن يكون سريالي دون هدف حقيقي.

وأضافت: عملنا أيضاً على عدة أنواع من الأحلام سواءً الحميمية أو الكوابيس أو الرابوص وغيرها، مما يمكن أن يدور ضمن رأس الشخصية التي تناولها العرض، حيث كنا نكتب أحلامنا بشكل دوري، ونحاول أن نستخرج منها صورة بصرية، ولغة حركية معينة.

“أستطيع القول أن الأحلام تخص كل البشر على هذا الكوكب، باعتبار أنها شيء مشترك بين الجميع، وفي الوقت نفسه تحدثنا عن الطموحات، وعن الأحلام المكسورة التي ظلت عالقة في ذهن الشخصية على شكل حلم فقط، فكان هذا العرض هو النتيجة النهائية لعملنا وبحثنا الطويل” تقول “حور”.

يذكر أن عرض “ثلاث ثوانٍ” هو العرض الثاني المشترك بين المخرج “ميار ألكسان” والكريوغرافر “حور ملص” بعد عرض “معلَّق” الذي قدماه العام الماضي ضمن المعهد العالي للفنون المسرحية.

 

بديع صنيج- تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى