العناوين الرئيسيةصحة

التأمين الصحي الإلزامي في سوريا: مشاكل بالجملة وحلول “ترقيعية” مربحة

راجع موظف في إحدى الجهات الحكومية في اللاذقية أحد المشافي الخاصة في اللاذقية المتعاقدة مع شركات التأمين الصحي، بحالة اسعافية، اقتضت إقامته ليلة واحدة في المستشفى، ليفاجأ في اليوم التالي بوجوب دفع تكاليف لم تكن بالحسبان.

الموظف وبالرغم من خصم مبلغ 3000 ليرة سورية شهرياً من مرتبه لقاء خدمات التأمين،فوجئ بأن التأمين لايغطي تكاليف المستشفى، على عكس ما هو منصوص في اشتراكه.

وقال الموظف، لتلفزيون الخبر “راجعت المشفى وأقمت لليلة واحدة، بحسب رأي الطبيب المختص لتحضيري لإجراء التنظير، لم يكن لدي أية مشكلة، فبطاقتي تغطي 90% من تكاليف المستشفى، وكوني لم أستخدمها سوى مرة واحدة فقط طيلة فترة عملي، وأنا موظف منذ عام 2008”.

وتابع “بشكل روتيني، قام المشفى بالحصول على موافقة بقائي لليلة واحدة مع كامل صور الطبقي المحوري والإجراءات الطبية من الشركة”.

وأضاع “كتب بند في موافقة التأمين كملاحظة بأن المؤمن يتحمل نسبة 10%من قيمة الفاتورة المغطاة، لكن كانت المفاجاة عند استدعائي لقسم المحاسبة في المستشفى وطلب مبلغ 216 ألف ليرة سورية، من أصل الفاتورة التي تبلغ قيمتها بدون تأمين 361 ألف ليرة”.

يشرح الموظف أنه وبعد الاتصال مع الإدارة العامة للتأمين على الرقم المخصص بالشركة، تم تخفيض المبلغ ل200 ألف ليرة، مع العلم أنه ما يترتب عليّ دفعه مبلغ 30 ألف ليرة فقط بحسب العقد.

وعند الاستفسار عن المبلغ كان الرد بحسب المشفى، بأن الأسعار لدى شركة التأمين “عالتسعيرة القديمة”، وشرح الموظف بأن التحليل مثلاً مازال لدى الشركة ب900 ليرة بينما في المستشفى ب9000 ليرة، وصورة الطبقي المحوري مسعرة ب25 ألف بينما في المستشفى الخاص ب150 ألف ليرة.

وتواصل تلفزيون الخبر مع الإدارة العامة لشركة التأمين BA، حيث قال الدكتور يوسف سلامة المدير التنفيذي في الشركة إنه “من الممكن أن يكون الموظف قام باستخدام بطاقته عدة مرات، واستنفذ المبلغ المسموح له والمحدد ب650 ألف ليرة”.

وتابع سلامة “الشروط المطلوبة للموافقة على تغطية التكاليف والحد الحالي للتأمين يحدد بقرار من رئاسة مجلس الوزراء، وبتاريخ 4/8 من عام 2020 اقر مجلس الوزراء إعادة هيكلية لبوليصة التأمين الصحي”.

وفي اليوم التالي تواصل الدكتور سلامة مع تلفزيون الخبر وشرح أنه تم التواصل مع المستشفى وأن “الموظف لم يدفع كامل المبلغ، وعند استكمال الإجراءات ومراجعته لهم، سيتم إعادة مبلغ بقيمة 175 ألف ليرة، وبذلك يبقى المبلغ الواجب دفعه حسب عقد التأمين 10٪ من قيمة الفاتورة الإجمالية”.

أستاذ جامعي: شركات ربحية على حساب العامل

بدوره، رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور حسن حزوري أن ثمة مشاكل عديدة في قضية التأمين الصحي، أبرزها “إلزامية التأمين”.

وقال الدكتور حزوري “العامل أو الموظف مجبر على التأمين والخدمات المقدمة من بعض شركات إدارة النفقات الطبية التي لاتتناسب وقيمة بوليصة التأمين الاجمالية”.

وتابع ” يلاحظ وجود فساد في حالات عديدة، يتحمل أطرافها المريض أو مقدم الخدمة أو الشركة، والمفترض أن يكون الإشتراك في التأمين اختياري وليس إلزامي، وخاصة أن هذا التأمين لايشمل سوى العامل أو الموظف دون زوجته وأفراد عائلته”.

وشرح الأستاذ في كلية الاقتصاد أن “شروط وسقف تغطية بوليصة التأمين تضعها وزارة المالية بالتعاون مع المؤسسة السورية للتأمين (مؤسسة حكومية)، حيث كان يقتطع مبلغ 500 ل.س شهريا من كل موظف ، ومبلغ آخر تسدده المؤسسة التي يعمل لديها الموظف، لقاء تأمين صحي بسقف تغطيات محدد”.

وكمثال، قال الدكتور حزوري “التغطيات داخل المشفى لاتتجاوز 650 ألف سنوياَ، يتحمل المؤمن منها 10% ، وتغطيات خارج المشفى لاتتجاوز 75 ألف سنوياً، يتحمل المؤمن منها 25%”.

وتابع “يتم تقديم الخدمات الطبية بواسطة شركات خاصة تسمى شركات إدارة النفقات الطبية، وعددها 8 شركات تشرف عليها هيئة الإشراف على التأمين، هذه الشركات تلعب دور الوسيط بين المؤسسة السورية للتأمين (الحكومية) والمؤمن عليه (المريض) ومقدم الخدمة ( الطبيب أو الصيدلاني أو المخبر أو المشفى)”.

ووافق مجلس الوزراء في شهر أيلول الماضي على إعادة هيكلة بوليصة التأمين، اعتباراَ من 1/1/2022 ، ليصبح سقف التغطيات ضمن المشفى 2 مليون ل.س بدل 650 ألف سنوياَ، والتغطيات خارج المشفى 200 ألف بدل 50 ألف، ومقابل ذلك سيتم اقتطاع مبلغ 3% شهريا من راتب الموظف أو العامل.

وانتقد الدكتور حزوري اقتطاع نسبة من الراتب مقابل التأمين، موضحاً أن “الفائدة من تعديل هيكلية بوليصة التأمين هو تحسين الخدمات الطبية المقدمة، ولكن في الواقع على حساب العامل، ولاسيما أصحاب الرواتب العالية، لأن الإشتراك هو بنسبة من الراتب”.

وأضاف “كل أنظمة التأمين الطبي في العالم، تعتمد على الاشتراك بمبلغ محدد وثابت لقاء تغطيات محددة وثابتة”.

ورأى الأستاذ في كلية الاقتصاد أن “الحل الأجدى هو دعم صناديق التأمين لدى النقابات والمنظمات الشعبية”، واقترح دعم صناديق التأمين الصحي لدى النقابات والمنظمات الشعبية، كونه يشمل كل أفراد العائلة، والتي اعتبرها “أفضل من شركات إدارة النفقات الطبية التي تهدف إلى الربح”.

وأضاف “كمثال صندوق نقابة المعلمين، يقدم حالياً رعاية طبية للمعلم وأسرته بالكامل، بسقف سنوي 240 ألف ل.س تغطية دوائية لكل فرد من أفراد العائلة، وبدون أي حسم إضافي من الراتب ، فلو تم الحسم المقترح 3% من الراتب لصالح صندوق التأمين الصحي ، لتضاعفت الخدمات وتحسنت بشكل كبير”.

وعن الحالات التي يحصل يحصل فيها تملص من الإلتزام بالتأمين من قبل أية جهة متعاقدة، قال الدكتور حزوري لايستطيع العامل فعل شيء إلا أن يشتكي للجهات الرقابية لعدم تقديم الخدمة بالأسعار المحددة من قبل وزارة الصحة، مع العلم أن هذه الأسعار مجحفة بحق الطبيب والمخبري، مقارنة بالتكلفة الحالية”.

شذى يوسف – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى