فلاش

الذكرى الأولى لمقتل زهران علوش .. هل أصبحت دمشق أكثر أمنا ؟

يذكر جيدا أبناء العاصمة دمشق أول أيام الامتحانات في السنة قبل الماضية حين أعطى زهران علوش قائد تنظيم “جيش الاسلام” أوامره باستهداف العاصمة بكثافة، و “شتت الدنيي” قذائف، ما أدى لشبه تعطيل لحركة دمشق التي “فضيت”.

كما يذكر أبناء العاصمة يوم 25 \ 12 \ 2015 منذ سنة بالتمام، حين اتفقت وسائل الاعلام المحسوبة على الموالاة والمعارضة، وعلى اختلاف جنسياتها وانتمائاتها على تأكيد خبر واحد، زهران علوش قتل.

تفاصيل مقتل زهران علوش ما زال بعضها غامضا، ولكن المؤكد أن علوش قتل بغارة سورية أو روسية استهدفت مقرا له تحت الأرض في بلدة أوتايا في الغوطة الشرقية للعاصمة، حيث كان من المفترض أن لديه اجتماعا مع قيادات في التنظيم.

ويعتبر زهران علوش من أحد أهم القادة السوريين في التنظيمات المتشددة المقاتلة في سوريا، وتميز علوش بشخصية قوية فرضت نفسها على بقية القيادات والتنظيمات التي دانت بالولاء له، خصوصا بعد أن ظهرت جليا نوايا علوش مع “لواء الأمة” الذي قال “لا” في وجهه، فمحاه.

وعلوش من مواليد مدينة دوما وحاصل على ماجيستير من كلية الشريعة في جامعة دمشق وأكمل تعليمه في السعودية في إحدى جامعات المدينة المنورة، حيث تشرب الفكر الوهابي من منبعه الأول على يد مشايخه المتعصبين.

وعاد علوش إلى سوريا ليعمل داعية كأبيه بالإضافة لعمله بالمقاولات، وتم اعتقاله بسبب نشاطه الدعوي المتعصب، حيث سجن في سجن صيدنايا المشهور، وتم العفو عنه مطلع الأحداث في سوريا، بعد ورود اسمه بين أسماء المطلوب الافراج عنهم في الورقة التي قدمت من وجهاء مدينة دوما في حينها.

بداية أنشأ علوش تنظيم أسماه “سرية الإسلام” التي ما لبث أن كبرت وأصبح اسمها “لواء الإسلام” ليكتمل أخيرا التنظيم الذي يريده علوش بانضمام أكثر من 40 فصيل وتنظيم متشدد تحت اسم “جيش الإسلام”، وكل ما سبق كان بدعم معنوي ومادي كبيرين من السعودية.

وينتشر جيش زهران علوش في مناطق عدة من سوريا ولكن تعتبر الغوطة الشرقية وبالتحديد مدينة دوما معقلا أساسيا له، والتنظيم عرف واشتهر جدا خصوصا بعد المجزرة المروعة التي قام بها في مدينة عدرا العمالية.

وتعد مأساة عدرا العمالية، التي ما تزال تداعياتها لحد الآن مستمرة، من أبرز جرائم زهران علوش، فبعد احتلال المنطقة قام جيشه بعمليات أقل ما يقال فيها لانسانية من حرق الناس في الأفران إلى سحلهم.

والمأساة المستمرة لعدرا العمالية كانت بخطف “جيش الاسلام” لعدد كبير من المدنيين من المنطقة واقتيادههم لمدينة دوما بالتحديد إلى أحد أشهر ما أنتجه فكر علوش وهو سجن التوبة المشهور الذي يضم ألاف المعتقلين من عسكريين ومدنيين، كما نقلت وسائل الاعلام قرفا أخر أيضا وهو وضع علوش مختطفي عدرا العمالية في أقفاص وعرضهم في ساحات دوما.

ولم يكتف علوش بقمع وقتل وخطف أبناء الدولة السورية الموالين، فكل من لا يعجب علوش كان ببساطة يسجن، تقمص علوش دور الأمير بقوة، وقصة الناشطة المعارضة رزان زيتونة ما زالت لحد اليوم تشكل شرخا بين “جيش الاسلام” الذي اعتقلها ثم ما لبث أن ادعى عدم معرفتها بمكانها، وبقية المعارضة السياسية.

واعتنى علوش اعلاميا بتنظيمه، ويعتبر العرض العسكري الكبير لأكثر من 1700 مقاتل الضي نظمه في إحدى بلدات الغوطة الشرقية علامة فارقة في تاريخ “جيش الاسلام”، كما أن ظهوره في تركيا في أحد اجتماعات التنظيمات المتشددة هناك كان سبقا اعلاميا مهما، فضلا عن الخطب التي كان يلقيها على عناصره، وأبرزها الخطبة التي كان يلقيها مكتوبة من على دفتر زهري عليه رسوم لأحد برامج الأطفال “هالو كيتي”، والتي أثارت سخرية الكثيرين.

تزوج علوش من ثلاثة نساء ووالده، عبد الله علوش، كان داعية سلفي من أهم مشايخ السلفية في دوما، وعرف عن زهران ميله أكثر نحو فكر تنظيم “القاعدة”، وكان علوش لا يخفي أفكاره فدعا في أكثر من خطبة له لتكفير بقية الطوائف، حتى أنه قال في إحدى المرات موجها حديثه لمقام السيدة زينب “سترحلين مع رحيل الأسد”.

بعد مقتل علوش في اوتايا، خلفه عصام البويضاني، الذي لم يكن بأي حال من الأحوال كـ”معلمه” علوش، وبدا “جيش الاسلام” منكفئا أكثر في معقله، دوما، التي بدأ الجيش العربي السوري معركة حصارها، في ظل تصريحات لقادة في “جيش الاسلام” تدل على أن ما أنشاه علوش لم يعد هو نفسه، أبرز التصريحات ما قاله بويضاني “خذلنا الداعمون”.

عام على مقتل أهم وأبرز ما أنتجه الفكر الوهابي في سوريا، عام كان بعد مقتل زهران علوش أكثر راحة للشاميين، فغوطة دمشق الغربية أصبحت خالية من المسلحين بانتظار ما ستحمله معارك الغوطة الشرقية التي يتقدم فيها الجيش العربي السوري خطوة بعد أخرى.

 

علاء خطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى