فلاش

القدس عروس عروبتكم “المُباعة” فلم التباكي!..ماذا تعرفون عنها؟

هاهم يتباكون عليها كما تبكي النساء ملكهن المضاع الذي لم يحافظوا عليه كالرجال، القدس عروس العروبة التي باعوها، و التي تروي حجارتها الكثير مما مر عليها عبر التاريخ.

مدينة القدس ذات المكانة العظيمة في التاريخ الإنساني، تميزت بخصوصية الزمان والمكان، فهي ضاربة جذورها في الزمان منذ الحضارة العربية الكنعانية، أما بالنسبة لخصوصيتها المكانية، فقد شملت الموقع والموضع.

فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، تعاقبت عليها الحضارات، وأَمّتها الجماعات البشرية المختلفة، مُخَلِفة وراءها آثارها ومخطوطاتها الأثرية، التي جسدت الملاحم والحضارة والتاريخ، دلالة على عظم وقدسية المكان.

مدينة القدس التي أعيد بناؤها ثماني عشر مرة عبر التاريخ رغم كل ما حل بها من نكبات وحروب أدت الى هدمها، لكنها بقيت صامدة بعراقتها تنتظر من ينتصر لها أخيراً.

وفي كل مرة كانت تخرج أعظم وأصلب وأكثر رسوخاً من سابقتها، دليلاً على إصرار المدينة المقدسة على البقاء، فمنذ أن قامت (القدس الأولى) الكنعانية قبل نحو 6000 سنة، وهي محط أنظار البشرية، منذ نشأت الحضارات الأولى في (فلسطين ووادي النيل والرافدين)، مروراً بالحضارة العربية الإسلامية، وحتى يومنا هذا.

مدينة القدس التي دخلتها القوات البريطانية في كانون الأول 1917 بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وانسحاب القوات التركية منها، كانت عاصمة فلسطين طيلة فترة الانتداب البريطاني على فلسطين بموجب قرار عصبة الأمم.

خلال هذه الفترة وخاصة خلال الحرب العالمية الثانية تسارعت الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتزعم مفتي القدس الحاج أمين الحسيني المقاومة العربية لهذه الهجرة بينما تولى راغب النشاشيبي رئاسة بلدية القدس ما بين 1920 الى 1934.

تطورت حينها مدينة القدس وتوسعت بسرعة وزاد عدد سكانها رغم المواجهات بين اليهود والعرب من 1920 إلى 1929.

وفي العام 1936 شهدت المدينة إضراباً عاماً تحول إلى ثورة عارمة ضد الانتداب البريطاني وكان الحاج أمين الحسيني على رأس المحرضين على هذه الانتفاضة، فهرب من فلسطين.

شهدت فلسطين مواجهات مسلحة واستمرت إلى بداية الحرب العالمية الثانية، خلال الحرب العالمية الثانية عاشت القدس مرحلة هدوء تقريباً لكن مع اقتراب الحرب من نهايتها عادت الاضطرابات وأعمال العنف.

في تموز 1946 قام عناصر من حركة أرغون الصهيونية السرية بسلسلة من الهجمات والتفجيرات التي استهدفت القوات البريطانية ومن بينها الهجوم على فندق الملك داوود الذي كانت تتواجد فيه قيادة سلطة الانتداب المدنية والعسكرية البريطانية فسقط عدد كبير من الجنود والموظفين البريطانيين.

واندلعت أعمال العنف في عام 1947 على نطاق واسع بين العرب واليهود سقط فيها عدد كبير من القتلى من الطرفين.

وفي شهر كانون الثاني 1947 صدر قرار تقسيم فلسطين عن الأمم المتحدة مع منح وضع خاص لمدينتي القدس وبيت لحم ووضعهما تحت سلطة الأمم المتحدة، لكن القرار لم يجد طريقه إلى التطبيق، ومع انسحاب الحاكم البريطاني الأعلى وبقية القوات البريطانية من فلسطين في 14 أيار1948 انتهى الانتداب وتم الإعلان عن إقامة “اسرائيل”.

خلال حرب فلسطين عام 1948 والتي تلت إقامة “اسرائيل” مباشرة احتلت “اسرائيل” القدس الغربية بينما سيطرت القوات الأردنية على البلدة القديمة ومعظم الأجزاء الشرقية من القدس وبات تقسيم المدينة بين اليهود وبقية السكان أمراً واقعاً.

تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في نيسان 1949 بين “إسرائيل” والعرب دون إبرام اتفاق سلام.

و في كانون الأول 1949 أعلنت “اسرائيل” أن القدس عاصمة لها دون أن يعترف المجتمع الدولي بالقرار “الإسرائيلي”، ورغم ذلك لم تنقل “اسرائيل” أي من إداراتها إلى القدس إلا بعد مرور عدة سنوات.

حتى عام 1967 بقيت القدس مقسمة بين قسم غربي تحت سيطرة “اسرائيل” وشرقي تحت سيطرة الأردن تفصلهما الأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة مع أصوات إطلاق النار من حين الى آخر.

و كانت كل الأماكن المقدسة تقريباً تحت السيطرة الأردنية ويستحيل الوصول إليها من قبل سكان القدس الغربية سوى عبر بوابة مانديلباوم التي كان يقتصر المرور عبرها على السلك الدبلوماسي الأجنبي والمسيحيين في مناسباتهم الدينية.

احتلت “اسرائيل” الضفة الغربية خلال حرب حزيران 1967 بما في ذلك القدس الشرقية والبلدة القديمة وقام الكيان الغاصب بحل بلدية القدس الشرقية، وبعد ذلك أقامت إدارة بلدية لإدارة مدينة القدس كلها واعتبرتها جزءاً من الأراضي الخاضعة للعدو “الاسرائيلي”.

و رفضت “اسرائيل” قرارات الأمم المتحدة التي نددت بالإجراءات “الإسرائيلية” في القدس، ووقف المجتمع الدولي إلى جانب العرب والفلسطينيين في اعتبار القدس الشرقية أراضٍ محتلة.

عام 1980 أصدر الكنيست “الاسرائيلي” قراراً أكد على بقاء القدس الموحدة عاصمة لدولة “اسرائيل” وهو ما أثار ضجة كبيرة على المستوى العالمي حيث ظل مصير ووضع المدينة موضع خلاف شديد بين الطرفين.

تسارعت عمليات البناء “الاسرائيلية” في المدينة والمناطق المجاورة لها، خلال الانتفاضة الأولى ( 1987-1993) توترت الأوضاع داخل أحياء القدس بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” خاصة مع اندلاع مواجهات عنيفة بين الجيش “الاسرائيلي” والفلسطينيين في شوارع القدس عام 1990.

و كان توقيع “أوسلو” بين الفلسطينيين و”الاسرائيليين” عام 1993 نقلة سياسية كبيرة إذ اتفق الطرفان على تحديد مصير القدس على طاولة المفاوضات، وفي هذا الإطار تم السماح من حيث المبدأ لبعض المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بالعمل في القدس.

كما تم السماح للفلسطينيين من أبناء القدس بالتصويت في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

واتبع العدو “الاسرائيلي” في السنوات التي تلت اتفاقية “اوسلو” سياسات كرست السيطرة “الاسرائيلية” على المدينة عبر تغيير تركيبتها الديمغرافية لزيادة نسبة اليهود فيها إلى 70 %مقابل 30% للفلسطينيين، حيث تجاوز عدد المستوطنين في القدس الشرقية عدد العرب المقدسيين.

وألغت السلطات “الإسرائيلية” حق الإقامة للفلسطنيين المقدسيين الذين يقيمون خارج المدينة بسبب النقص الشديد في عدد المساكن وهدم منازل الفلسطينيين في ظل عدم منح الفلسطينيين تراخيص بناء.

عام 2000 فشل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في إعادة الرئيس الفلسطيني حينها ياسر عرفات ورئيس وزراء “اسرائيل” ايهود باراك إلى طاولة المفاوضات، وفي نفس العام أثارت زيارة رئيس وزراء العدو آنذاك أرييل شارون الى جبل الهيكل يرافقه ألف رجل أمن احتجاجات فلسطينية غاضبة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي عام 2003 بدأت “اسرائيل” ببناء جدار الفصل بطول مئات الكيلومترات بهدف وقف أعمال المقاومة الفلسطينية التي كانت تستهدف العدو “الاسرائيلي”.

عام 2004 قالت محكمة العدل الدولية إن “مسار الجدار مخالف للقانون الدولي، وإن السيطرة “الإسرائيلية” على القدس الشرقية غير قانوني بموجب القانون الدولي”.

هم لا يعلمون أن جدارهم هذا لا يختلف مع التقاعسات التي أبدع بها المتخاذلون، الذين لم يحافظوا حتى على ما أريق من ماء وجههم على أعتاب خياناتهم المتتابعة للقدس وأخواتها المخذولات.

القدس عاصمة فلسطين الأبدية، وهذا ما لا تحدده الخرائط بل تحدده المقاومة وأجيال متوالية أصغر من فيها تجرع غصة الاحتلال من حديث الأجداد الذين يمتطون جذورهم سلاحاً يواجهون فيه كل من يحاول إسقاط عروبة فلسطين وعاصمتها، القدس التي تباكى عليها الأعراب لا تنتظر منهم شعارات وتنديدات، إنما تنتظر وعوداً صادقة.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى