فلاش

“حمدو” ملمع الأحذية الأشهر بالحسكة: أحترم عملي ولا أخجل منه

 

لم يسلم من الحرب التي تعيشها سوريا منذ سنوات شيء ، لا الحجر ولا البشر، وأكثر من دفع فاتورة هذه الحرب هم الفقراء
الذين يعملون لساعات طويلة يومياً للحصول على لقمة عيشهم.

من هؤلاء العمال الكادحين، ملمع الأحذية الأشهر بمدينة الحسكة محمد عبداللطيف مصطفى المعروف باسم “حَمَدو” الذي جعل شعار “العمل شرف عظيم يرفع الإنسان، ومن لا يعمل لا شرف له”، عنوانا لحياته، وهي عبارة قرأها “محمد” على جدار في سوق من أسواق “بغداد” فأثرت به كثيراً.

“حَمَدو” ليس فقط ملمع أحذية فهو فنان بالمعنى الحقيقي للكلمة من خلال ابتكاره طريقة تجذب إليه الزبائن الذين يداومون على تلميع أحذيتهم لديه، ليس رغبة منهم بتلميع أحذيتهم وحسب…بل لتفاصيل وجزئيات لن تجدها إلا لديه…

وقال “حَمَدو ” لتلفزيون الخبر أنه اختار مهنته “لأنها تجلب له المال الكثير لسد حاجته، كنت متفوقاً في دراستي، ووصلت إلى الصف التاسع عام 1994م ولكن الحال لم يسعفني كما الكثيرين، فآثرت أن أعمل في هذه المهنة كنوع من سد الحاجة وأنا حلمي أن أصبح صاحب دار للرعاية العجزة أو الأيتام”.

وتابع “محمد”: “حافظت على زبائني لأنني أحترم عملي ولا أخجل منه، كما أني أعمل لمدة “10” ساعات متواصلة، و أتناول الغداء على قارعة الطريق وأحياناً وانأ اعمل، فانا ابدأ عملي باكراً ولا أذهب إلى المنزل حتى يخيم الظلام، فأستحم وأتناول العشاء مع أطفالي”.

وأضاف “حَمَدو”: أحب مهنتي كثيراً فهي رزقي ورزق أطفالي وعائلتي التي أصرف عليهم جميعاً من عملي الذي أصبح متعباً كثيراً نتيجة الحرب التي زادت من تكاليف الحياة والعيش”، ويردف بحرقة: “أنا اعشق سوريا ومعجب بالرئيس بشار الأسد لأنه شخص قوي ومتماسك لم يهرب أو يستسلم لأعدائه لذلك أنا معه”.

وأكمل محمد مصطفى: “أنا شاب كردي من حي الصلاحية بمدينة الحسكة وعمري 37 عام أتمنى أن تعود سوريا أفضل مما كانت قوية متماسكة وإلا تكون هناك سلطة فوق القضاء “العدل” وأن يحاسب الفاسدون و أمراء الحرب أمام الشعب أو مجلسهم وأن تكون هناك حرية للثقافة و القول”.

أصعب لحظات الحرب التي مرت على مدينتي الحسكة والتي أبكتني كثيراً يقول “حَمَدو” هي “في تلك الأيام التي حدثت فيها الاشتباكات بين عناصر الجيش العربي السوري و”وحدات حماية الشعب ” فهما جهتان يقاتلان الإرهاب سويا وإن شاء لله لن تتكرر أبداً”.

“أنا رومانسي كثيراً”، يقول “محمد”، “لدي طفلين و انتظر طفلتي القادمة قريبا التي سأسميها “إيفا” والتي تعني “حواء” وابني الأكبر اسمه ” أياز ” والذي يعني بالفارسية نسيم الصباح و بالتركية الليلة القمراء و بالكردية السماء الصافية إما الطفلة الثانية اسمها ” سيلفا ” والتي تعني فتاة الغابة.

أحب الشعر فأنا أقرأ للشاعر العراقي المتمرد “مظفر النواب” و “نزار قباني ” أتمنى أن يصبح لدي المال لأستطيع أن اقتني ديوانه الكامل وأن اشتري كتاب “طبائع الاستبداد” للمفكر السوري “عبد الرحمن الكواكبي” لقد قرأت له مرة ووجدت في الرواية “أن الشعوب المستعبدة لا تصنع حضارة”.وكما ترى فانا أحاول أن أسلي الزبائن ببعض القصص التي أقرؤها حتى لا يصيبهم الملل.

يقول “محمد”: “لا استطيع أن أدخر شيء من عملي كله يذهب مصروفاً لأسرتي الصغيرة وعلى أبي الضرير و أمي المريضة، كل يوم اذهب إلى منزلهم القريب مساءً أقبل قدم أبي، أنا أعتقد بأن رضا والدي علي سيكون نور وضوء لي في قبري بعد الموت”.

اهتم كثيراً بدراسة أطفالي، فالعلم أفضل شيء يكسبه الإنسان لأنه كما قال الشاعر: “العلم يبني بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم” يضيف “محمد ” لربما لن يقبل ابني أن يعمل عملي هذا، أما أنا فوجدت ضالتي في مقولة أحد المفكرين والذي يقول فيها “إذا أردت أن تصل إلى هدف عظيم فيجب أن تضحي تضحية عظيمة”.

عطية العطية – الحسكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى