وزارة التربية تصر على “إصرارها” بافتتاح المدارس .. والأهالي يهددون بمقاضاة الوزارة
أسبوع واحد على بدء العام الدراسي كما أعلنت وزارة التربية، والأهالي متخوفون من مغبة إرسال أطفالهم إلى المدرسة بسبب الزيادة في عدد الإصابات بفيروس كورونا.
التخوف تجاوز حدود المشاعر التي تقبض عليها صدور الأهالي لتتحوّل إلى لسان حال أفشى نية معظمهم الإحجام عن إرسال أولادهم إلى المدرسة، انطلاقاً من أن سلامتهم أهم من تعليمهم.
وأخذ الأهالي في نيتهم التي باتت معلنة في أحاديثهم، على وزارة التربية وعلى الفريق الحكومي المعني بالتصدي لانتشار فيروس كورونا، أنهم لم يراعوا مسألة أن الأطفال لا يستطيعون اتباع الاجراءات الاحترازية، في حال طبقت أصلاً، ولا يدركون أصلاً معنى الفيروس وخطورته.
تمنّع لأولياء الأمور
“رجاء” ربة منزل وأم لثلاثة أطفال في مرحلة التعليم الأساسي قالت لتلفزيون الخبر: “من يستطيع أن يلاحق الطفل إلى مدرسته التي يقضي فيها نصف يومه لينبهه إلى ضرورة التعقيم والتباعد وعدم لمس أغراض زميله”.
وأضافت رجاء: “ليس كل الأطفال لديهم مناعة قوية للمراهنة أنهم حتى لو أصيبوا بالفيروس سيتعافون منه حتى بدون أن تظهر أي أعراض عليه.. العلم يمكن تعويضه في وقت لاحق.. لكن السلامة لا تعوض”.
وبتهكم لا يخلو من السخرية، ينتقد أبو مهند “الاجراءات الاحترازية التي تروّج لها وزارة التربية”، مدللاً “بالصفوف الدراسية التي تضم بين ٥٠ -٦٠ طالباً، ويجلس في المقعد ٤ تلاميذ”، متسائلاً “عن أي تباعد وتعقيم ووقاية يتكلمون!؟”.
عدم ظهور الأعراض جعل “مريم” أم لطفلين في التعليم الأساسي، يزداد خوفها لأن الطفل يستطيع أن ينقل العدوى ببساطة إلى أبويه وجديه، ومن كانت مناعته ضعيفة أو يعاني من أمراض مزمنة سيرفع العشرة أمام طفل يكون ناقل للعدوى بدون أن يعلم به أحد”.
بدوره، طالب “أنور” الفريق الحكومي “بتأجيل افتتاح المدارس الى الأول من تشرين الأول انطلاقاً من تصريحات بعض الأطباء الضالعين في ملف كورونا والذين أكدوا أن ذروة المرض ستنتهي بنهاية أيلول”.
وتساءل: “خلال الأسبوعين الماضيين ارتفع عدد الاصابات بشكل كبير، فعلى ماذا يراهن الفريق الحكومي ومن وراءه وزارة التربية.. المصيبة الكبرى أن يكونوا يراهنون على وعي الأطفال”.
اتهامات تطال المدارس الخاصة .. “خلف الكواليس”
عدد كبير من أولياء الأمور اتهموا عبر وسائل التواصل الاجتماعي “وزارة التربية أنها تصر على فتح المدارس وفي وقت أبكر من الأعوام السابقة، خدمة لمصالح المدارس الخاصة التي تريد أن تسجل ما تيسر لها من طلاب وأن تقبض الأقساط التي ضاعفتها”.
“و أنه قد تعمد وزارة التربية إلى إغلاق المدارس بعد شهر أو شهرين بسبب الزيادة الحتمية التي ستطرأ على عدد الاصابات، لكن المدارس الخاصة ستكون حينها قبضت الأقساط”.
والأنكى من ذلك بحسب ناشطين من أولياء أمور سجلوا أبناءهم في مدارس خاصة، “أن الأخيرة لم تعيد لهم باقي قسط الفصل الثاني للعام الدراسي الماضي”، واصفين “قرار بدء العام الدراسي مطلع أيلول بأنه قرار تجار ولن يستطيع أحد تغييره”.
حملة ممنهجة
فيما الأهالي يعلقون مخاوفهم وآمالهم على قرار قد يرشح في اللحظات الأخيرة عن الفريق الحكومي الذي لا يزال حتى الآن ينأى بنفسه عن مخاوفهم التي باتت معلنة، بدأ الأهالي بالتحرك عبر صفحات “فيسبوكية” لرفع أصواتهم لعل الفريق الحكومي “يسمع.”
حيث برزت مؤخراً صفحة عنونت نفسها “معاً للمطالبة بتأجيل العام الدراسي” تحت شعار “لا لافتتاح المدارس في سوريا فليس من المنطقي إرسال أولادنا إلى المدارس في ظل هذا الوباء”.
وتسلّح أولياء الأمور الذين أنشأوا الصفحة والمشتركين فيها، بمعارضتهم افتتاح العام الدراسي بداية أيلول بحجة أنه إذا كان التعليم الزاميا لكن الموت بسبب التعليم ليس الزامياً.
مستندين إلى تصريح عميد كلية الطب البشري الدكتور نبوغ العوا الذي قال: “الوباء في مرحلة الذروة وأن الإصابات بوباء كورونا ستزداد بعد افتتاح المدارس”، واقترح تأجيلها حتى ينخفض منحى الانتشار.”
وانتقد أولياء الأمور “إعطاء الفريق الحكومي وزارة التربية التي تصم أذنيها عن دعوات الأهالي والأطباء والمضي في وضع استراتيجيات وبروتوكولات لافتتاح المدارس، فيما لا تزال وزارة الصحة عاجزة عن إصدار توصيتها بتأجيل افتتاح المدارس”.
وأشار أولياء الأمور إلى أن “القاعة الدرسية في أي مدرسة تضم مابين ٥٠-٦٠ طالب وهي مكان مناسب لانتشار المرض ، فأي وقاية وأي تباعد يتحدث عنها المسؤولون في وزارة التربية”.
رفع السقف ..
أكد أولياء أمور أنه في ظل الاعتراض الشعبي وإصرار وزارة التربية والفريق الحكومي على افتتاح المدارس في موعدها، وفي حال وفاة أي طالب أو أي فرد من أهله بسبب عدوى يثبت انتقالها عن طريق المدرسة، فإنه سيكون من حق أهل المتوفى من الطلبة أو الكادر التدريسي والإداري مقاضاة الوزارة.
ويهدد الأهالي برفع دعوى قضائية ضد وزير التربية بصفته الاعتبارية والادعاء عليه لوجود تحذير واضح وصريح من عدد كبير من الأطباء ومن قامة علمية سورية هامة، مثل عميد كلية الطب البشري.
وبحسبة بسيطة لكنها مرعبة، يطالعك كل من يعلن رفضه إرسال ابنه للمدرسة، بالقول شارحاً: “طالب واحد يلتقط العدوى يحملها إلى منزله، فينقلها إلى أبوه وأمه على أقل تقدير، والأبوين بدورهما يحملا العدوى إلى أماكن عملهم وإلى ذويهم وأصدقائهم لتتسع دائرة العدوى ويزداد عدد الاصابات إلى الحد الذي لا تنفع معه كلمة “ياريت”.”
تخوف الكادر التدريسي
التخوف لم يقتصر على ذوي التلاميذ، بل تعداهم إلى الكادر التدريسي، حيث يحبس المعلمون والاداريون أنفاسهم أيضاً وباتوا يترقبون أي قرار من الفريق الحكومي يكون طوق نجاة ويرحّل بدء العام الدراسي إلى وقت لاحق”.
إحدى المعلمات تساءلت: “كيف للمعلم أن يقي نفسه من انتقال العدوى إليه من أحد التلاميذ إذا كان مصاباً وهو يلازمه ويتواصل معه بدفاتره وأقلامه”.
وأضافت: “هناك معلمين وموجهين وإداريين يعانون من أمراض بعضها مزمن، وفي حال انتقلت إليهم عدوى كورونا ستكون حياتهم في خطر”.
بدورها، قالت إدارية في إحدى المدارس: “الخوف والتوتر سيكون مسيطراً على الجميع بدءاً من الطلاب وذويهم إلى المعلمين والاداريين وذويهم، خاصة في ظل ارتفاع عدد الاصابات بفيروس كورونا”.
التربية تصر على إصرارها وتهدد بقانون التسرب..
وزارة التربية أرادت أن تتغدى بذوي الطلاب، فلوّحت بقانون التسرب المدرسي مبكراً لتخويف الأهالي الذين ينوون عدم إرسال أولادهم للمدرسة، وحضهم على الدفع بأولادهم إلى مدارسهم في ١ أيلول.
الا أن “أبو حسن ط” قال لتلفزيون الخبر: ” لدي طفل واحد في الصف الثالث ، كيف لي ان أغامر بإرساله للمدرسة وأعداد الاصابات في تزايد، وطفلي لا يستطيع اتباع أي اجراءات وقائية ولا يدرك أصلاً معنى الفيروس؟”.
وأضاف: “إذا كان الكبار لا يتبعون اجراءات الوقاية فكيف لأطفال في مرحلة التعليم الأساسي ان يتبعوا إجراءات السلامة لهم ولأهاليهم”، وهم بشكل عفوي لا ينتبهون على مجمل تصرفاتهم وحركاتهم وحتى لو وضعوا حواجز إسمنتية بين بعضهم”.
بدوره، قال “معتز” أب لطفلة في الصف الخامس: “أنا جاهز لتحمل أي عقوبة أو مساءلة بموجب قانون التسرب المدرسي الذي تهددنا به وزارة التربية، فأي ثمن سأدفعه أهون بكثير من حياة ابنتي أو أي أحد من أفراد عائلتي”.
“رشا” أم لطفل في الصف الأول، تقول: “التعليم في مرحلة التعليم الأساسي الزامياً، لكن الموت بسبب التعليم ليس الزامياً، وليس هناك من شيء يجبرني على دفع ابني للموت حتى لو كان العلم، فحياة ابني لا تعوض”.
الأطفال ناشرون صامتون لكورونا
كشفت دراسة أمريكية جديدة أجراها فريق طبي في مشفى ماساتشوستس العام والمشفى الشامل للأطفال على ١٩٢ طفلاً تتراوح أعمارهم بين يوم و٢٢ عاماً أن الأطفال ناشرون صامتون لفيروس كورونا، ويمكن أن يحملوا كميات أكبر من الفيروس مقارنة بالبالغين ومع ذلك لا تظهر عليهم أي أعراض.
وأشار الفريق الطبي إلى أن الأطفال المصابين بكورونا ليس من المحتمل أن يصابوا بأمراض خطرة مثل البالغين، ولكن مع ذهاب الناقلين بدون أعراض إلى المدرسة يمكنهم نشر العدوى ونقل الفيروس إلى المنازل.
وأكد الفريق الطبي أن الأطفال ليسوا محميين من هذا الفيروس ولا ينبغي أن نستبعدهم كناشرين محتملين لهذا الفيروس، خاصة أن مستويات الفيروس تكون عالية لدى الأطفال من جميع الأعمار خاصة في اليومين الأولين من الإصابة.
يذكر أن أمريكا أعلنت عن ١٠٠ ألف إصابة حديدة بفيروس كورونا خلال أسبوعين من افتتاح المدارس.
تلفزيون الخبر