المترجم السوري “أمارجي” يفتتح “سلسلة الشعر الإيطالي” بـ”هذا الجسد.. هذا الضوء”
افتتح المترجم السوري “رامي يونس” المعروف أدبياً باسم “أمارجي” سلسلة الشعر الإيطالي الصادرة عن منشورات “المتوسِّط –إيطاليا” بكتاب “هذا الجسدُ، هذا الضَّوء” للشاعرة الإيطالية المعاصرة “ماريَّا غراتسيا كالاندْرُونِهْ”.
وأعدّ “أمارجي” وحرَّر مختاراتٍ من أهمِّ ما كتبَت هذه الشَّاعرة التي قال عنها النَّاقد الإيطالي “أندريا كورتِلِّسَّا” في توطئة الكتاب: “أعرفُ القليل من الأمثلة الحداثيَّة على تطوُّرٍ يماثل ذلك الذي أحرزَتْه في السَّنوات الثَّلاث الأخيرة كالاندرونِهْ. إنَّه تطوُّرٌ يشبه انفجاراً وهّاجاً”.
وجاء أيضاً في التوطئة: “إنَّ في هذا الشِّعر سيلٌ صاخبٌ، جارف، سيلٌ يحمل معه حدساً غنائيَّاً استثنائيَّاً، وقواعدَ أخلاقيَّةً مُبهرة، وتمجيداً أسطوريَّاً عميقَ الإدراك لإعادة ابتكارِ الكون”.
وكتب كورتِلِّسَّا أيضاً: “شيطان المماثلة” لا يزدري العناصر المادِّيَّة الأكثر كثافةً. وإذا كانت هناك، في هذا الجيل الذي تنتمي ماريَّا غراتسيا إليه، قصيدةٌ لا تُظهر أيَّ خوفٍ من ذلك الشَّيطان الفاقدِ التَّقديرِ في يومنا، بقدرِ ما هو محتَّمٌ ولا غنى عنه، فإنَّها ستكون، بالتَّحديد، قصيدتها”.
ومن الأشعار المترجمة :لقد ألبستُكَ بأجمعكَ أغنية حبِّي.. لقد رفعتُكَ بأجمعكَ، مثلَ عشبةٍ آذاريَّةٍ تشقُّ تربةَ الشِّتاء، مثل نهيق أتانٍ وسط أزهارِ مشطِ الرَّاعي، أو مثل الشَّريط الجناحيِّ الأصفر لطيور السَّماء.
أنفاسُكَ انصاعَتْ.. جسدُكَ انصاعَ لغنائي.. ثمَّ عاد إلى حدِّه.. لكنَّ العندليب، خارجَ الوقتِ وخارجَ أرضِ إفريقيا السَّاخنة، يغنِّي هنا، في قلب الشِّتاء الغربيِّ.. يغنِّي، يسترسلُ، يتمادى”.
وفي بيان نشرته “دار المتوسط” جاء أن سلسلة الشِّعر الإيطالي أتت تكملةً لمشروعها بنقلِ الأدب والفكر الإيطاليَّين إلى اللُّغة العربيَّة، بغية تشكيل صورةٍ بانوراميَّةٍ عمَّا يُكتبُ باللُّغة الإيطاليَّة، من دون إغفال أي نوع من الأنواعَ الأدبيَّة على اختلافها وتكامُلها في آنٍ.
والهدف من سلسلة الشعر بحسب البيان هو “منح القارئ العربيَّ فرصة اكتشافِ نصوصٍ لأسماء هامة يصعب أن تُترجم ضمن الاتجاه العام في ترجمة المشهور فقط. فإذا كان الشِّعر هو الأقلّ قراءة فسيكون الأقلّ ترجمةً بطبيعةِ الحال”.
وعن هذه السلسة، يقول النَّاقد والمترجم المعروف صبحي حديدي: “لعلَّ القارئ العربيَّ أكثر اطِّلاعاً، حتى في مستوى المختارات الانتقائيَّة أو المحدودة، على شعراء إيطاليِّين كبار من أمثال أوجِنيو مونتالِه، سالفاتورِه كوازيمودو، جوزبِّه أونغاريتي، غابرييل دانُّونتسو، تشيزرِه باڤيزِه، وحتى بيير باولو بازوليني”.
ويضيف: “غير أنَّ مشهد الشِّعر الإيطاليِّ المعاصر أكثر خصوبةً وتنوُّعاً وتعقيداً”، والأهمُّ من ذلك، أنَّه أكثر انطواءً على دروس الحداثة العميقة في المضامين والأشكال، بما يجعل تقديم سلسلةٍ شعريَّةٍ إيطاليَّةٍ إلى قرَّاء العربيَّة قيمةً جماليَّةً ثمينةً وضرورةً فنِّيَّةً حاسمة”.
بينما يؤكِّد الأكاديميُّ والنَّاقد “وائل فاروق” أنَّه في اللَّحظة الرَّاهنة لا يقلُّ الدَّور المركزيُّ لإيطاليا في صناعة الحضارة الإنسانيَّة عن الماضي. في القرن العشرين حصل ستَّةُ إيطاليِّين على جوائز نوبل في الأدب، وما تزال إيطاليا تلعب الدَّور الرَّائد في مجال الابتكار، فيما يتعلَّق بالجمال والصُّورة”.
ويضيف: “نُترجم الشِّعر الإيطاليَّ ليس لكلِّ هذه الأسباب، وإنَّما لسببٍ آخر، هو أنَّ هذه الثَّقافة انعجنت مع الثَّقافة العربيَّة لآلاف السِّنين، تلاقت معها في حواراتٍ وصداماتٍ مُستمرَّةٍ منذ العصور القديمة، لذلك نجد آثار المدن والكلمات والصُّور والنِّكات العربيَّة، حتى الآن، في الثَّقافة الإيطاليَّة”.
يذكر أن “ماريَّا غراتسيا كالاندْرونِه”، شاعرةٌ، وكاتبةٌ مسرحيَّة، وصحفيَّةٌ إيطاليَّةٌ من مواليد ميلانو 1964، مقيمةٌ في روما، وتعمل مؤدِّيةً مسرحيَّةً، كما أنَّها مُعدَّة ومقدِّمة برامج ثقافيَّة في إذاعة RAI Radio 3، وناقدةٌ أدبيَّةٌ في مجلَّة Poesia العالميَّة وفي صحيفة Il Manifesto وغيرها من كُبريات الصُّحف الإيطاليَّة.
أما المترجم السوري “أمارجي” فهو من مواليد اللاذقية سنة 1980. صدر له شعراً: “ن”، بِيرودجا: “النَّص- الجسد”، “مِلاحاتٌ إيروسيَّة”، “وردةُ الحيوان”، “بِفَمٍ مليءٍ بالبرق”، ” فيلُولوجيا الأزهار”، “شكلُ الصَّمت”.
وصدر له في الترجمة عن الإيطالية عدة كتب منها: الأرض الميِّتة، غابرييل دانُّونتسو، “الأعمال الأدبيَّة.. ليوناردو دافنشي”، “شجرة القنفذ والرَّسائل الجديدة” لأنطونيو غرامشي، “البحرُ المُحيط” لألِسَّاندرو باريكُّو. “واحدٌ ولا أحد ومِائة ألف” للويجي بيراندِللو. “زهرةُ القيامة: عجائب الألفيَّة الثَّالثة” لإمليو سالغاري، “غيرةُ اللُّغات” لأدريان برافي، و”سنةُ ألفٍ و993″ لجوزيه ساراماغو.
تلفزيون الخبر- بديع صنيج