مدارس سوريا تحت تهديد الوباء.. الأهالي متخوفون ونسبة الدوام 65% في اللاذقية
بدأ العام الدراسي في اللاذقية، وشرّعت المدارس أبوابها بمن حضر من الطلاب، انطلاقاً من أن الطالب الذي لم يأت اليوم إلى المدرسة فإنه سيأتي غداً بعد أن يتشجع لرؤية أو سماع غيره من الطلاب قد التحق بالمدرسة.
للأهل موقف
أمام الرهان التربوي على غيرة الطلاب وعلى غيرة الأهل على مصلحة ابنهم بإرساله للتعلم أسوة بنظرائه، للأهل موقف آخر يتجاوز الضرورة التعليمية ومستقبل الطالب ويصب في خانة سلامته وسلامة أهله.
السيدة لما أم لطالبة في مدرسة ابن سينا بمدينة اللاذقية تقول لتلفزيون الخبر: “لم أرسل ابنتي بعد إلى المدرسة، ولن أرسلها في الوقت الحالي على الأقل، لأنني أخاف من عدوى كورونا، وأنا غير مستعدة للمخاطرة بحياة ابنتي”.
وما شجّع لما على موقفها، هو أن “شقيقتها وجاراتها لم يرسلن أولادهن إلى المدرسة خوفاً عليهم”، متسائلة: “لماذا لم يتم تأجيل المدارس إلى وقت لاحق حتى ينخفض عدد الإصابات بفيروس كورونا”.
بدورها قالت السيدة أمل وهي أم لتلميذة في الصف الثالث بمدرسة علي القاضي بمدينة جبلة: “أرسلت ابنتي إلى المدرسة أسوة بغيري، وقد أخبرتني أنه لا يوجد في القاعة الصفية سوى سبعة طلاب، لأن الأهالي منقسمون بين متخوفين من إرسال أبنائهم للمدرسة بسبب كورونا، ومن ينتظر للأسبوع القادم”.
وأضافت أمل: “استلمت ابنتي الكتب لكنها قديمة باستثناء كتابين فقط غير مستعملين، والأنكى من ذلك أن المدرسة رغم قلة عدد الطلاب تم تحويل الدوام فيها إلى دوامين”.
كتب قديمة
المصيبة، بحسب يوسف وهو أب لتلميذة في الصف الثاني، أن”الكتب التي استلمتها ابنته قديمة رغم أن المنهاج الجديد يتطلب أن يستلم التلميذ كتاب جديد”, مضيفاً: “سأشتري لابنتي كتباً جديدة لأن الكتب التي استلمتها لا تصلح للتعليم ولا حتى للفهم”.
بدورها، تساءلت أم حيدرة: “كيف يتوفر الكتاب الجديد في المستودعات ولا يتوفر في المدارس؟”، مضيفة: “دائماً الكتب الجديدة لأبناء المعلمين والإداريين، والكتب القديمة لبقية الطلاب”.
تباعد إعلامي
أما عن التباعد، فقد سخرت بالقول: “أي تباعد، المصيبة أن يكون مطلوب منا أن نصدق أن تلميذ صف أول أو ثاني يفهم معنى أن يتباعد عن زميله وأن لا يتشاركا الأقلام أو السندويشة رغم كل التعليمات التي نوجهه بها في المنزل”.
“كلو دعاية للإعلام فقط”، بهذه العبارة طالعتنا أم أمجد عند سؤالها عن حال مدرسة ابنها، وأضافت: “ابني صف سادس، أرسلته للمدرسة بعد أن سمعنا عن التعقيم والنظافة، إلا أنه فاجأني عندما قال لي إن دورات المياه ليست نظيفة ولا يوجد فيها صابون”.
40 تلميذ في الشعبة
بدورها قالت إحدى الطالبات في إعدادية علي شعبان أحمد في مدينة جبلة: “يوجد في القاعة الصفية الواحدة 40 طالبة، ولا أعول على حملات التعقيم والنظافة التي لا نراها، ولذلك فإنني لا استخدم المرحاض في المدرسة ولا حتى المغاسل، معي علبة معقم استخدمها باستمرار”.
وعلى إيقاع تفاوت المدارس من ناحية الالتزام بحملات النظافة والتعقيم، يتفاوت الطلاب بالالتزام بالإجراءات الاحترازية، إذ تؤكد الطالبة آلاء أول ثانوي أنها “تلتزم بلبس الكمامة واستخدام المعقم لمسح المقعد باستمرار وعدم استخدام دورات المياه”.
فيما تقتصر الإجراءات الاحترازية لعلاء تلميذ (صف ثالث) أو مفهومه عنها: “أعقم يدي بالكحول قبل أكل السندويشة، وأتشارك أقلامي وحتى ( الأكلات الطيبة) مع رفيقي في المقعد”.
الريف بعيد عن العين والخدمة
وفي الريف، البعيد عن العين وبعيد عن الخدمة، فإن عدد المدارس التي تحتاج إلى صيانة ليس بقليل، خاصة في ظل التزام الأهالي بإرسال أولادهم إلى المدرسة منذ اليوم الأول للعام الدراسي.
والد أحد التلاميذ في مدرسة الشهيد سمير حسين في قرية البرجان بريف جبلة قال: “أي حملات تعقيم وأي جاهزية إذا كانت دورات المياه فيها عطل منذ عامين وحتى اليوم لم يتم إصلاحها، عدا عن ذلك لا يوجد كثافة طلابية في الصف حيث يجلس طالبان في المقعد”.
المشهد ذاته يعيد إنتاج نفسه في مدرسة في مدرسة الشهيد سريع إسماعيل بقرية قويقة بريف اللاذقية، إذ قال أحد أولياء الطلاب: “الوضع مأساوي في المدرسة حيث لا توجد مياه ودورات مياه بحاجة لصيانة وحتى بلور بعض النوافذ متكسر”.
الإقبال جيد
بدورها، رئيس دائرة التخطيط في تربية اللاذقية غيثاء جزعة قالت لتلفزيون الخبر: “الإقبال جيد، والأرقام الواردة يومياً من المدارس تبين زيادة في أعداد الطلاب الملتحقين بالمدرسة”.
وبينت جزعة أنه “منذ بداية العام الدراسي, بلغت نسبة الدوام في مدارس اللاذقية 65%، والأعداد ستزداد بشكل ملحوظ بداية الأسبوع القادم حيث سيرسل الأهالي أولادهم للمدرسة”.
طلاب يداومون يوم السبت
بدوره، قال مدير تربية اللاذقية عمران أبو خليل لتلفزيون الخبر: “الأمور جيدة، ونقوم حالياً بترتيب أوضاع جميع المدارس بما يضمن التزام المديرية بتعليمات الصحة المدرسية من حيث التباعد المكاني الذي من أجله تم تقسيم الدوام إلى نصفي”.
وأضاف أبو خليل: “حتى أن هناك بعض المدارس فيها دوامين إلا أنها تعاني من كثافة طلابية، لذلك قمنا بإعداد مقترح وهو تقسيم الطلاب لفئات تداوم يوم السبت حصراً في تلك المدارس”.
صعوبة تأمين الوقود
وعن الصعوبات التي تعيق العملية التدريسية, أشار أبو خليل إلى “الكتب المدورة، وحاجة المدارس إلى صيانة عاجلة، ناهيك عن صعوبة تأمين الوقود بسبب الحصار الاقتصادي الجائر ما يعيق التنقلات إلى مدارس الريف وخاصة بالنسبة للمعلمين الذين يسكنون في المدينة”.
وحول التزام المدارس بعمليات النظافة والتعقيم اليومية، قال أبو خليل: ” المفروض ذلك”، وأضاف: “وجهنا إدارات المدارس إلى ضرورة القيام بحملات تعقيم يومية ووزعنا على كافة المدارس مادة الكلور المعقمة، كما زودتنا مؤسسة المياه ب50 خزان مياه فيها مادة الكلور المعقمة لتنظيف المدارس التي تشكو من عدم وجود خزان أو عدم كفاية الخزان الموجود فيها”.
وشدد أبو خليل على “ضرورة أن يحافظ الطالب على نظافته الشخصية وعلى نظافة المدرسة والمكان الذي يوجد فيه”، مبيناً أنه “تم توجيه جميع المدارس لتخصيص حصة أسبوعية لتوعية الطلاب لأهمية النظافة والتعقيم وإجراءات السلامة”.
تلفزيون الخبر