شارع شيكاغو.. “سيكس” و”جرائم” وفشل
جريمة قتل، علاقات جنسية ساخنة، مراقص وخمّارات وعربدة، فساد أمني، انهيار قيم اجتماعية،… هذه بعض المحاور “الصفراء” التي تمحور حولها مسلسل “شارع شيكاغو” لمخرجه “محمد عبد العزيز” والذي وُسِمَ أثناء عرضه بـ”+18″.
ورغم تلك العناوين العريضة التي نُسِجَ حولها العمل، إلا أنه أدخل المتابعين في “حيص بيص”، ليس فقط بسبب المجانية في استخدام الإيحاءات الجنسية والتقبيل، بل بسبب تفكك بنيته الداخلية، وشربكات خيوطه الدرامية.
إذ تمكَّن هذا العمل بسبب “المطمطة” الشديدة في أحداثه، و”الخلطبيطة” في لعبه على زمنين مختلفين أحدهما يعود إلى ستينيات القرن الماضي، والثاني حوالي الـ2009، أن يجعل الملل سيد المشهد بكل ما للكلمة من معنى.
ولم تستطع المشاهد “الحامية” أن تُخفِّف من ثقل الحدوتة، بل شكَّلت “عنواناً” يتصدر صفحات الصحافة الصفراء والمجلات الرخيصة، لاسيما بعدما تحوَّلت القُبَل والتركيز على الجسد إلى عناصر تكسر السائد درامياً، لكنها في الوقت ذاته لا تُحرر الدراما من ركودها.
كما أن الاشتغال على الصورة بطريقة أقرب إلى السينما لا يجعل من هذا العمل نخبوياً، خاصةً أنه تخلى عن أساسيات درامية وإخراجية، من مثل خيارات المخرج للفنانة “سلاف فواخرجي” في بطولة العمل الذي لا ينسجم مع عمر الشخصية، بحيث بدت في بعض المشاهد وكأنها أم “مهيار خضور”.
يضاف لذلك الترميز في بعض المشاهد، كالانتقال من الصحراء إلى المدينة، والتوجه نحو العراق، وما إلى هنالك من تفاصيل لن يستطيع متابع عادي تلمُّس مغازيها، وستمر مرور الكرام، إضافة إلى أنها أفقدت في كثير من الأحيان التسلية المتوخاة من مسلسل تلفزيوني.
أما اللعب على البعد السياسي كعبد الحميد السراج الذي كان وزير داخلية ووزيراً للأوقاف و”المكتب الثاني”، فمرَّ بِخَفَر، وكأن هناك شجاعة في تصوير القُبَل وغيرها من إيحاءات بورنوغرافية، وبالمقابل ثمة خوف من الإسقاطات على الزمن الحاضر.
وأيضاً جاء التركيز على “شارع شيكاغو” وكأنه مكان ثوري، يلتقي فيه الخارجون من المقاهي الثقافية كالهافانا والبرازيل وغيرها، في حين من المعروف جداً أن ذاك الشارع كان بؤرة للسكِّيرين والمُجرمين والتواقين للمجون من دون أي ادعاءات سياسية أو ثقافية.
أضف أن تتبع مسار الحكاية يثير الريبة في موضوعة “التأليف” التي تشارك فيه “محمد عبد العزيز” مع ثلاثة آخرين، إذ تتشابه إلى حد كبير مع رواية “الراقصة” التي كتبها الروائي العراقي “شاكر الأنباري” بعدما استقى هذا الأخير أحداثها من مرويات “برهان بخاري”.
أي أن النص مُرتبك، وضائع في الزمن، وتائه في تشابكاته، وقد تكون فكرته مسروقة، والصورة زاخرة وفارهة لكن من دون محتوى مهم، ورسالة العمل تدَّعي التحرر لأجل التحرر، وهي أشبه ما تكون بعناوين مجلات الفضائح، ومصوري الباباراتزي.
كل ذلك يضع المتلقي أمام تهويل دعائي لعمل لا يستحق كل الضجيج الذي أثير حوله، وبعد 31 حلقة منه يخرج المتابع مستاءً من الحكاية، ومصاباً بالملل، والأنكى أنه يتمنى لو لم يضيِّع كل تلك الساعات في المشاهدة.
تلفزيون الخبر