في حلب .. موسم رُب البندورة.. تحولٌ من الصناعة المنزلية إلى تقليد اجتماعي
اعتاد السوريون منذ زمن طويل على تحضير كميات من رُب البندورة في موسمها وحفظها كمؤن لموسم الشتاء، فتحول ذلك إلى تقليد اجتماعي تتوارثه الفتيات عن أمهاتهن، ويمكن أن تجتمع سيدات العائلة الواحدة على تحضير كميات كبيرة من رُب البندورة تكفيهم طوال العام.
وفي حلب تشتهر منطقة السفيرة بزراعة البندورة، وتميزت بندورة السفيرة بأنواعها المتعددة وإنتاجها الوفير، الذي لا شك أنه تضرر خلال الحرب.
ويبدأ صنع رب البندورة بدءاً من شهر آب وحتى شهر أيلول، بعد أن يتم تجميع بندورة الموسم الصيفي، فتعصر وتتم تصفيتها من البذور والقشور ومن ثم تطبخ حتى الغليان قبل أن تُعرّض للشمس.
وكتقليد اجتماعي عائلي قديم، تجتمع النسوة ويعملن على مساعدة بعضهن البعض في صناعتها، إلا أن الوضع اليوم اختلف، فلم تعد الكميات ذاتها ولم تعد جمعة النسوة ذاتها.
وفي وقت وصل فيه سعر الكيلو الواحد من البندورة إلى 800 ل.س لينخفض تدريجياً إلى النصف، يحتاج تحضير كيلو واحد من رب البندورة إلى 10 كيلو من البندورة الطازجة، وذلك فرض تقليص كميات المؤن بشكل عام ورُب البندورة على وجه الخصوص.
كما هو الحال مع السيدة ابتسام والتي تقول لتلفزيون الخبر: “جميع أولادي تزوجوا وأعيش بمفردي في منزل العائلة، فلم أعد أمون أي صنف سوى رب البندورة لأنه أساسي في الطبخ، لكن الكميات لم تعد كالسابق أبداً، على سبيل المثال 5 كيلو من رب البندورة أحضره وأتقاسمه مع عائلات أولادي”.
أما نور وهي سيدة شابة تقول “إن الشابات عادةً لا يحضرون المؤن”، وتضيف: “أعتمد على ما ترسله لي والدتي أو أشتري جاهزاً من السوق”.
وفي سياق متصل، تستعيد أم محمد ذكرياتها مع المونة السورية، وتقول مبتسمة: “كانت تلك المناسبات فرصة لنساء الحي لاختيار زوجات لأبنائهن، لذلك كانت الفتيات يأتين لمكان التجمع وهنّ مزينات كي يقع الاختيار عليهن، وبعضهن كان يحاول لفت الأنظار من خلال نشاطهن في العمل”.
وفيما يخص تقليص الكميات بالمقارنة مع أي وقت مضى فتقول لينا لتلفزيون الخبر: “أن الكميات في السابق كانت تصل إلى 500 كيلو، أما اليوم فيمكن أن تصل الكمية إلى حدود 20 – 30 كيلو فقط من البندورة ليستخرج منها 2 إلى 3 كيلو من رُب البندورة هذه لم تعد مؤن وإنما كمية تكفي لشهر واحد”.
وكانت تعد الطريقة المنزلية هي الأفضل في تصنيع رُب البندورة لدى معظم السوريين، أما اليوم فتوافر أنواع كثيرة من رُب البندورة الجاهزة في الأسواق يوحي بتلاشي هذه العادة كتقليد اجتماعي.
ولعل أبرز ما يميز رُب البندورة المنزلي عن مثيله في الأسواق، أن نسبة المياه المضافة قليلة جداً في الصناعة اليدوية، ونسبة الملح أيضاً تكون أقل من المعلّب، إضافة إلى عدم وجود مواد حافظة وملونات في رُب البندورة المنزلي، وفضلاً عن أن تحضير رُب البندورة منزلياً يعد عملاً مرهقاً إلا أنه أصبح مكلفاً أيضاً.
الجدير بالذكر أنه رغم غلاء المواد اللازمة للمؤن إلا أن البعض مازال يفضل تحضير هذه الأصناف منزلياً ولو بكميات قليلة، في حين يبدو الاتجاه السائد لشراء المؤن الجاهزة من السوق طاغياً على المشهد هذا العام.
نغم قدسية – تلفزيون الخبر – حلب