تفاصيل من مأساة شابيكوينسي .. هذه هي كرة القدم وهؤلاء أهلها

هل هناك من لا يؤمن بالصدفة ؟ تتعدد أراء الناس ولكن بالتأكيد هناك اثنان في العالم يؤمنون بالصدفة هما لاعبا فريق شابيكوينسي اليخاندرو مارتينوتشيو ومارسيلو بويك، فالصدفة وحدها كانت وراء نجاتهم من المأساة.

أصيب المهاجم الأرجنتيني مارتينوتشيو، الذي يعد اللاعب الوحيد الأجنبي في الفرق البرازيلي، قبل شهرين بإصابة منعته من استكمال ما تبقى من موسمه، ومنعت موته على متن الطائرة، وقال مارتينوتشيو على أرض ملعب أرينا كوندا، معقل شابيكوينسي في حفل اقيم لتأبين لضحايا الحادث، “لقد خضعت لجراحة بالمنظار في الركبة، ولذلك لم أكن في حالة بدنية جيدة ولم أسافر”.

وأضاف اللاعب الأرجنتيني “أنا في حالة صدمة، إنه أمر صعب وحزين. أمر يدعو للبكاء وعدم التوقف عنه، وتذكر كل واحد من زملائي”، وفي تأثر شديد، أكمل مارتينوتشيو “العديد من اللاعبين كان لديهم أبناء، بينما كان آخرون على وشك أن يصبحوا آباء”.

أما اللاعب الناجي الثاني بالصدفة هو الحارس مارسيلو بويك، وصدفة مارسيلو مزدوجة، فالحارس الذي لم يلعب مع الفريق منذ حوالي الشهرين بقرار من مدير الفريق كايو جونيور، يصادف عيد ميلاده 28 تشرين ثاني أي نفس يوم تحطم الطائرة.

الحارس بويك طلب من المدير كايو جونيور بعد استبعاده من التشكيلة إذنا بعدم السفر مع النادي والبقاء للاحتفال مع عائلته بعيد ميلاده، وقال اللاعب في تصريحات للصحافة “بعث اللاعبون لي عبر “واتساب” تهاني بمناسبة عيد ميلادي وذهبت للفراش واستيقظت الساعة 3 والنصف فجرا على الخبر.

وقبل وقوع الكارثة كتب اللاعب البرازيلي لفريق شابيكوينسي كليبر سانتيانا على حسابه على موقع “انستغرام” جملتين لا زالت كل جماهير كرة القدم تدمع لسماعها، جملتين كانتا أشبه بالوداع، فاللاعب غير العارف بما سيحصل على بعد أقل من ساعة كتب “وكم حياة سأعيش ؟ سأبقى في جميعها أحبك”.

وهل تعرف ماذا تعني كرة القدم في امريكا اللاتينية ؟ في امريكا اللاتينية كرة القدم هو ما فعلته جماهير نادي اتلتيكو ناسيونال الكولومبي الذي كان من المفترض أن يكون الطرف الثاني في المباراة النهائية لكأس كوباسودا امريكا، فبعد أن طلب النادي رسميا من اتحاد امريكا اللاتينية اعطاء الكأس لنادي شابيكونيسي قامت جماهير فريقه بعمل يستحق أن يقال فيه “هي كرة القدم”.

جماهير اتلتيكو ناسيونال الكولومبي ويوم المباراة التي أجلها الاتحاد اللاتيني ملأت ملعب اتاناسيو غيراردوت بكولومبيا، والذي كان من المفترض أن يحتضن المباراة وشجعت طوال التسعين دقيقة وكأن المباراة تحصل أمامها.

بالثياب البيضاء وقمصان الفريق المنكوب أتت الجماهير الكولومبية لتشجع وتنشد نشيد الفريق المنكوب وتبكي، والصور المنشورة على شبكة الانترنت والتي لاقت رواجا كبيرا تظهر ماهية كرة القدم في العالم وفي امريكا اللاتينية بالتحديد التي لا تعد فيها كرة القدم مجرد لعبة.

وفي البرازيل في معقل الفريق المنكوب امتلأت مدرجات ملعبه بآلاف من جماهيره الحزينة، التي ارتدت قمصانه الخضراء والبيضاء، وهي تتغنى بأسماء كل لاعب، وشكلت الجماهير، مع أعضاء النادي وأقارب الضحايا، دائرة في منتصف الملعب كجزء من مراسم مرتجلة.

وتأرجحت مشاعر الموجودين بين الحداد على أرواح من لقوا حتفهم، والفخر بأبطالهم وأنشدوا بالاضافة لنشيد الفرق أغنية “نحن الأبطال”، فيما امتلأ مدخل اللاعبين، إلى الملعب بقمصان الفريق، والزهور، والشموع، ووضعت صورة لتخليد صعود الفريق الصاروخي، إلى الدرجة الأولى كتب عليها أحد الأطفال “لم يتعبوا أبدًا من الارتقاء والعلو والآن هم في الجنة”.

إلى ذلك، نقلت وسائل اعلام كثيرة أن اللاعب البرازيلي رونالدينيو واللاعب الارجنتيني خوان رومان ريكيلمي قررا العودة عن قرار اعتزالهما وتمثيل فريق شابيكوينسي الذي فقد معظم لاعبيه، كما وجه الاتحاد الأرجنتيني كتابا للفريق المنكوب وللفيفا أبدى فيه استعداده لإعارة لاعبين من الدوري الأرجنتيني للفريق البرازيلي.

ومن بين الـ 81 شخصا الذين لاقوا حتفهم في تحطم الطائرة نجا اربعة لاعبين فقط، هم حارس الفريق الأول ماركوس دانيلو الذي ما لبث أن فارق الحياة قبل وصوله للمشفى، وحارس الفريق الثاني جاكسون راغنار فولمان 24 عاما الذي بترت ساقه، والمدافع الان لوتشيانو روستشيل 27 عاما الذي سأل مسعفيه “أين عائلتي وأصدقائي؟”. واللاعب هيليو نيتو 32 عاما الذي خضع لجراحة في المخ وكان أخر الناجين.

كما نجا شخص اسمه إيروين توميري الذي قال للصحافة “لقد تمكنت من النجاة لأنني اتبعت إجراءات السلامة في مثل هذه الحوادث، لقد قمت بوضع حقيبة بين قدمي، وذلك من أجل تخفيف حدة الاصطدام، وهذا ما يجب اتباعه في مثل هذه الحوادث”، وأضاف متذكراً اللحظات الأخيرة التي سبقت ارتطام الطائرة بالجبل، “باقي الركاب أخذوا يصرخون ويتركون مقاعدهم”.

ونقلت وسائل اعلامية عن مديرة المشفى الذي نقل إليه الناجون أن حالة اثنين من طاقم الطائرة المنكوبة ليست بالخطيرة، وقد وُضعوا تحت الملاحظة”، من بينهما زيمينا سواريز مضيفة على متن الطائرة والتي قالت بحسب وسائل اعلامية “أضواء الطائرة انطفأت، ومن ثم بدأت الطائرة في السقوط”، موضحةً: “لا أستطيع تذكر المزيد حالياً”، كما نجا أيضاً صحافي يدعى رافايل فالموربيدا.

وتحطمت الطائرة، التابعة لشركة لاميا البوليفية، مساء الاثنين فجر الثلاثاء أثناء توجهها لمطار خوسيه ماريا كوردوبا في مدينة ميديين الكولومبية بسبب عطل كهربائي وبسبب الأحوال الجوية السيئة، وكان على متنها 81 شخصا بينهم بعثة فريق شابيكوينسي، ولم ينجو من ركابها سوى ستة أشخاص.