هل يحق للسوري المتضرر مقاضاة وزارة الكهرباء ؟
باتت الأسرة السورية تخصص سنوياً عشرات الآلاف إن لم تكن مئات الآلاف من الليرات السورية، والتي لا يمكلها معظمهم، لإصلاح الأدوات الكهربائية المنزلية، أو استبدالها بأخرى جديدة.
ويتسبب الانقطاع المتكرر والعشوائي للطاقة الكهربائية بطاقات تشغيل متفاوتة الشدة، تارة تكون حادة القوة، وتارة أخرى منخفضة لا تقوى على تشغيل “لمبة” إضاءة بأعطال كثيرة ومتكررة.
واعتاد السوريون خلال السنوات العشر الأخيرة على ما يعرف بنظام التقنين الكهربائي، وتعايشوا معه، بل أوجدوا حلولاً بديلة عن الكهرباء، بدأت بالشمع وانتهت ببطاريات السيارات والمولدات، وأشرطة “الليدات”، وكل ما يعمل على البطارية.
إلا أن عشوائية القطع والوصل الكهربائي، غير المبررة، أو وجود حماية ترددية على خط الكهرباء الواصل لمنزله، لا تزال تشكل حسرة في قلوب وجيوب المواطنين.
وبات السوري حريص في استخدام الكماليات الكهربائية، من مصفف الشعر، إلى “المايكروويف”، وأدوات أخرى غيرها، إلا أنه يراعي الثلاجة والفرن والمكواة والمكيف والمدفأة والتلفاز والهاتف المحمول والحاسوب والراوتر، كما ترعى الأم أسرتها بكل محبة وخوف.
وترجع مخاوف السوريين من تعطل إحدى تلك الأدوات، بسبب تكلفة إصلاحها الباهظة، أو الاضطرار إلى تبديلها بأخرى جديدة، عدا عن القلق مما يخلفه هذا التخريب حين يطال “مونة السنة”، أو تأخير في موعد تسليم مشروع ما، أو الموت برداً، أو حراً، عدا عن المخاطر المحتملة في نشوب حريق أو أذية خلال استخدام تلك الأجهزة وهي معطلة.
وصار إعلان أحد أفراد المنزل، عن تعطل جهاز كهربائي، أو أداة ما أصابها عطب، يشكل أزمة حقيقية، تحتاج فيها الأسرة إلى إعادة ترتيب أولوياتها ومصاريفها خلال الشهر، أو أن تقرر الاستغناء عن تلك الأداة نهائياً.
ويطرح المواطنون سؤالاً، من يعوض السوري عن تعطل أجهزته الكهربائية حين لا ذنب له بعطبها، بل كان وراء ذلك الحماية الترددية أو القطع والوصل السريع والمتكرر للكهرباء، هل يحصل القانون حق المواطن من خطأ الوزارة في حال إدعائها عليها؟
وللإجابة على السؤال، يشرح المحامي رامي جلبوط، لتلفزيون الخبر، إمكانية مقاضاة وزارة الكهرباء في هذه الحالة أو أي جهة إدارية يؤدي إهمالها أو خطأها إلى الإضرار بممتلكات المواطنين.
ويقول جلبوط إن “كل مواطن من حقه الإدعاء بمواجهة أو ضد أي شخص آخر سواء كان أكان إنساناً طبيعياً أو هيئة اعتبارية حتى ولو كانت إحدى إدارات الدولة، في حال توافر شروط الإدعاء اللازمة والتي هي الصفة (أن يكون المدعي هو صاحب العلاقة أو المشكلة) والمصلحة وأهلية التقاضي”.
ويبين جلبوط أن “المحكمة المختصة في هكذا نوع من القضايا، هي محكمة “البداية المدنية”، وليست محكمة “القضاء الإداري”.
وأوضح جلبوط السبب بأنه “القضية المطروهي هي مشكلة خطأ تم ارتكابه من الوزارة ويترتب عليه تعويض، وليس نتيجة قرار إداري وتعاقد إداري من العقود الإدارية الخاضعة لرقابة المحاكم الإدارية، بمعنى أنها علاقة فردية بين شخص وإدارة مقابل خدمة مقدمة منها”.
وتقوم الدعوى على الأساس أن “هناك خطأ من وزارة أو مديرية الكهرباء، وأدى هذا الخطأ لأضرار يطالب المواطن بتعويض عنه إستناداً إلى نص المادة /١٦٤/ من القانون المدني السوري الذي ينص على “كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”.
ويوضح المحامي جلبوط أن هذا النوع من الدعاوى، “يشابه كل دعوى أخرى، ولا خوف أو خطورة على المواطن من الادعاء على جهة إدارية، وليست دعاوى استثنائية”.
وأكد أن “الدعاوى بين الطرفين الإداري، والمواطنين، أمر شائع، وهي قانونية مئة بالمئة، إلا أنها ليست قضية سهلة، ويلزمها وقت طويل حيث تبدأ بالبداية، والاستئناف ويلحقها النقض”.
وتحتاج الدعوى إلى “إثبات العلاقة السببية بين الخطأ المرتكب من قبل الإدارة والتي هي هنا وزارة الكهرباء، وما بين الضرر الواقع على الشخص، ويمكن للإدارة أن تدافع عن نفسها وتقدم كل ما يثبت براءتها من الأمر”.
ويحكم القاضي لأحد الطرفين، وفي حال وجود خطاً من الوزارة، يقدر القاضي التعويض نتيجة الضرر الحاصل.
ويشير جلبوط إلى أن “القضية ليست سهلة وبحاجة خبرة لإثبات بأن هناك خطأ من الإدارة هو الذي أدى إلى الضرر الحاصل، ويحق للوزارة أن تدافع عن نفسها بكل الطرق كذلك الأمر”.
وينصح جلبوط “بتوكيل محامي في حال الإدعاء على جهة إدارية”، مرجعاً السبب إلى أن “وجود الكثير من الأصول الشكلية للتقاضي، منها أن محكمة البدايات المدنية يفرض قانونها لأصول المحاكمة توكيل محامي حيث يعلم المحامي بالأصول الشكلية.
فهل الدعوى هي على المديرية أم الوزارة أم الوزير مثلاً، ومن جهة أخرى، ماهي الاثباتات التي يحتاج إليها المدعي، كالتقرير الهندسي الذي يبين سبب العطل الذي أصاب الأجهزة الكهربائية”.
وعن أسباب عدم إدعاء المواطنين على وزارة الكهرباء، يبين جلبوط أن “هذه الدعاوى من الممكن أن تكون مكلفة على المواطن، إلا أنه حالياً أصبح ثمن الآلات الكهربائية باهظ ويحتاج ثروة لشرائها”.
وتابع “هذا الأمر يمكن أن يدفع الأفراد إلى طلب تحصيل تعويض مقابل الضرر، وأشجع المواطنين عليه لعل وزارة الكهرباء تحسن من أدائها لتتفادى هذا النوع من الدعاوي”.
ومع قانونية الادعاء على وزارة الكهرباء، أو أي جهة إدارية أخرى، يصيب تقصيرها أذى في أحد مفاصل حياة السوري اليومية، هل يدفع ذلك الجهات إلى تحسين أدائها أم تستمر بالتعويل على صبر المواطن، وصموده؟
لين السعدي – تلفزيون الخبر