محليات

المراهنات في سوريا .. الهروب إلى الأمل بـ “ الضرب “

انتشرت فكرة “المراهنات” حول العالم ، و في كل حدث رياضي مهما اختلف حجمه ونوعه، بداية بمباريات كرة القدم ، ومرورا بكرة السلة والتنس ، ولا نهاية عند سباق الخيول التي تعد أولى بدايات هذه الظاهرة حين بدأ الناس بالرهان على الخيول الرابحة

وبدأت ظاهرة “المراهنات الرياضية” بالتحول إلى “ ظاهرة طبيعية “ في المجتمع السوري العصي على التغيير ، وعلى تقبل كل ما هو جديد ، وخاصة في مجال يعتبر أمراً “ لا أخلاقيا “ كالمراهنات .

وأصبح “الضرب” كما هو الاسم الشائع للمراهنات أمرا مألوفا بين شريحة واسعة من الشباب السوري ,آلاف الشباب باتوا على علاقة وثيقة بالمراهنات طلاب ،موظفين ، وعاطلين عن العمل ويكفي ان تجلس في أحد المقاهي لتتابع مباراة كرة قدم لتلاحظ وجود الشباب “الضريبة” ، والذين قد يغلب عددهم على عدد المتابعين الفعليين.

يرجع الكثيرون بدايات ظهور المراهنات بشكلها المعروف حاليا إلى مدينة اللاذقية قبل أن تنتشر في مدن كدمشق وحمص والمراهنات التي عرفناها كنوع من”المشارطات” بين الأصدقاء على مباريات معينة حيث كانت الرهانات بسيطة تبدأ بمبالغ مالية بسيطة و تنتهي بـ”عزيمة” على الغداء ، أصبح لها منظمين وباستطاعة أي شخص المراهنة على أي حدث رياضي في العالم.

يتحدث محمد 26 سنة عن بدايات تجربته في هذا المجال قائلا أنه عرف بها منذ ما يقارب العامين عن طريق اصدقائه “مبلغ صغير ممكن تربح أضعافه ومن الممكن تخسره” مشيرا أنه دخل من باب التسلية لا أكثر

ويكفي الشخص الراغب بالمراهنة أن يدخل على أحد مواقع المراهنات المعروفة ويسجل المباريات التي يريد المراهنة عليها في قائمة واحد تعرف باسم “باكج” و يرسلها إلى “الديلر” مع المبلغ المراد الرهان به لتصبح العملية قائمة وما عليه إلا انتظار النتائج

يشير كارم 27 سنة إلى أن بعض الأشخاص يشاركون في المراهنات دون معرفة حتى أسماء الفرق الرياضية “براهن على الفريق باللباس الأبيض”

وترتفع معدلات المراهنات بين فئة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 20 وال30 سنة والذين وجدوا في
الأمر وسيلة للربح المادي السريع ,حيث تستحوذ فكرة تحويل مبالغ صغيرة إلى ثروة بسيطة على عقل الغالبية فيما يراها آخرون وسيلة أسرع لـ”تأمين المصروف”. فعلى حد وصف سامر 30 سنة “فيا عملة الشغلة .. وتعتمد على الحظ بشكل كبير والشاطر يربح”

وبين سامر أنه اعتاد متابعة فريقه المفضل بالإضافة للدوريات العالمية ولكن مع مشاركته في
المراهنات زادت من متابعته للفرق المراهن عليها و يشير أن الظاهرة غلبت أعداد “الضريبة” على أعداد المشجعين الفعليين يضيف ضاحكا “ما بقي مشجعين حقيقيين”

وتبدو الظاهرة شائعة لمايسمى “الضرب” بالتوازي مع شيوع “الديلرية” وهو الاسم المتعارف لسماسرة مكاتب المراهنات المنتشرة الذين يمكن ان يكون واحد منهم موظف أو طالب جامعي أو أشخاص اتخذوا من سمسرة المراهنات مهنة فعلية.

ويأخذ “ الديلر “ مبغ ١٠٠ ليرة سورية عن كل ألف “ يضرب “ بها المراهن ، ويقال أن “ الديلرية “ مرتبطين ب” حوت كبير “ ، وأن النقود أصلا لا تصل إلى مواقع المراهنات ، يعني “ الحل والربط من هون “ ، وكأن هذا الحوت “ فاتح موقع مراهنات ببلاش “ .

يشاع أن أحد السماسرة هو “ديلر” خريج من كلية الطب ولكن على ما يبدو ارتآى أن سمسرة المراهنات الرياضية “بتطالع مصاري أكتر” ويضيف احدهم ضاحكا “رح يتزوج من مصاري السمسرة”

ويعلق معظم “الضريبة” و”الديلرية” موضوع الدخول في دوامة المراهنات على الشماعة المتعارف عليها في السنوات الأخيرة ألا وهي “الأزمة” ,قلة فرص العمل والربح السريع بدون جهد يبدو أنهما أمران مغريان لكل شاب راغب بالحصول على المال حتى لو على سبيل التسلية.

يقول كرم 28 سنة “المراهنة انتشرت بشكل هستيري .. وأصبحت الشغل الشاغل للكثيرين .. اغراء المال أوقع بالكثيرين حتى لو لم يكونوا عاطلين عن العمل , تسلية وربح مادي خليط مغري جدا”

ويضيف بعد سؤاله عن سبب توقفه عن المراهنة فيقول “تجربة ومرت , لا ربح فيها ولا خسارة ,وهي بالنهاية مقامرة والادمان سيؤدي للخسارة بكل تأكيد”

و يشاركه سامر الرأي قائلا “لم أخسر ,ولكن على المدى الطويل كنت سأخسر بكل تأكيد ,فهناك من يغرق في الدوامة سيخسر في النهاية والكثيرون خسروا مبالغ هائلة”

تبرز مشكلة عدم قدرة المراهن على تأمين المبالغ المستحقة عليه للسماسرة , ليتحول الرابحون إلى دائنون , فكيف سيستطيع طالب جامعي أو شخص عاطل عن العمل من تأمين مبلغ يصل إلى في بعض الأحيان على مئات الالاف ،لينتهي الأمر بهم ملاحقين من السماسرة ومن خلفهم المكاتب المسؤولة عن المراهنات ليجبروهم على التوقيع على سندات مالية أو تأمين المبلغ بأية وسيلة.

تختلف الاَراء وردود الأفعال حول ظاهرة المراهنات ، البعض يراها دخيلة على مجتمعنا، البعض يصفها بالموضة التي ستختفي بعد فترة ما ، كثيرون يرونها مجالاً جديداً سيفرض نفسه في سوق المال ، قلة قليلة من المشجعين القدماء الذين باتوا يتململون من “مشجعين المراهنات” ووجودهم.

تحتمل كل الاَراء مجالاً للخطأ أو الصواب لكن مما لاشك فيه بأن المراهنات باتت أمراً فعلياً لشريحة كبرى من الشباب السوري الاَن ، واحدة من أهم الإجابات كانت لدى سؤالي لصديقة شارك خطيبها في المراهنات سأختتم بها الكلام ، “المواطن السوري فقد أي أمل بتحسن الأحوال إلا بمعجزة ما ،المضاربة، كانت أملاً لنا في إتمام النواقص الكثيرة للزواج ، أقول كانت لأننا بالطبع لم نحصل على المعجزة ومازلنا في انتظار إعجاز يحقق لنا التمنيات “.

حمزه العاتكي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى