“بعِّد عنه مكورن” .. كيف ندعم المصاب نفسياً .. ولماذا تحوّلت الإصابة إلى “وصمة” ؟
“ليش لابس كمامة ؟!.. مكورن، كل هالطول وهالعرض وخايف على حالك .. عطس أحدهم.. بعدوا عنه معه كورونا، غاب أحدهم عن عمله دون إخبار أحد .. أكيد معه كورونا ومتخبي”، مثل هذه العبارات وأكثر وأوسع تلك التي يتم تداولها مؤخراً في المجتمع السوري، ليذهبوا بالحالة العامة للمرض إلى غير ما يجب.
فايروس “كورونا” أو “كوفيد – ١٩”، أو “مكورن” كلمات مستجدة كما الفايروس على مجتمعنا، كثرت في الآونة الأخيرة التي ازدادت فيها حالات الإصابة في سوريا، ما يتطلب وعياً مجتمعياً ونفسياً موازياً في الوقت ذاته للوعي الطبي العلاجي والوقائي.
فبعد شهورٍ من ظهور وانتشار فيروس كورونا عالمياً، وبعد أن تمت تغطية الموضوع من الناحية العلمية الطبية، لابد من التطرق الى الناحية النفسية المرافقة للأمراض والأوبئة عموماً وكورونا على وجه الخصوص، و التي غالباً مايتم تجاهلها أو التقليل من شأنها على الرغم من أهميتها البالغة وخطورة إغفالها.
في هذا الصدد، تتحدث الإخصائية النفسية هلا علي لتلفزيون الخبر قائلة: “ترافق الأمراض الجسدية عموماً اعراض شدة نفسية لا سبيل الى إنكارها، الأمر الذي دفع الدول الغربية المتقدمة الى تخصيص ساعات أسبوعية للمرضى من شتى الحالات المرضية”.
وأضافت “وذلك ليتم دعم المرضى نفسياً وتخليصهم من العبء النفسي الكبير بما فيه من مخاوف وهواجس تستبد بالمريض وتعرقل شفاءه وتؤخره”.
وتابعت “فيما يتعلق بفيروس كورونا، فإن الدعم النفسي جزء هام لا ينفصل أبداً ولا يتجزأ من الدعم الصحي والرعاية الطبية اللازمة”، مضيفة أن “الدعم النفسي لا يقتصر فقط على المصاب الذي أثبتت التحاليل المخبرية إصابته بكورونا، بل تتعدى ذلك للتهيئة النفسية لمن يشتبه بإصابته او لمن خالط مصابين”.
وأكملت الأخصائية “هنا تكمن الأهمية، فمن يحتاج الى الاعداد النفسي هو كل شخص مصاب بالفيروس وكل من نتوقع اصابته به بسبب مخالطته مرضى سابقين، وكل شخص مصاب ولم يتم اعلامه صراحة بعد”.
“ويشمل الدعم النفسي الإعداد والتهيئة قبل الإصابة بالمرض من ناحية، وتمرين المصاب على اليات التغلب على الاصابة وتجاوز المحنة بعد الاصابة من ناحية اخرى”، بحسب الإخصائية.
وأشارت علي إلى أن “للإعداد النفسي أهميته الكبرى اذ اثبتت الدراسات ان جاهزية المناعة تكون قصوى حين تتم تهيئة الشخص قبل اصابته، فمن خالط مصابين لايكفي ان يتم حجره وعزله عن الاخرين فحسب وانما يجب ان يقوم متخصص باجراء جلسات عديدة حوارية معه لتحفيز جهازه العصبي وبالتالي المناعي لمواجهة المرض اذا ما اصيب به”.
“اما بعد الإصابة فلا بد أن يتم العمل على المستويين العلاجي الطبي البيولوجي الذي يشمل التدابير العلاجية التي يحددها الأطباء المختصون هذا من جهة ..ومن جهة أخرى العمل على المستوى النفسي”، تردف علي.
وتكمل “إذ أن غالبية من يقضي عليهم المرض هم من غير المهيئين بشكل كافٍ نفسياً لمواجهة الفيروس وممن لديهم معلومات قاصرة او مغلوطة عن الفيروس، فلابد من المختص النفسي أن يشرح للمصاب أن كورونا فيروس كغيره من الفيروسات، وكما إن الاصابة به احتمال فالشفاء منه احتمال قائم وكبير”.
“إضافة إلى ضرورة التشديد على أن المناعة النفسية تقف إلى جانب المناعة العضوية وتسهم على نحو كبير في التعافي التام، حيث بات معروفاً أن إرادة الشفاء هي الخطوة الأولى على طريق الشفاء”.
وأشارت الأخصائية النفسية إلى أنه “يجب على المختص أن يحدّث المصاب عن الحالات العديدة التي شفيت تماماً من كورونا فقط لأن أصحابها التزموا بالإجراءات العلاجية وأرادوا الشفاء وصمموا على تحقيقه واقعاً”.
من جهة أخرى، أدى ظهور فايروس كورونا إلى ظهور وصمة متعلقة به وكأنه شائنة أو عمل مشين يلحق العار بالمصاب به وعائلته، عن هذا توضح الأخصائية بالقول: “لاشك أن الأوبئة وانتشارها تفرز ثقافة خاصة بها تشمل انتشار النكات والطرف وتجعل كافة الشرائح منشغلة بها بشكل أو بآخر”.
وتضيف “هذه النكات ليس هي في الحقيقة إلا عملية غير واعية يقوم بها الأفراد بتحويل مخاوفهم إلى ضحك عبر إلباس الرعب الجماعي ثوباً ملوناً للتخفيف من وطأته على وعي الأفراد”.
وأردفت علي أن “هذا لا يحول دون تكون وصمة ملتصقة بالمصاب فيها الكثير من المغالاة كما فيها من الإجحاف وهنا يأتي دور الجهات التوعوية التي يجب أن تعمل على نشر الجدية في التعامل مع المرضى مع مراعاة مشاعر المصاب وذويه”.
يشار إلى أن وزارة الصحة أعلنت الأربعاء تسجيل 14 إصابة جديدة بفيروس كورونا لأشخاص مخالطين مايرفع عدد الإصابات المسجلة في سوريا إلى 293، كما تم شفاء 5 حالات من الإصابات المسجلة بفيروس كورونا ليرتفع عدد المتعافين من الفيروس إلى 110.
ويذكر أن أول إصابة بفيروس كورونا في سوريا سجلت في الثاني والعشرين من آذار الماضي لشخص قادم من خارج البلاد، في حين تم تسجيل أول حالة وفاة في التاسع والعشرين من الشهر ذاته.
روان السيد – تلفزيون الخبر