من “حاجة محرجة” إلى “موضة”.. النظارات الطبية ومعاناة من نوع آخر
“أم أربع عيون”.. أشهر عبارة سمعها كل من ارتدى نظارات طبية في مرحلة مبكرة من عمره، وسببت حرجاً وضيقاً للكثيرين، لكن ذلك كان في زمن سابق، قبل أن تصبح هاتان العدستان الزجاجيتان موضة، ترغب الفتيات حتى من اللواتي لا يحتجنها بارتدائها.
وبعيداً عن كونها وسيلة للسخرية والتنمر، يعاني من يرتدي النظارات الطبية من مشاكل وإزعاجات أخرى، تختلف بحسب عمر الشخص وحالته، وكذلك بحسب درجة تقبل الشخص لهذا التغيير.
ولا يمكن تجاهل حقيقة أن الشاشات الكثيرة التي تخطف أنظارنا عددا غير قليل من الساعات يومياً، ساهمت في تفشي ظاهرة ضعف البصر خاصة لدى صغار السن، ويمكن ملاحظة ذلك في المدارس على وجه الخصوص حيث تبلغ نسبة محتاجي النظارات الطبية للتمكن مثلا من رؤية السبورة أكثر من النصف في كثير من الصفوف.
النظارات الطبية والأطفال:
يبدو الأطفال هم الأكثر معاناة مع النظارات الطبية، فهي بحسب “لاريسا” (13عام) التي تعشق لعب كرة القدم، تقف عائقاً في أحيان كثيرة أمام ممارسة هوايتها المفضلة، كما تصف لتلفزيون الخبر.
وتضيف ” منذ عامين قال الطبيب أنني سأحتاج لارتداء النظارات الطبية حيث أعاني من قصر في النظر لا أتمكن بسببه من مشاهدة الأشياء البعيدة كالسبورة، ولن أتمكن من إجراء عملية لتصحيح البصر قبل بلوغي الثامنة عشر”.
وتوافقها “ماريا” التي تحتاج دائماً إلى الجلوس في المقاعد الأمامية في الصف، بسبب قصر في النظر يرافقها منذ أعوام طويلة، وتقول بدورها ” عندما كنت أصغر كنت أتضايق منها كثيراً بسبب سخرية رفاقي مني، ومحاولتهم إزالتها عن وجهي لإزعاجي، حتى أنها تعرضت للكسر مرة بسبب أحدهم”.
وتعيق النظارات “ماريا” كذلك في اللعب، كما تشدد والدتها على منعها من قضاء وقت طويل على شاشة الموبايل أو الكمبيوتر رغم أن العدسات مخصصة لإضاءة الشاشات، تتابع ابنة ال14 عاماً ببعض الحزن، لتلفزيون الخبر.
المراهقين:
وبالنسبة لـ”جاد” (17 عاماً) سببت له النظارات في البداية ألماً على جانبي أنفه، بسبب عدم اعتياده عليها، ثم تركت أثراً مثل تجور حول العينين، يعتبره مزعجاً، رغم تأكيدات الطبيب أن الاحتمال الأكبر أن يستغني جاد عنها بعد سنة أو قبل بلوغه الـ21عاماً.
وتحولت النظارات خلال السنوات الأخيرة إلى نوع من “الموضة”، حيث تفنن المختصون في إبداع أشكال جديدة للعدسات والإطارات وألوانها، الأمر الذي جعل ارتداءها مرغوباً حتى من الذين لا يحتاجون لها، خاصة من الفتيات.
اختارت “آية” إحدى الإطارات المزركشة المناسبة لفتاة في سن الـ16، بعدسات بلورية عادية، حيث تعتقد أنها تعطيها مظهراً جميلاً ولافتاً، وتشير إلى أن “أسعارها رخيصة وأشكالها جميلة”.
الكبار:
أما بالنسبة لمن هم أكثر سناً، تشكو “بتول” (28) عاماً من “المظهر الجدي الذي تكسبه إياه النظارات، حيث يناديها البعض “بالدكتورة” أو “البروفيسورة” في محاولة لإغاظتها، وتعبر عن ضيقها من الحالة فتقول “جربت أشكالاً كثيرة وجميعها تعطيني مظهراً أعتقد أنه يزيد من عمري”.
وتتابع متنهدة ” حتى في الحفلات لا أستطيع الاستغناء عنها، إلا إذا قاومت وتحملت ضعف النظر، فحتى العدسات البديلة هو خيار غير متاح بالنسبة لي، بسبب حساسية عيني الشديدة”.
أما “بلال” (مهندس) فيقول “أرتدي النظارات منذ سنوات طويلة بسبب الساعات الطويلة التي أمضيها أمام شاشة الحاسوب، وأكثر ما يضايقني هو تساقط المطر عليها، وما يسببه من تشويش في الرؤية، واختلاف مظهري بين وضعها أو إزالتها”.
صار عدد صغار السن من الذين يحتاجون النظارات الطبية، يضاهي أولئك من الكبار والعجائز، ويعتبر أبو أحمد أن السبب هو “نوعية الغذاء الذي كان صحياً أكثر على أيامنا، والذي ساعد على تمتع الكثير منا بنظر سليم وقوي حتى أعمار متقدمة”.
أبو أحمد الذي لم يقبل بارتداء النظارات الطبية حتى سن الخامسة والستين، رغم بعض الآلام وضعف النظر الذي عانى منه أثناء القراءة خاصة، تدلّ بوضوح على عقلية الجيل الذي كانت النظارات الطبية فيه دليل تقدم في السن أو ضعف معين مثير للإحراج.
يذكر أن أول من اخترع النظارة الطبية هو العالم الحسن بن الهيثم المعروف بابن الهيثم وكان يشتغل بتأليف الكتب العلمية، وعندما كبر ضعف بصره، فقام بإجراء تجارب عديدة على الزجاج ليصنع منه نظارة تعينه على القراءة.
وتوصل إلى اختراع عدسة محدبة كان تظهر الكلام والأشكال بصورة كبيرة وواضحة، وأخذ ابن الهيثم يطور عدساته واضعاً في اعتباره تفاوت قوة البصر بين عين وأخرى وساعده على ذلك معرفته بتركيب العين ووظائف أعضائها.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر