عندما حلّ “سبونج بوب وغامبول” مكان “لحن الحياة وسالي والكابتن ماجد”.. كيف تبدلت القيم؟
“غداً أو بعد غدٍ.. تكبرون تفرحون تعملون.. وبإذن الله تنجحون..لكنكم تحفظون كما نوار، طيب الذكريات”.. تقاربوا، تناغموا..وإن اختلفتم كلكم في الشكل والأسماء.. في العمر والأهواء، والزي والكلام..كالخنصر والبنصر والوسطى والسبابة، والخامس الإبهام جميعها أنامل من باقة فريدة من فن الحياة”.
لطالما ردد جيل الثمانينيات ومطلع التسعينيات هذه الكلمات التي تعود لشارة فيلم كرتوني تسعيني سمي “نوار”، كما لم يكن هو الوحيد حينها بل رافقت أحلامهم أيضاً أفلام أخرى تحمل ذات المحتوى فمنهم من عزف لحن الحياة وحلم بأهداف كابتن ماجد وآلمه قلبه على سالي الفتاة الحزينة التي فقدت أمها.
إلى أن كبر هذا الجيل الذي عايش تلك الشخصيات الكرتونية وتقمص حالاتها بكل ما فيها، وتزوج وأنجب أطفالاً فتحوا أعينهم على زمن السرعة والتكنولوجيا الخارقة، لتعرض لهم شاشاتها المسطحة مساحات واسعة من برامج في ظاهرها مخصصة للأطفال لكنها ذهبت في هدفها إلى غير وجهة.
ليبدأ بالتالي عقل الطفل، ذلك الكيان “الاسفنجي” بامتصاص أي معلومة أو فكرة والتأثر بها، بغض النظر عن صِحتها أو تأثيرها عليه، فأي فكرةٍ خاطئة أو معلومة مغلوطة ستعلقُ في أدمغةِ الأطفال ومع الزمن ستترسّخ ويصبح من الصعبِ التعامل معها.
تقول بتول، (شابة عشرينية) مواكبة لما كانت وما أصبحت عليه برامج الأطفال اليوم، لتلفزيون الخبر: “حملت فترة جيل السبعينات والثمانينات.. برامج مثل “فلونة” و”زينة ونحول” و”ألف باء الحياة” و”غريندايزر” و”سالي” علمت الأطفال قيم مثل الطيبة والشجاعة والكرم..”.
تتابع بتول “أما جيل التسعينات وأول الألفين فعرضت لهم برامج مثل (كان يا ما كان وعهد الأصدقاء وهزيم الرعد وريمي وكونان ولحن الحياة..) كانت امتداد للقيم السابقة مثلاً عهد الأصدقاء يعلم الوفاء للصداقة والعلاقة السليمة بين الأطفال ولحن الحياة علم التسامح واحترام الآخرين).
وتضيف “فإذا ماعدنا إلى الفيلم الكرتوني “كونان” فيمكن أن نلحظ ما يضيفه إلى الطفل من تعلّم الحذر والتفكر في كل أمر أو موقف، وبالعودة أيضاً تمثل أمامنا شخصية كما “الكابتن ماجد” التي تزرع في الطفل تقبل الخسارة والروح الرياضية في التعامل مع الأشخاص”.
أما في الفترات الأخيرة، فتسميها الشابة بتول فترة مصيبة محطة “كارتون نيتوورك” بما تقدمه للأطفال من برامج لا تزرع في الطفل سوى الغباء والسطحية، بالإضافة للإشعاعات المضرة نتيجة الصور السريعة والألوان القوية التي تؤثر على دماغ الطفل وتبقيه بحالة من الخمول”.
” ناهيك عن الرسائل المبطنة الموجودة فيها والتي تدفع الطفل ليتصرف تصرفات شاذة وغريبة وغبية”، تردف بتول.
وتوضح أكثر “يعرض على قناة “كارتون نيتوورك” برنامج اسمه “وقت المغامرة” فيه بطاريق بأشكال غريبة ومخيفة، أما عن محبوب أطفال “الزمن الرديء” فيأتي “سبونج بوب” بشخصياته التي تمثل الخطايا السبعة”.
و”غامبول” الذي يقول للأطفال إن الغش والغباء والكذب ينجي لأنكم أطفال.. وشخصية الأب الأرنب” ريتشارد” هو من أكسل الأشخاص، فحتى تغيير محطة التلفزيون تشكل له معضلة في حياته.
من جهتها، ترى الناشطة في ميدان قضايا الأطفال، مي أبو غزالة لتلفزيون الخبر: إن “الحلول إزاء مواجهة هذه الظواهر المدمرة للطفل، رؤية الأسرة لتربية الطفل بحيث تعتمد على تنوع الأنشطة، وتنظيم وقت الطفل، كما تحديد وقت خاص بالتلفزيون والأجهزة الذكية”.
“إضافة إلى أن تكون الأسرة على علم عن المخططات والبرامج الكرتونية قبل الطفل، خاصة في مراحل نموه الأولى وأن تشارك الطفل بالمشاهدة وايضا تعليم طفلها على الأفضل بالاختيارات”، بحسب ابو غزالة.
وتضيف “من الممكن أن يكون التساؤل عند الأسرة حول الأنشطة الممتعة والمنوعة مع فترة الكرتون التي يجب أن لا يحرم منها ولكن بتنظيم واختيار دقيق، ومن تلك الأنشطة القراءة، لعب الأدوار ، الألعاب الذهنية، والتركيز على الهوايات..”.
وهناك جزئية مهمة تلفت إليها أبو غزالة وهي أن يتم استثمار الأجهزة الذكية لمشاهدة الطفل على فقرات من الكرتون القديمة والمفيدة ذات المحتوى الهادف”.
وذلك في الوقت الذي باتت فيه الأجهزة الذكية الشغل الشاغل لهذا الجيل حيث لم تقتصر الخطورة فقط على ما يشاهدونه، بل على ما يمارسونه من ألعاب إلكترونية تعزز نزعات العنف والكسل لديهم.
روان السيد – تلفزيون الخبر