رغم دعوتها لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب.. الأمم المتحدة ترفض مشروع روسي بشأن آلية التحقيق بالجرائم في سوريا
رفضت الأمم المتحدة مشروع قرار طرحته روسيا يتعلق بالآلية الدولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا منذ عام 2011، رغم تشديد المجلس مؤخراً على ضرورة مساءلة مرتكبي تلك الجرائم.
وواجه القرار، بحسب ما نشرته وكالة “الأناضول” التركية، “رفض 88 دولة بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وتركيا وقطر”.
وأيد القرار “18 دولة بينها إيران والصين وميانمار وكوريا الشمالية وفنزويلا، وامتنعت 47 دولة عن التصويت بينها الإمارات العربية المتحدة ومصر وصربيا والهند”.
ومشروع القرار الروسي يخص الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، التي تتولى مهمة المساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للمسـؤولين عن الجرائم الأشد خطورة المرتكبة في سوريا منذ عام 2011.
ودعا مشروع القرار الروسي إلى “إلغاء جميع الإشارات والعبارات المتعلقة بالآلية الدولية المحايدة والمستقلة، للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا منذ آذار 2011 من الميزانية المقترحة لعام 2020”.
ويأتي رفض مشروع القرار الروسي رغم الدعوات والتشديدات التي أطلقتها الأمم المتحدة بذات نفسها مؤخراً من أجل التوجه لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا.
وصرح مستشار الأمين العام المعني بمنع الإبادة الجماعية أداما دينغ سابقاً أنه “يجب اتخاذ إجراءات نشطة من أجل جلب مرتكبي الجرائم في سوريا إلى العدالة”.
وأضاف: “من المهم محاسبة الجناة، ومن الضروري أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات لضمان المساءلة الكاملة عن جميع الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا والتي تم الإبلاغ عنها”.
وكانت شهدت سوريا خلال سنوات الحرب فيها المئات من التجاوزات وجرائم الحرب الموثقة التي تعمدت المجموعات المسلحة والدول الداعمة لها ارتكابها بحق المدنيين، وتعد مدينة حلب من أكثر المدن التي سجل فيها جرائم حرب ومجازر ارتكبها المسلحون بحق الأهالي.
ويعود السبب في ذلك إلى أن مدينة حلب خلال سنوات كان جزء كبير منها، (حوالي نصفها)، خاضع لسيطرة مختلف المجموعات المتشددة التي ظهرت وغابت لتحل محلها فصائل أخرى، حيث كان تواجد أولئك المسلحين في الأحياء الواقعة بالجهة الشرقية من المدينة.
وتعمد المسلحون طيلة سنوات الحرب استهداف أحياء المدينة عبر القذائف الصاروخية والهاون و”الجرر”، التي كانت تسقط بشكل يومي، علماً أنه بأحد الأيام أحصي أكثر من 90 قذيفة هاون سقطت على الأحياء السكنية بحلب في يوم واحد فقط.
وعاش أهالي مدينة حلب أصعب الفترات وأشدها عند ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي في الأحياء الشرقية حينها، حيث ارتكب التنظيم العديد من جرائم الحرب التي لم تقتصر على الاستهدافات، بل طالت الإعدامات الميدانية للسكان، حتى الأطفال منهم، بحجة “تطبيق الحد”.
ولا تقتصر جرائم الحرب المرتكبة على الفصائل المسلحة والتنظيمات المتشددة فقط، بل تشمل أيضاً البلدان التي تدخلت في الحرب السورية عبر دعم المسلحين بدايةً، وصولاً لنشر قواتها داخل الأراضي السورية.
ومن أكبر تلك الجرائم التي راح ضحيتها آلاف المدنيين، ما يعترف به “التحالف الدولي” الذي يقوده الاحتلال الأمريكي، حول استهدافاته التي كانت تطال مدينة الرقة، والمقابر الجماعية الذي اكتشفت بالمدينة بعد خروج “داعش” منها.
وتخطى عدد الجثث التي أخرجت في المقابر المكتشفة بمدينة الرقة ومحيطها الـ 2000 جثة، نسبة كبيرة منها لأطفال ونساء، سقطوا نتيجة قصف طائرات “التحالف” للمدينة أثناء تواجد “داعش” فيها، علماً أن معظم عمليات القصف كانت تتم عبر طائرات أمريكية.
أما من جرائم الحرب الأخرى التي ارتكبها الاحتلال الأمريكي في سوريا، فهي المداهمات والإنزالات الجوية والاعتقالات التي كانت تتم بدعم من “قسد” للقرى والبلدات الواقعة بأرياف الحسكة والرقة ودير الزور، علماً أن العدد الأكبر لتلك المداهمات كانت تتم في أرياف دير الزور.
وأدت تلك المداهمات لسقوط ضحايا من المدنيين أيضاً، نتيجة تعمد أمريكا ببعض الأحيان قصف تلك القرى والبلدات في حال ظهور مقاومة لممارساتهم فيها من العشائر العربية وشبابها الذين يساقون عبر تلك المداهمات إلى ما يسمى “التجنيد الإجباري” في صفوف “قسد”.
وتنضم تركيا أيضاً للولايات المتحدة الأمريكية في ارتكابها لجرائم حرب بسوريا، وتتمثل تلك الجرائم عبر الاستهدافات التي يقوم بها جيش الاحتلال التركي والفصائل المسلحة التابعة له للبلدات والقرى الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية، وبشكل خاص مناطق ريف حماة.
وبالإضافة للاستهدافات التي تتم، فإن الاحتلال التركي، عبر أذرعه في ما يسمى “المجالس المحلية” في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة، يتبع أسلوب قمع الأصوات الرافضة لتواجده بالقوة، سواء كان ذلك الرفض من قبل ناشطين معارضين حتى أو مدنيين، عبر اعتقالهم أو خطفهم أو حتى اغتيالهم، مع استهداف المظاهرات التي تخرج ضدها بالرصاص الحي.
يذكر أن عدد المعتقلين من قبل الاحتلال التركي منذ بدء “عمليته العسكرية” في سوريا وحتى شهر كانون الأول بلغ “417 شخصاً”، علماً أن أكبر حملات الاعتقالات، تزامنت مع مداهمات وسرقة للمنازل، كانت للقرى التي احتلت بأرياف الحسكة والرقة في تاريخ 17-9-2019، استمرت لثلاث أيام متواصلة، اعتقل خلالها “حوالي 300 شخص”.