تبدأ بصوت شخص واحد وتنتهي بصراخ أهل المدينة.. هذه حكاية “صرخة فلوجستا” الشهيرة
بذات المبدأ الذي تنتشر فيه “عدوى الضحك” بين الأفراد دون توقف، فإن للغضب عدوى أيضاً في السويد، لكن بشكل مختلف، فاللجوء إلى الصراخ من أجل إخراج الطاقة السلبية وتخفيف الضغط النفسي لدى الفرد هو أمر متبع ومعروف وينصح به.
إلا أن هذا الأمر تحول لعرف اجتماعي بدأ داخل إحدى قرى السويد، تتحول فيه الصرخة الواحدة لصراخ جماعي في قرية كاملة، بل بلدات ومدن أيضاً.
“صرخة فلوجستا” أو ما يعرف أيضاً بـ “هدير فلوجسيتا” هي ظاهرة اجتماعية سويدية تحولت لعرف شهير في البلاد، تقوم على صرخة جماعية تبدأ بفرد واحد وتنتقل منه لجيرانه ومن جيرانه لكافة سكان الحي ومنه للحي الآخر، وهكذا حتى تشمل القرية أو البلدة كافةً.
وسميت الصرخة باسمها نسبةً لقرية “فلوجستا” التابعة لمدينة “أوبسالا” شمال العاصمة السويدية، لكون مصدر هذا العرف هو تلك القرية المعروف عنها أن نسبة سكانها الأكبر من طلاب الجامعات.
وتبدأ “صرخة فلوجستا” في حال وجود شخص يعاني من ضغط نفسي أو غضب ويرغب بالتنفيس عنه، ليفتح باب شباكه بحوالي الساعة 11 ليلاً حصراً، ويبدأ بالصراخ بأعلى صوته.
وبعد سماع الصرخة الأولى، فيجب على كافة الجيران فتح نوافذهم مباشرةً والصراخ أيضاً، تضامناً مع الشخص الأول، وهكذا تفتح النوافذ والأبواب وتنتشر الصرخات بكافة أنحاء القرية دون توقف، لتكون “صرخة فلوجستا” صوت للقرية بكاملها.
وهذه الصرخة الشهيرة التي بدأت من القرية المذكورة، تحولت في السويد لعرف اجتماعي انتشر في معظم البلدات والمدن، حتى داخل المدن الجامعية أيضاً، علماً أن أسلوب تضامن الجميع لأجل شخص واحد، أثبت فعالية كبيرة للتفاؤل والراحة النفسية التي تأتي بعد هذا الصراخ الجماعي.
وفكرة مشاركة الجميع لصراخ شخص واحد، هو تعبير عن المراعاة والتفهم للضغوطات الاجتماعية والصعوبات التي دفعت هذا الشخص لتفاقم حالته النفسية وصولاً لحالة الغضب والصراخ.
كما أن السكان يعتبرون “صرخة فلوجستا” مانعاً مهماً لحالات الانتحار التي من الممكن أن تحدث، فمشاركة الصراخ والغضب هو كرسالة جماعية موجهة بذات الوقت لكل فرد في هذه المجموعة مفادها: “لست وحدك.. لا تحزن”.
أما عن أصل “هدير فلوجستا” ومتى بدأ؟ ومين أين جاء؟ فلا توجد معلومات صحيحة 100% عن هذا الأمر، إلا أن هناك رواية يعتقد البعض فيها أن “أول صرخة بدأت في القرية كانت حزناً على طالب انتحر”.
وتقول الرواية أن “طالباً كان يسكن القرية تعرض لضغوطات اجتماعية كبيرة وإهمال ونبذ من محيطه، مع تعرضه لمعاملة قاسية دون وجود أحد يسمعه”.
وما كان من الطالب بعد أن ساءت حالته النفسية بشكل كبير إلا أن فتح باب نافذته في أحد الليالي، ليصرخ بصوت شديد، وعوضاً عن شعوره بالتحسن، ساءت حالته أكثر بسبب العبارة السيئة الغاضبة من صراخه التي أصبح جيرانه يقولونها له، لينتحر الشاب بتلك اللية.
ولم تنتهي القصة بانتحار الشاب، بل ما حصل أن لا أحد علم بانتحاره إلا بعد أيام، بسبب عدم الاهتمام واللامبالاة من قبل محيطه، لتمضي أيام قبل اكتشاف جثة الشاب المنتحر، الأمر الذي جعل سكان القرية يشعرون بذنب كبير، لتبدأ الصرخة الجماعية الأولى في ليلة دفنه، بتمام الساعة الحادية عشر، حزناً عليه واعتذاراً منه.