بصيده طائر كوليريدج.. أحمد م. أحمد يكتب نصه الواحد المتقطع
بنَفس الشاعر الإنكليزي “صموئيل كوليردج” ولا شيء منه، يعود الشاعر أحمد م. أحمد، بعد سنواتٍ، بكتابه الشعري “أصيد طائر كوليريدج”، بتعددية بين البحر واليابسة، الحياة والموت، والشاعر نفسه والآخرين، لتثبت ما نقش على وجه الكتاب “نص واحد متقطع”.
وبإهداء “إلى غير المصدقين”، يتبنى الشاعر العنوان بفعل “أصيد”، ليجعل القارئ “صياداً” كلٌ لطائر نجاته الخاص من الصفحة الأولى، وينقله في رحلة من الشك والألم، إلى الخلاص واكتشاف الذات.
للوهلة الأولى قد يبدو العنوان جنائزياً وكأن رائحة الموت تعبق في كل سطر، ولكن ما إن ينطق النص حتى يتلاشى الاعتقاد السابق، فالشاعر يريد أن يعلم النجاة كما “بحارة كوليريدج”، موتٌ فاجع مؤقت ثم حياة، مؤكداً “أجل، كان علينا أن نتيتم حتى نكون صالحين لغابتنا القديمة”.
يتنقل “أحمد” بين الندم والشفاء، بخفة بين ال”هو” وال”أنا”، وال”أنت” وال”هم”، كمن يفصل الماضي عن التاريخ والواقع، حين يقول: “الرؤوس حبّات سُبّحة حول خيط العدم”.
وببصمته الخاصة وعباراته التي لا تشبه أحداً سواه، ينسج لنا “سورياليزماته”، وبين “الدبابات آكلة اللحوم” و”بنات السيليكون”، يحاول تلافي كارثة “جثث تبيع الجثث” قبل فوات الأوان.
ليس “كوليريدج” وحده من حضر في النص، فنرى “أوسكار وايلد” بالأمير السنونو، سلفادور دالي وساعاته، و آل باتشينو، نيتشه، وأخيل، ليكمل رسم مقاطع تصور الوطن والحرب والندم والموت بأشكاله، أعنفها “موت أنيق تحت نيران صديقة”.
وحتى مع وجود لمسات المذهب الرومنسي السوداء حاضرة في النص، يعلنها “أحمد” بكل أنفة الشاعر- رغم اعترافه بأنه قد مات كثيراً- : “أن لا تكف مصانعي.. عن إنتاج “لا” والـ”ليس”.. أن يكمل أوديبي رحلته.. من رحم الريبة.. إلى جدث الشك”.
يجعلنا صاحب “أحرق سفنه إلا نعشاً”، غير مدركين من كان الصائد أم الطريدة، وبمفهوم مختلف للذنب والمغفرة، مقيمين تحت “شجرة النهايات.. بشخص الصبر.. منتظرين نضوج ثمراتك”.
يذكر أن عنوان الكتاب جاء من قصيدة “أغاني البحار القديم” لصامويل تايلور كوليريدج، الشاعر الإنكليزي الذي أعلن بدء الحركة الرومانتيكية في إنكلترا، بديوان مشترك تحت مسمى “الأناشيد الغنائية”.
بتول حجيرة- تلفزيون الخبر