ممدوح عدوان.. “عازف يحتار في أيّة آلةٍ موسيقية يتلألأ”
شاعر ومسرحي وكاتب سيناريو ومترجم وباحث، ممدوح عدوان الظاهرة الشاملة التي لن تتكرر، تركت في الخاطر جملة معلقة تسترجعها الذاكرة “نحن لا نتعود يا أبي إلا إذا مات فينا شيء، تصور حجم ما مات فينا حتى تعودنا على كل ما يجري حولنا”.
ولد في قرية قيرون (مصياف) في ٢٣ تشرين الثاني عام 1941، وتلقى تعليمه هناك، وتخرج من جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة الإنكليزية.
عمل “عدوان” في الصحافة الأدبية، وبث له التلفزيون عدداً من المسلسلات والسهرات التلفزيونية، منها رائعة الزير سالم التي تأصلت في ماضي كل من عاصرها.
٨٥ كتاباً أصدرها بين 1964 و2004، سنة رحيله، فتنوّعت أعماله حتى احتار القارئ بين الشعر والمسرح والرواية والترجمات والكتب الفكرية والأعمال الدرامية.
كشاعر كان برأيه أن الشعر يعبر عن أعماق الشاعر وتفاعله مع المحيط الخارجي وليس إلقاء الخطب على هذا الواقع، فاستطاع أن يقدم ما يختلجه بطريقة صادقة تمس المتلقي وتغير منه.
وكان وجدانياً أكثر مما هو واقعي فتميز نصه الشعري بالشعرية العالية والإنسانية في التناول والتوصيف والتعبير مبدياً ذلك على اللغة والشكل وكلاسيكيات الكتابة الشعرية العربية.
وكهاوٍ منذ الصغر، بقيت بذرة التمثيل موجودة بالنفس فحولها إلى شيئين الأول كتابة المسرح، والثاني هو تقديم الشعر بشكل مسرحي.
ويعد “عدوان” من أوائل من كتب المونودراما في المسرح السوري ك”حال الدنيا”، التي كتبها من وحي وفاة والدته، و”القيامة”، في ثمانينيات القرن الماضي.
واستند إلى تراث عربي ومسرح عالمي استقى منه تقنياته العالية، فكانت مسرحياته “الرجل الذي لم يحارب”، و “سفر برلك”، تؤرخ للحياة الثقافية والإبداعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في سوريا من جهة، وتتناول الصراعات تناولاً نقدياً لاذع السخرية من جهة ثانية.
ويعد عمله على الصعيد الأدبي والفكري استثنائياً جداً من خلال القفزات التي حققها بين الفنون والآداب جميعها، فمن الصعب أن نصدق أن صاحب ديوان “الظل الأخضر” 1967 المفعم بالشاعرية والانكسار هو نفسه الذي انتقل ليعمل في مجال الترجمة فقدم “الإلياذة” لهوميروس بصيغة جديدة.
دخل الشاعر في صراع مرير وتراجيديّ مع الموت، من جهة القلب، ثم من جانب السرطان الملعون، وعرف كيف يحول مأساته الشخصية إبداعاً خالداً يدفع عنه شبح الفناء.
الفترة التي تلت مرضه أصدر ممدوح عدوان كتابين هما “حيونة الإنسان” و”الجنون مرة أخرى”، والذي يعتبر جزءاً ثانيا لكتابه “دفاعاً عن الجنون”.
وتوفي تاركاً “ظله الأخضر” ولكل قارئ ورثته الأدبية من كتب الترجمة والمسرحيات، والدراما التلفزيونية، في 19 كانون الأول 2004.
بتول حجيرة- تلفزيون الخبر