شهداء حاجز باب تدمر ..أسطورة التضحية
عشرات الحكايات ماتت مع أسامة عقل وعبد الكريم حسن وصالح العلي ونعيم حداد .. ضحكات بالكاد فارقت وجوههم ، خطفها الإحساس العالي بالمسؤولية ، لحظات سريعة تمر ، تقرر مصير حي كامل بأطفاله ونسائه … فإما ان يموتوا جميعاً وإما أن يموت الحي الذي لطالما أحبوه ، بفقره ، بتهميشه ، بأبنيته التي هشمتها الحرب والتفجيرات .
قرر اسامة عقل أن يموت فهيأ بندقيته ووقف أمام السيارة على بعد 3 أمتار، ووجه البندقية نحوها ، ونظر الى يساره قليلا فكان حيدر عيسى قد قرر الموت أيضاً، ووجه بندقيته نحو السيارة، فتبادلا ابتسامة الموت الأخيرة بصمت .
ووقف عبد الكريم حسن وصالح العلي على جانبي السيارة، ومن خلفها يساراً حسين خضورويميناً نعيم حداد و رائد زهرة ، جميعهم عرفوا أن السيارة مفخخة وأن الأشخاص الثلاثة في داخلها هم انتحاريون فلا مجال سوى ايقافها هنا وتفجيرها أو أن يستسلم الانتحاريون .
مضت دقائق من السجال بين ركاب السيارة الثلاثة وبين عناصر حاجز باب تدمر .. اتضح كل شيء فالهويات مزورة، ولا وجود لهكذا أسماء في شعبة المخابرات العسكرية، والسيارة كشفها الجهاز بأنها مفخخة ولا مجال أمام الانتحاريين سوى الموت أو الاستسلام.
خرج رامي الأحمد على صوت الجلجلة قرب الحاجز ووقف على حافة ” البلكون ” وسأل أسامة عقل … ماذا يحدث ؟ فأشار أسامة بيده الى زميله رامي بأن يبتعد عن المكان .
قال رامي الأحمد لتلفزيون الخبر”ركضت لأرتدي ثيابي العسكرية ، اعتقدت وقتها أن هناك مواجهة ، فقررت مؤازرة رفاقي وعند أول خطوة خارج الغرفة ، دوى انفجار ضخم ، كان كفيلاً أن يرميني لعدة أمتار وانا داخل البناء فأصبت بجرح قاطع في الرقبة وشظايا في الرأس واليدين .
وتابع رامي حديثه ، نزلت الى أسفل البناء ، وأنا لا أعلم أن الدم يتدفق من عنقي كصنبور مفتوح ، فركض الي العقيد مهند والذي فصله عن وقت الانفجار أقل من دقيقة ، واسعفني مع بقية الأحياء من عناصر الحاجز. و (رامي متزوج ويعيش في منزل أهله في حي المهاجرين ومايزال قيد العلاج ).
و قال المصاب حسين خضور لتلفزيون الخبر ” لقد تجاوزت سيارة البرادو التي تقل الارهابيين حاجز باب تدمر ب5 أمتار فطلب الشهيد اسامة عقل من سائق السيارة التراجع الى الخلف وان يظهروا هوياتهم الشخصية”.
وتابع حسين ” قال سائق السيارة والذي انتحل صفة ضابط في الامن ، انا ضابط ولا أسمح لك بأخذ هويتي ، فأجابه أسامة : لدينا تعليمات من العميد حسن دعبول ان نفتش الجميع بما فيهم العميد ذاته ، ولا استثناء في ذلك ، ووقتها سلموا هوياتهم وقمت باستلامها وتوجهت الى المساعد اياد زهرة للتدقيق فيها، و تبين ان لا قيود لها.
وأضاف حسين “أحضر صالح العلي وعبد الكريم حسن جهاز الكشف عن المتفجرات ، وتبين ان السيارة مفخخة فتغامزنا لنحيط بالسيارة ونمنعها من التقدم ولو متر واحد ، وأخذ كل منا موقعه في محيط السيارة “.
وتابع حديثه لتلفزيون الخبر” كمحاولة بائسة للقبض على الانتحاريين وهم أحياء ، طلب عبد الكريم حسن وصالح العلي منهم النزول من السيارة بهدوء ولكنهم رفضوا وشعروا بانكشاف امرهم ففجروا السيارة”.
وأضاف حسين خضور” لقد شاهدت لحظة الانفجار قبل أن أغيب عن الوعي ، أسامة وعبد الكريم وصالح قذفهم الانفجار نحو 20 متر باتجاه المقبرة واستشهدوا جميعاً ، بينما قذف الانفجار حيدر لأكثر من 30 متراً ليسقط قرب مشفى “نزيه ابراهيم ” وهو بحالة صحية حرجة الآن”.
وقال حسين” كنت أنا و الشهيد نعيم حداد والمساعد رائد زهرة خلف السيارة بمسافة 7-10 أمتار ، فقذفني التفجير عدة أمتار وأصبت بجروح بالغة ومازلت قيد العلاج ، بينما استشهد نعيم حداد فوراً وأصيب رائد زهره بجروح وكسور متعددة “.
يشار إلى أن حاجز باب تدمر هو حاجز مشترك من الامن العسكري والقوات الرديفة والحزب السوري القومي الاجتماعي ويصفه أهل حمص بأنه “أسطورة التضحية “.
محمد علي الضاهر _تلفزيون الخبر _حمص