الانفصال العاطفي وأثره النفسي على الفرد
يمر أغلبنا بتجربة الانفصال مرة على الأقل في حياته، وهذا الأمر ليس سهلاً، وأحيانا يكون الأذى النفسي الناجم عنه أصعب من أي أذى جسدي، وذلك بسبب طبيعتنا البشرية وميلها للاتصال بشخص آخر عاطفياً، ونتيجة لهذه الرغبة، تجعل انفصالنا عن شركائنا أمراً صعباً.
البعض يستطيع تجاوز ألم الانفصال العاطفي عن الشريك بسهولة، والبعض يشعرون بأن الحياة توقفت، وكأنهم مصابون بنوبة قلبية، يتملكهم الحزن الشديد وربما يتطور إلى الاكتئاب .
يتفق العلماء على أن هنالك مراحل يمر بها الانسان بعد الانفصال، تبدأ منذ لحظة حدوث قرار الفراق، وتكون أوضح وأشد عند الآخر الذي لم يتخذ القرار بنفسه، وتحمل مشاعر عدم التصديق لما حدث، وأن ما حدث هو مجرد خطأ وسيتم إصلاحه.
والمرحلة الثانية بحسب العلماء، هي أصعب وفيها يتأكد الشخص أن ما حدث قد حدث، ويبدأ في تجرع آلام الفراق يوميا، وغالبا ما تكون مليئة بالذكريات والأشواق والبكاء.
ويستمر الحزن في المرحلة الثالثة، وأهم ما يميز تلك المرحلة هي أن الشخص بدأ بالفعل “تصديق” أن الفراق واقع، وسميت هذه المرحلة بالتكيف .
أخر المراحل هي الرابعة حيث يتحرر الشخص من معظم مشاعره السلبية، وفيها يتمكن الإنسان من قلب صفحة هذا الفراق بوعي، وفيها ظهور حقيقي لبداية جديدة بصدق، البعض يسميها مرحلة النسيان.
ولكن هل تختلف تأثيرات الانفصال على الناس؟
تقول “حلا ” طالبة ماجستير في كلية التربية لتلفزيون الخبر، أن ما يجعلني اتقبل الفراق العاطفي هو معرفتي أنني قدمت العواطف والاهتمام اللازم كشريكة في هذه العلاقة ونحن كبشر مختلفون تحكمنا الإرادة والوعي.
وتضيف كلما كبر الانسان يعتاد على شعور الفراق بسبب نضج أفكاره ومشاعره ومعرفه أن الحياة اوسع من خسارة حبيب، بحسب قول “حلا” .
ويروي “بشار إسماعيل” تفاصيل قصته لتلفزيون الخبر ويقول :”عشت قصة حب عاصفة وتكللت بالزواج الذي استمر سبع سنوات و انتهى بالطلاق”.
ويضيف “عانيت بعد انفصالي من حالة نكران وعدم تصديق للانفصال وكان الخوف هو الهاجس الوحيد الذي عشت تحت ظله واستطعت تجاوز فكرة الانفصال بعد فترة من الزمن عند إدراكي أن مشاعر من أحببت قد تغيرت اتجاهي.”
ويكمل ، الحب شيء سام و روحي وغير مرتبط بشخص، لم أفقد ثقتي بالحب لكن في حالة الانفصال نفقد ثقتنا بأنفسنا، ونفقد ثقتنا بالطرف الآخر وليس بالحب .
بدورها، الدكتورة ليلى الشريف المختصة في العلاج النفسي تقول لتلفزيون الخبر عن أزمة الانفصال العاطفي “تتفاوت التأثيرات السلبية للانفصال عند الناس تبعا لصلابتهم النفسية و تجاربهم العاطفية السابقة و مدى اشباعهم الطفولي من الحب وقدرتهم على التوازن الانفعالي، إضافة لأسلوب مواجهتهم للمشكلات .
وتضيف ، “كما تؤثر تجاربنا السابقة تبعا لقسوتها أو احباطها فهي إما تجعلنا أكثر صلابة، وإما تجعلنا أكثر هشاشة في مواجهة مشكلات الحياة تلك الخاصة بالانفصال .
وحول اختلاف التقبل النفسي للانفصال العاطفي بين الذكر أو الانثى، تقول الدكتورة ليلى: لا يعود تقبل الانفصال للجنس سواء ذكر أو أنثى وإنما يعود لنمط شخصية المنفصل”.
وتضيف ” أن المرأة أكثر تضرراً من الانفصال بسبب قلة قدرتها على التعايش مع الوضع الجديد لعدة أسباب تتعلق أغلبها بنظرة المجتمع والقيود التي يفرضها عليها والخوف من الحاجة المادية والخوف على الأطفال في حال وجودهم.”.
وتتابع “نستطيع تجاوز ألم الانفصال العاطفي، تبعا للشدة النفسية التي سببها الانفصال، اذا كانت شديدة يجب مراجعة اختصاصي نفسي، كذلك الانشغال بنشاطات جديدة، وخاصة اجتماعية كالقيام بنشاط رياضي معين يتناسب مع جنس الشخص و اللجوء إلى دعم الأصدقاء والأقرباء .
يذكر أن نمط الشخصية ونمط التربية التي كونت الشخصية إضافة إلى التجارب التي يمر بها في الحياة منذ الطفولة دور هام في القدرة على مواجهة الانفصال العاطفي والدور الخطير المهم هو لنمط المجتمع الذي يكون إما محبط أو داعم للفرد .
ريما كحيلة – تلفزيون الخبر