من هي ماري عجمي؟ وما قصة أول مجلة نسائيّة سوريّة؟
في الحديث عن نساء سوريا لا بد أن يبرز اسم “ماري عجمي”، المرأة السورية التي منحت للإعلام السوري أول مجلة نسائية في أحد أصعب الظروف التي كانت تمر على سوريا وقتها.
وهي ممن ساهمن أيضاً في النهضة النسائية في سوريا عبر العمل في الصحافة وتأسيس النوادي الأدبية والمدارس.. هي الصحفية والأدبية السورية ماري عجمي.
ولدت ماري في الرابع عشر من أيار عام 1888، لأبيها يوسف عبده عجمي، الحموي الأصل، الذي انتقل جده إليان الحموي إلى دمشق، وهناك اكتسب اسم العائلة عجمي بسبب تجارته مع العجم.
وفي دمشق، ولدت ماري ودرست الابتدائية في المدرسة الآيرلندية، بينما درست الإعدادية في المدرسة الروسية، قبل أن تدرس التمريض في الجامعة الأمريكية في بيروت، لتجول بعد ذلك على مصر وفلسطين والعراق في رحلة عملت فيها في مدارس تلك البلاد، كانت تكتب خلالها بعض المقالات الصحفية.
عادت ماري عجمي إلى سوريا في 1909، بعد أن بدأت الدولة العثمانية بمحاولة تتريك المنطقة، وحبس كل من يعارضها، فحاولت وقتها زيارة السجون، وتمكنت من دخولها ولقاء الكثيرين من معتقلي الرأي في ذلك الوقت.
قامت ماري عجمي في عام 1910 بإصدار أول مجلة نسائية سورية حملت اسم “العروس”، وكانت عبارة عن مجلة أدبية تربوية فكاهية، تستهدف المرأة، وتحمل بين طياتها مقالات وأقصوصات أدبية.
بالإضافة إلى أبواب صحية تهتم بصحة المرأة والعناية بالطفل، وجعلت شعار المجلة “إن الإكرام قد أعطي للنساء ليزيّنّ الأرض بأزهار السماء”.
كانت المجلة تطبع أول الأمر في حمص واستمرت إلى سنة 1914 حيث توقفت بسبب الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) وبعد انتهاء الحرب أعادت إصدارها حتى سنة 1926 حيث توقفت نهائياً.
بدأت المجلة وعدد صفحاتها 32 صفحة ثم انتهت وقد تضاعفت إلى 64 صفحة. في المرحلة الأولى من 1910 – 1914 صدر في المجلة ثلاثة مجلدات وتقع في أكثر من ألف وخمسمائة صفحة، وفي المرحلة الثانية 1918 – 1926 صدر منها سبعة مجلدات تقع في حوالي خمسة آلاف وأربعمائة صفحة.
أثناء مرحلة التوقف خلال الحرب العالمية الأولى، أنشأت ماري عجمي مدرسة خاصة في دمشق، كانت تقوم على إدارتها والتعليم فيها.
تم تعيين جمال باشا (السفاح) كحاكم على سوريا وبلاد الشام أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث فرض سيطرته الكاملة وبدأ سلسلة محاكمات ميدانية ضد رافضي الحكم التركي من سوريين ولبنانيين.
حيث أعدم خلالها مناهضي الحكم التركي في ساحة البرج في بيروت، التي أصبحت تحمل حالياً اسم ساحة الشهداء، وفي ساحة المرجة في دمشق، وجرت الإعدامات بين عامي 1915 و1916، وبسبب الإعدامات الكثيرة في السادس من أيار عام 1916، حمل ذلك اليوم اسم عيد الشهداء في سوريا ولبنان.
وجدت ماري عجمي نفسها في مواجهة سطوة جمال باشا (السفاح)، حيث كانت تجمعها خلال ذلك الوقت علاقة حب مع بترو باولو، الذي كانت تزوره في السجن في دمشق وقتها، قبل أن يصبح واحداً ممن أعدمهم جمال باشا عام 1915، وكادت أن تتحول إلى ضحية أخرى من ضحاياه.
بعد أن عاودت المجلة نشاطها بعد توقف الحرب العالمية الأولى، أنشأت ماري عجمي النادي الأدبي النسائي عام 1920، كما أسست جمعية نور الفيحاء وناديها، ومدرسة لبنات الشهداء في ذات العام بالتعاون مع الأديبة نازك العابد.
ومع بدء الاستعمار الفرنسي على البلاد، وجهت ماري عجمي قلمها وشعرها ضد الفرنسيين، وعندما بدأت الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي، توقفت مجلتها “العروس” بشكل نهائي، لكنها عادت للعمل الصحفي من خلال تحرير مجلتي “العروسة” و”الأحرار المصورة” في مصر عام 1931.
تولت بعدها مهمة تدريس اللغة العربية والأدب العربي في مدرسة الإخوان الفرنسيسكان (دار السلام) في دمشق لأربع سنوات، سافرت بعدها إلى بغداد عام 1940 حيث عيّنت أستاذة للأدب العربي هناك.
توفيت ماري عجمي في دمشق في 25 كانون الأول 1965 عن 77 عاماً بعد أن عاشت في نهاية عمرها في عزلة بسبب المرض، ودفنت في مقبرة باب شرقي للروم الأرثوذكس في دمشق.
روان السيد- تلفزيون الخبر