ماذا قال “أهل أول” عن شهري تشرين ؟
ترتبط الأمثال الشعبية بحياة السوريين ارتباطا وثيقا، ولا نجد جانبا من جوانب الحياة، إلا والأمثال القديمة تتحدث عنه، انطلاقا من مثل “الله يرحم أهل أول، ماتركو شي ما حكو عنه” والذي يعده بعض الناس دليلا على مصداقية للأمثال.
وتشكل أشهر السنة أرضا خصبة للأمثال، بما تحمله من تقلبات الطقس بين أيامها وفصولها، ويكاد لا يخلو حديث بين السوريين عن الأحوال الجوية، كسياق ضروري بعد السلام والاطمئنان عن الأحوال.
ويشغل شهر تشرين بشقيه الأول والثاني، حيزا أساسيا في الأمثال السورية التي تحدثت عن الطقس والفصول وعلاقتها بشهور السنة وتقلباتها، كونهما مرحلة انتقالية بين الصيف والشتاء، وبداية فعلية للخريف وما يحمله من تغييرات مناخية وزراعية.
ويقول أحد الأمثال المتوارثة: “بين تشرين الأول والتاني صيف تاني، أو بين التشرينين قيظ ثاني”، تذكيرا بأن أمطار نهاية أيلول لا تعني عودة الشتاء، وأن الحرارة تعود لترتفع في أواخر تشرين الأول وبداية الثاني.
ويشير مثل آخر إلى تناقض الطقس في أيام تشرين، فيقول “بتشرين التاني ما في للصيف ولا للشتا أمانة”، ويدلل آخر على برد ليالي تشرين ” برد تشارين أحد من السكاكين”.
وتتحدث أمثال أخرى عن طقوس الزراعة في هذا الشهر، فيتداول الناس :” خيار تشريني، شمني وارمينيي”، كناية عن أن خيار تشرين يحمل رائحة قوية فقط من غير طعم، و بسبب كثرة العواصف المحملة بالأتربة ينتشر مثل “بتشرين بيغبر ورق التين”.
ويتداول السوريون من التراث الشعبي أمثالا تتغنى بماء تشرين وبرودته، فيقولون “اللي ما شبع العنب والتين عليه بمية تشارين”، ويشيرون إلى أهميته الزراعية، من خلال” اللًي بيزرع بتشرين بيرمي المد عشرين” والمد وحدة قياس يستخدمها المزارعون تعطي في هذه الفترة كميات تقارب العشرين كيلو.
ويتحدث “أهل أول” في أمثالهم القديمة عن قصر النهار على حساب طول الليل في تشرين، ويسمونها أيام الزيت، نسبة إلى بدء المزارعين خلالها بعصر الزيتون، فيقولون “بنهار الزيت أصبحت أمسيت” و “بنهار الزيت الشاطرة بالكاد تطبخ وتكنس البيت”.
يذكر أن الأمثال الشعبية تعد من أبرز عناصر الثقافة الشعبية، ومرآة لطبيعة ومعتقدات الناس، وتساهم في تشكيل أنماط واتجاهات وقيم المجتمع، مما جعلها محوراً أساسياً لاهتمام الكثير من العلماء والباحثين المعنيين بدراسة الثقافة الشعبية.
تلفزيون الخبر