كيف حول مارادونا “نابولي” من مدينة الفقر إلى مدينة السعادة ؟
في بداية الثمانينات بدأت الأندية الإيطالية بالظهور بشكل فعال على الساحة العالمية، وأخذت تنافس على مراكز الصدارة في البطولات الأوربية، لذلك عمدت إلى تعزيز صفوفها بنجوم الكرة المتميزين في تلك الفترة.
وكان من بين الذين وقع عليهم الاختيار النجم الأرجنتيني ديغو مارادونا الذي ولدت فكرة استقطابه عندما ذهب رئيس نادي نابولي كورادو فيرلاينو في عام 1984 إلى عمدة المدينة، فقال له “روما هي عاصمة إيطاليا، وميلان هي مدينة الأزياء، وتورينو مركز اقتصاد إيطاليا، لماذا لا نجعل مدينتا تمتاز بشيء يدر عليها النقود كباقي مدن إيطاليا.؟
فكان رد العمدة “أن خزينة المدينة لا يوجد فيها المال الكافي لاستقطاب الاستثمارات”، فقال له رئيس النادي “سوف نجعل مدينتا تعج بالسياح، وذلك عبر التعاقد من النجم العالمي مارادونا الذي بدأت شهرته في ذلك الوقت تنتشر في كل أنحاء العالم وسوف يلحقه العالم كله إلى نابولي.”
وافق عمدة المدينة على هذا الاقتراح، وبدأت الاستعدادات لاستقبال النجم الكبير، واستقبلته الجماهير بعبارة “هناك نجوم كثيرة بالعالم لكنك النجم الاكثر إشراقا.”
لكن الجماهير صدمت في أول الأمر لعدم إمكانية تحقيق أمنيتها بعدما أعلن العمدة عدم توفر المبلغ المطلوب الذي قدر وقتها بـ 8 ملايين دولار تكلفة التعاقد مع مارادونا، وكان ذلك يعتبر اعلى مبلغ يقدم للاعب في تلك الفترة.
لكن عشاق النادي كانوا مصرين على تحقيق أمنيتهم، فأقدموا على القيام بحملة لجمع التبرعات بالتعاون مع السلطات في نابولي من أجل إتمام العملية، وفور الإعلان عن ذلك رسميا حجزت جميع الفنادق في مدينة نابولي للقادمين من خارج المدينة لحضور مباريات النادي.
امتلأت مدرجات نابولي لأول مرة في تاريخ النادي، ولم يعد هناك أماكن للسياح، فبدا السكان يؤجرون منازلهم لهم، وبدأ المستثمرين يتوافدون على المدينة لبناء الفنادق والمطاعم لاستيعاب وفود السياح من كل أنحاء العالم.
وعلى الصعيد الرياضي كان نادي نابولي قبل قدوم مارادونا يعيش حالة من التخبط الإداري والرياضي، ولم يكن معروفا بكثرة محليا ودوليا، لكنه مع قدوم الأسطورة حصل معهم على ستة ألقاب في ظرف 5 سنوات فقط.
ومع منافسين كبار من حجم نادي يوفنتوس والميلان والانتر ولازيو، حيث فاز لأول مرة بلقب بطولة الدوري الإيطالي مرتين عامي 1986 و 1990، وكأس إيطاليا 1987 وكأس الاتحاد الأوربي عام1989 وكأس السوبر الإيطالية عام 1990.
وساهم وجوده مع النادي في زيادة مداخيل النادي المادية، حيث وصل عدد القنوات التلفزيونية التي كانت تنقل مباريات نادي نابولي الى 90 قناة تلفزيونية من كافة أنحاء العام، وأصبح النادي في تلك المرحلة مرعبا لبقية الأندية الأوربية.
ويقول في هذا الصدد اللاعب الهولندي الشهير رود غوليت “إرهاق كبير يصيبنا عندما نلعب ضد نابولي، نحن لم نكن نلاعب نادي نابولي بل نلاعب مارادونا وحده، وصعب جدا أن تقارن أي لاعب بمارادونا حيث كان له كاريزما كروية خاصة وقائد نادر وكان فعلا عند حسن ظن ممن راهن على نجاح الصفقة.”
“كذلك يسجل له أنه صنع مجد وتاريخ كبير لنادي نابولي الذي كان سابقا من الأندية المغمورة وأضاف إلى تألقه مع النادي، نجاحه في تغيير أحواله.”
كان له تأثير كبير على جماهير نادي نابولي ووصل إلى حد قيام الكثيرين منهم بالذهاب إلى المقبرة، ليخاطبوا الأموات منهم ويقولوا لهم “يالـ حظكم التعيس لأنكم لم تشاهدوا مارادونا.”
وأصبح جميع سكان نابولي يحبونه ليس بسبب البطولات التي جلبها لهم فقط، بل لأنه أخرجهم من حالة الفقر الذي كانوا فيها لدرجة أنه إذا دخل سارق إلى أحد المنازل واكتشف أنه أرجنتيني لا يسرقه نتيجة محبتهم الكبيرة لمارادونا .”
يشار إلى أن الأسطورة مارادونا من مواليد 1960 بيونس أيرس قاد منتخب الأرجنتين للفوز بكاس العام عام 1986، وشارك مع منتخب الأرجنتين في أربع كؤوس، وبعد اعتزاله اللعب في عام 1997 عمل مدربا لعدة أندية أوربية وعربية، كما تم تكليفه بتدريب منتخب بلاده في عام 2008 .
تلفزيون الخبر