اخبار العالمموجوعين

توقع استشهاد ولده لحظة وداعه.. حفر قبره.. وانتظر عودته شهيدا

كانت لحظات اللقاء الاخير التي جمعت العقيد محمود العيسى بابنه الشهيد الملازم اول عيسى ، كفيلة بأن تخبر الأب الجسور بأنه لا لقاء بعد الآن ، فكان حدس الأب يقول ” وداعاً يابني الى الأبد”.

أنهى العقيد محمود وداع ابنه من إجازة قصيرة استمرت لبضع ساعات قبل أن يلتحق بأرض المعركة، وعاد ليجهز قبراً لابنه، بالقرب من ضريح جده في قرية الشعيرات .

هو إحساس الأب الذي كتمه عن أم الشهيد وأخوته، لربما تلعب الأقدار لعبتها وتغير حدسه فيعود عيسى الى اهله واسرته ، ولكن عيسى عاد كما توقع الأب .. شهيداً وتوقفت تلك “الرزمانة” التي وضعها في صدر المنزل على تاريخ استشهاده 4/9/2016.

آثر أبو عيسى أن يستقبل المشيعين ويحمل جثمان ابنه في ذات الآن ، فتنطق دموع المشيعين : لله درك يا رجل !

يحدثنا والد الشهيد عيسى عن ابنه الذي لطالما رآه شاباً حيي الخلق، وسيم الطلعة، مبادراً في عمله، ملتزماً بأوامر رؤسائه، مدافعاً في كل معركة يخوضها وكأنه يدافع عن منزل أبيه وجده في قرية الشعيرات.

وقال العقيد محمود العيسى لتلفزيون الخبر، ان الشهيد عيسى حصل على الثانوية العامة في عام 2011 ولم يحالفه الحظ في الالتحاق بالكلية العسكرية والتي كانت حلمه منذ الطفولة، فسجل في كلية الجيولوجيا في جامعة تشرين ودرس فيها السنتين الاولى والثانية ثم عاد للتطوع في الكلية الحربية وتم قبوله فيها وتخرج منها عام 2015 باختصاص دبابات وتم فرزه الى الفرقة الرابعة.

وبقي الشهيد عيسى في جبهات حماة مقاتلا حتى استشهاده، وكان يحظى باحترام رؤسائه ومرؤوسيه طيلة خدمته العسكرية بحسب زملائه في الجبهة.

وأضاف والد الشهيد، لقد قاتل ابني في معارك لحيا ومعركبة وكوكب وأصيب مرتين وبعد استشهاده قال رؤساؤه، ان الشهيد عيسى تم تكليفه بعده عمليات خاصة قام بتنفيذها على اتم وجه وكان مثالاً للانضباط العسكري بين زملائه .

وعن اللقاء الأخير قال العقيد محمود العيسى ” في لقائنا الأخير في 30/8/2016 كنت اسمع منه عبارات مكررة عن الوطن والتضحية واستمر اللقاء من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة الحادية عشرة ونصف “.

وأضاف ،سألته عن أحواله وعن أحوال الجبهة فقال ” يا أبي أنا مصاب وما أردت اخبارك ، ولكن صحتي جيدة الآن فقلت له : انت في ساحة الحرب ولن أتفاجأ بأي خبر لا عليك ، ووقتها بدأ يحدثني عن اصابته وكيف تم نقله الى المشفى وكيف تم علاجه ، وتحدث عن المعركة وعن الثبات فيها ووصف كل من يتقاعس عن الدفاع بانه خائن لدماء الشهداء”.

وتابع الأب حديثه : خلال لقائي الأخير مع الشهيد كانت ” رنة ” هاتفه الجوال تقاطع حديثنا بين الحين والآخر فيخرج من الغرفة ويرد على الهاتف ومن خلال نبرة صوته علمت بأنه يتحدث مع رفاقه فكان يقول لهم : اصمدوا في الأرض ، لن أتأخر عنكم فأنا قادم ..”.

وأضاف الأب، ودعه أعمامه وأقاربه في قرية الشعيرات وضممته الى صدري وشعرت بأنه اللقاء الأخير والوداع الأخير، وفعلاً ذهب وعاد .. شهيداً ليجد أنني جهزت له ضريحه الذي سأبقى انثر عليه الورود والرياحين ماحييت .

 

محمد علي الضاهر _تلفزيون الخبر_ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى