عن الحرب والحب والسلام .. ومابينهم من “مسافة أمان”
لم تكن مسافة الأمان التي فصلت السوريين ككل عن الحرب في الواقع لتختلف عما دار أمام كاميرا الليث حجو مخرج مسلسل “مسافة أمان”، الذي يؤدي أدواره مجموعة من الممثلين السوريين في عمل سوري بكل مقوماته.
ولعل أبرز ما يميز مشاهد هذا العمل هو التناوب بين تناول مخلّفات الحرب وفسح السلام، من خلال لقطات أثيرة سواء تلك التي قامت أحداثها بين الركام الذي لازال على هيئته يردد صدى أصواتٍ لأطفال يتموا وأمهات ثكلوا.
فقصة “كنان” في العمل تشكل واحدة من “مسافات الأمان” التي جمعها نص المؤلفة “إيمان سعيد”، يخوض “كنان” أولى مراحل المراهقة الحرجة، بعد أن سلبه شبح الحرب عائلته وذكرياته، ينشر قُصاصات صور عائلته على حبل داخل خردة صدئة بملامح “سيرفيس”.
ويحيط بكل هذا الخراب فسحة ربيعية خضراء ضاقت في عين هذه الشخصية بما رحبت به من ظاهر وردي، حيث ترسم اللقطات مشاهد هذا المكان لتشكل لوحة تحاول الشخصية القفز منها، بينما تتخبط في قوقعتها تلك وحالاتها البائسة التي تتبدل وفقاً لسير الأحداث، وهي تلعن الحرب.
وفي زاوية أخرى من محطات العمل تبرز شخصية “يوسف” الممثل قيس شيخ نجيب، (مصور الفوتوغراف) والفنان الذي غادرته الحرب لكنه لم يغادرها، وثقت شخصيته في هذا العمل تجربة جمعت الحب والحرب والسلام، غادرته حبيبته في رحلة (هجرة غير شرعية) عبر البحر أخفقت الأشرعة فيها والتهمها الموج.
يعيش “يوسف” صراعاً متعدد الوجهات يحكمه الاستغلال وذكرى الفقد ومحاولة إنقاذ صديقه، إلى أن يحط رحاله في منزل دمشقي لرجل مسن يدرّب الشبان على الآلات الموسيقية القديمة متشبثاً بالزمن الجميل، تبدأ حينها حكاية “يوسف” و”نور” الممثلة (حلا رجب)، ولعل اختبارهما لشعور الغدر كان نقطة تلك البداية.
“نور” غدر بها خطيبها قبل موعد الزفاف بأيام كانت خلالها تتأمل فستان الزفاف، حيث لم يختلف في ذلك غدر موج البحر عن غدر بني البشر، تتوالى الأحداث حتى تصل إلى مشهد الاعتراف بالحب، الذي اختارت له كاميرا العمل سطح المنزل الدمشقي “اللوكيشن” الأكثر ألقاً.
لتصفع “مسافة أمان” في هذا المشهد كل معاني الحرب والدمار والبؤس، بين وشاحاتٍ بيضاء تشي بالنقاء على حبل غسيل أحاط بالشخصيتين، ويكتمل المشهد بصوت مآذن الأموي تصدح بالسلام وتبارك الحب، يتردد صداها في لحظة عناق، تعانقت معها أرواح مآذن الشام.
تدار بعدها كاميرا المخرج إلى مشاهد أخرى من العمل الذي يروي حكايات مابعد الحرب من آثار نفسية وروحية وجسدية ويشارك في العمل نخبة من الممثلين السوريين.
سلافة معمار، وفاء موصلي، كاريس بشار، عبد المنعم عمايري، هيا مرعشلي، ندين تحسين بيك، سوسن أبو عفار، ومجموعة من الوجوه الشابة، ويميز هذا العمل وجود شخصية الراوي التي تحكي حال الشخصيات وتؤديها الممثلة شكران مرتجى.
روان السيد- تلفزيون الخبر