حكاية تلحين النشيد الوطني
تعرّفه المراجع بالمقطوعة الموسيقية التي تحكي تراث بلد وتقاليده ونضالات شعبه، وتعترف به الحكومة نشيداً رسمياً، يردّد في المناسبات والاحتفالات العامة والمدارس، لكن يبقى لكل نشيد حكايته الخاصة، وظروفه التي جعلته رمزاً وطنياً يعتز به.
وما لا يعرفه كثير من السوريين أن النشيد الوطني(حماة الديار)، تم اختياره عام 1938 في مسابقة وطنية، وهو من كلمات الشاعر السوري خليل مردم بك، ووضع موسيقاه الأخوين فليفل اللبنانيين.
ولتلحين النشيد الوطني السوري حكاية، ففي عهد الرئيس هاشم الأتاسي، أعلنت الحكومة السورية عن مسابقة لتلحين قصيدة “حماة الديار”، التي تم اختيارها ككلمات للنشيد، وتقدم لتلحين القصيدة نحو ستين موسيقياً منهم ملحنين مشهورين.
وكان من جملة المتقدمين الأخوين أحمد ومحمد فليفل من بيروت، وشكّلت لجنة لاختيار اللحن الأفضل، ولما تقدم الأخوين فليفل رفضت اللجنة حتى مجرد استقبالهما والاستماع إلى لحنهما.
فلجأ الأخوان إلى فارس الخوري، الذي كان رئيساً لمجلس النواب، آنذاك، وشكوَا له عدم استقبال اللجنة لهما، فطلب سماع النشيد فوجد لحنه جميلاً لكنه لم يشأ التدخل في عمل اللجنة، فطلب منهما تعليم النشيد لطلاب المدارس حتى يحين وقت اختيار النشيد.
وعمل الأخوان بطلب فارس الخوري، وانتشر النشيد انتشاراً واسعاً ليس كنشيد رسمي، وإنما كنشيد وطني عادي إلى جانب أناشيد الأخوين فليفل الأخرى (بلاد العرب أوطاني)، ( في سبيل المجد)، (موطني)، ( نحن الشباب ) وغيرهم.
ولم يتم البت في أمر النشيد السوري حتى انعقاد اجتماع سان فرانسيسكو، الذي بحث استقلال سوريا، ومثّل سوريا فيه فارس الخوري وكان معه قسطنطين زريق، الوزير المفوض لسورية في الولايات المتحدة.
وفي ذاك الاجتماع تم إقرار حق سوريا في الاستقلال حيث أعلن فارس الخوري من هناك أن النشيد الوطني الرسمي لسوريا سيكون (حماة الديار).
عُزف النشيد الوطني السوري لأول مرة كنشيد رسمي لسوريا، صبيحة السابع عشر من نيسان عام 1946، بمناسبة جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سوريا.
الجدير بالذكر أن استخدام النشيد توقف فترة إعلان الجمهورية العربية المتحدة بين سوريا ومصر عام 1958، إلا أنه أعيد ثانية بعد الانفصال عام 1961.
تلفزيون الخبر