هل كان سيعيدها البوعزيزي ؟
تمر الذكرى الثامنة لإحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لنفسه، مروراً سريعاً على شعوب المنطقة التي ضربها “الربيع العربي”، الذي اندلع متأثراً بإحراق الشاب لنفسه، كما يقال.
هل كان يعلم الشاب الفقير صاحب “البسطة” التي يسترزق منها، أن إحراقه لنفسه كان شرارة صغيرة، أدت لإحراق بلدان بكاملها؟ هل كان البوعزيزي بتصرفه العفوي سيعيد الكرة لو علم ؟
أسئلة لن يجيب عليها الشاب، الذي توفي بعد أيام من الحادثة، ولن يجيب عليها أي من افراد أسرته، التي هاجرت وتركت البلاد والثورة والتخبطات، واستقر بها الرحال في كندا، بعيداً عن الحريق الكبير.
الاسم الكامل، طارق الطيب محمد البوعزيزي، توفي عن 26 عاماً في 2011، متأثراً بجراح أصيب بها بعد قيامه بإحراق نفسه أمام بلدية سيدي بوزيد في تونس، بعد رفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته وأهانته أمام الناس.
وتروي التقارير الإعلامية عن البوعزيزي أنه ترك المدرسة قبل حصوله على الثانوية ليعيل أهله، كون والده توفي وعمه الذي تزوج أمه مشلول، وكان للبوعزيزي حلمان، أن يتم أخوته تعليمهم، وأن يشتري “عربية” تساعده على زيادة مدخوله من بيع الخضار والفاكهة.
مألوفة هذه القصة ؟ في تونس كم هناك بوعزيزي ؟ في مصر التي احتاجت ثورتين بعد الثورة الأولى ؟ في اليمن التي لا يبدو أنه سعيد بالمرة ؟ في البحرين التي تم تناسيها ؟ في سوريا مأساة هذا العصر ؟
كل البلاد التي مر عليها “الربيع العربي” تواجد فيها البوعزيزي، البوعزيزي ليش شخصاً واحداً، هو بالفعل فكرة، فكرة أنشأها الظلم وعدم التكافؤ في الفرص والفقر والممارسات الأمنية القمعية، وترك من يتلاعبون بالدين يدخلون عقول الناس، والجهل، الجهل هو أساس الحريق الكبير.
وتقول التقارير الإعلامية إن “أكثر من 50 شخصاً قاموا بإحراق أنفسهم، بعد الطيب البوعزيزي، وذلك حتى منتصف كانون أول من عام 2011، حالياً، الرقم غير معروف، فأسباب حرق الشاب التونسي لنفسه تضاعفت بألاف المرات، وأصبح الحديث عن موت شخص واحد حرقاً “مملاً” أو “غير مهم” أو “لا معنى له” أو حتى شيئاً جيداً، شخص واحد فقط “خيييي منيح”.
من يقول أن البلاد لم تكن تحتاج لثورة فهو كاذب، فالبوعزيزي مات فقيراً بعكس حاكمه والمقربين، ومن يقول بأن مجتمعاتنا كانت مهيئة لثورة هو أيضا كاذب، فالبوعزيزي ذاته أحرق نفسه لأن “امرأة” ضربته وأهانته، فالمرأة ما زالت في قوانيننا ودساتيرنا وأعرافنا “ناقصة عقل ودين”.
تلفزيون الخبر