كيف نساعد أطفالنا في التحضير لاختباراتهم بطريقة علمية محببة؟
تعتبر فترة التحضير للاختبارات المدرسية الفصلية منها والنهائية من أكثر الفترات توتراً وضغطاً على الأولاد والأهل على حد سواء، لا سيما إذا كان الأطفال في المراحل الدراسية الأولى، إذ يتعرّضون للضغوطات النفسية والمدرسية نتيجة هذه الاختبارات والضغط لتحقيق النجاح.
وتُخلق هذه الفترة مجموعة من الضغوطات، لاسيما على الأمهات، نتيجة المهام الكثيرة الواقعة على عاتقهن، خاصةً إن كنّ من الأمهات العاملات.
رأي الأهل
تقول “رنا” (اسم مستعار وهي معلمة مدرسة) لتلفزيون الخبر، إنها “لا تستطيع تعليم أطفالها نتيجة أسباب كثيرة أهمها، دوامها اليومي في المدرسة وطيلة النهار يبقى شغب الأطفال وأصواتهم ومشاكلهم في رأسها الأمر الذي يسبب إرهاقاً كبيراً لها، أكبر من الإرهاق المادي الذي ستسببه الدروس، وبالتالي لا تملك أي طاقة لتعود وتبدأ ذات الطقوس المدرسية في البيت”.
وأضافت الأم لبنتين وولد في عمر المدرسة، أنها “تلجأ إلى معلمة خصوصي تأتي كل يوم إلى المنزل وتدرّس الأولاد وتتابع معهم دروسهم ومذاكراتهم وجميع شؤونهم الدراسية، إضافة إلى أن إعداد الشؤون المنزلية يحتاج وقتاً طويلاً، والتي تبدأ بإعداد الطعام ولا تنتهي بمشاكل المياه والكهرباء وما إلى ذلك”.
وتحدّث “سوار” (اسم مستعار) وهو أب لولدين في المدرسة ومدرّس لغة عربية، لتلفزيون الخبر، إنه “مضطر لوضع آنسة خصوصي لأطفاله لأنه يعود من عمله منهكاً، بالإضافة لضغوط الحياة اليومية والتي تستنزف كل فرد منّا، ولا أستطيع تعليمهم لأنني أريدهم أن يكونوا متفوقين في دراستهم وأخاف من تحميلهم ضغوطي وانفعالاتي وأفرغها أثناء تعليمي لهم في حال ارتكبوا أدنى خطأ، الأمر الذي يسبب مشكلات أُخرى”.
وأضاف “سوار”، أيضاً “كذلك هناك بعض المواد لا أستطيع تعليمها وتحتاج إلى معلّم مختص، إضافة أن الازدحام داخل الصفوف والفوضى أحياناً تجعل الحصول على المعلومات الكاملة والكافية أمر صعب، لذلك تكون المعلمة حاجة وملجأ لتعويض هذا النقص”.
رأي أهل الخبرة
تؤكّد المدرّبة في مجال برامج الطفولة، مي أبو غزالة، لتلفزيون الخبر، أن “فترة المذاكرات والامتحانات تخلق نوعاً من التوتر العالي عند عالم الكبار والأسرة والتي بدورها تنقله إلى الأطفال، ولكن كيف يمكن تجنب هذا التوتر ونحافظ على الهدوء؟”.
تتابع المدرّبة “بداية من المهم جداً أن يكون تعاملنا مع أطفالنا وبشكلٍ خاص ما يتعلّق بالدراسة والتعلّم أن يكون هناك تنظيم مسبق للوقت من بداية افتتاح المدارس وإنشاء ما يسمى عقد أو اتفاق مع الأطفال بمختلف مراحلهم من الرياض وحتى الشهادات العامة بهدف تنظيم الوقت”.
وأضافت “أبو غزالة”، أن ”كثيرون سيقولون كيف سيتم هذا العقد أو الميثاق الأسري؟ حتى أحافظ على روتين منظم بحياة أبنائي في فترة دخولهم للمدارس يفترض وضع برنامج يأخذ مساحة كبيرة من المشاركة معهم قائم على الأولويات”.
وأوضحت الخبيرة، أنه “يتم تحديد هذه الأولويات مثل الذهاب للمدرسة، اللعب، أوقات الراحة، تناول الطعام، أوقات الترفيه،.. حيث يتم تعليقها بالمكان الذي يرغبون فيه، ونجعلهم يختارون كل أولوية بحسب رغبتهم وأعمارهم ووقتها المناسب لهم ويضعون علامات لها بعد انقضائها”.
وذكرت “أبو غزالة”، أن “وضع هذا الميثاق الأسري بين الأهل والأبناء له نتائج إيجابية كبيرة، وذلك لأننا كأسرة لا نفرض عليهم شيئاً، وهم يشاركون فيما يحبون القيام به، وبعد فترة سيقومون بوضع علامات لهم حسب كل خيار يختارونه، الأمر الذي سيكسبهم ثقة وحب لأفعالهم ونتائجها”.
كيف نتعامل مع الطفل مع بداية المذاكرات؟
تؤكّد المدرّبة، مي أبو غزالة، أنه “إذا أردنا أن نبني شخصاً ناجحاً يجب أن نعطيه مساحة كافية له ليكتشف نفسه ويبني حياة ومنهجية تناسبه وتناسب رغباته”.
وتابعت المدرّبة “مع بدء فترة المذاكرات من المهم جداً عدم إخبار الأطفال بأن الأولوية الأهم هي العلامة، ولكن للأسف أغلب الأسر يكون حديثها حول أهمية العلامة والحصول على العلامة التامة، وهذا ما يسمى متلازمة العلامة، وبهذه الحالة تكون الأسرة قد جعلت الأطفال يطمحون للعلامة دون الحصول على التعلّم بالشكل المطلوب والأهم، وهو هل فعلاً تعلم هؤلاء الأطفال؟ هل حصل على المعلومة؟”.
وأضافت “أبو غزالة”، أن “هذا الأسلوب يجعل الطالب لا يشعر بمسؤولية الدراسة ويتعلّق بالعلامة، الأمر الذي سيؤثر سلباً على نفسية الطالب ومستقبله، لأن الأسرة هنا تبدأ بربط العلامة مع حرمان الطالب من أشياء يحبها نتيجة عدم حصوله على العلامة التي ترغبها الأسرة”.
“هنا نحتاج للحفاظ على هدوء البيت، بيئة المكان الذي سيدرس به الطالب، وذلك عبر تنظيم النوم، وأوقات الطعام وأوقات الراحة والأشياء التي يرغب الطفل في فعلها”، وفق “أبو غزالة”.
وتابعت “أبو غزالة”، من “المهم جداً توجيه الشكر للأطفال على الجهد الذي بذلوه منذ بداية العام الدراسي، وحتى بدء المذاكرات”، كالقول لهم “من بداية السنة وأنت عم تدرس وتكون منيح وحالياً سنضاعف الجهد وننظم الوقت لنتابع دراستنا، ومجهودك اليوم ستحصل عليه”.
وأضافت المدرّبة “وفي حال وجود صعوبة في إحدى المواد، يتم الحديث بشكلٍ ودّي حول مختلف المواد وتركيز الجهد والدراسة بشكلٍ أكبر في تلك المادة التي يجد فيها صعوبة، وإعطاء نوع من التعزيز لقدراته لتجاوز صعوبته التي يُعانيها من خلال تقديم الدعم له وتشجيعه على تذليلها”.
وأكملت المدرّبة في مجال الطفولة “تعريف الطفل بالهدف الحالي وهو التركيز بدراسة مواده، وأننا سوف نلغي بعض الأنشطة لأنه يجب توفير بعض الوقت لانتهاء المذاكرات، ثم العودة إليها”.
ونوهت “أبو غزالة” إلى أنه “لضمان تركيز الطفل لابد من تنظيم النوم، حيث يحتاج إلى ثماني ساعات، كذلك نوعية الأطعمة لأن الإنسان نتيجة ما يأكله، نختار الأطعمة التي لا تخلق توتر، والابتعاد عن مأكولات السوق، تضمينها الخضار أكثر من الدسم، إعداد الأطعمة التي يحبها خلال فترة الاستراحة”.
وتؤكّد المدرّبة على “ترتيب مكان الدراسة، وضع ترتيب للمواد التي يبدأ بدراستها وفق برنامج المذاكرات، ومن المهم البدء بالمادة الأسهل التي يحبّها وتقديم المساعدة التي يحتاجونها، وضع خيارات الاستراحة بالطريقة التي يحبّها الطفل”.
وتابعت “أبو غزالة”، أنه “بالنسبة لأطفال المرحلة الابتدائية يحتاج كل طفل إلى 10 دقائق للراحة بعد كل ساعة من التركيز، ولابد من توفير الراحة بالطريقة التي يحبها، ولا داعي للدراسة منذ وصوله للبيت، بل إعطاء وقت لتناوله الطعام والحديث معه وأخذ قسط من الراحه ليس طويلاً”.
وأضافت المدرّبة، أنه “من المهم خلق بيئة للحوار مع الطفل ودراسته بالطريقة التي يحبها، وتنظيم برنامجهم اليومي للدراسة وتعريفه بتقصيره في حال كانت متابعة الدروس غير جيدة، ومساعدته على تجاوزها”.
كيف نحبب الطفل بالتعليم؟
وحول دور الأهل في جعل الأبناء يحبون التعلّم ويرغبون بالذهاب إلى المدرسة، لابد من اتباع مجموعة من الخطوات، بحسب المدرّبة في مجال الطفولة، مي أبو غزالة.
ترى “أبو غزالة”، أن “جعل الأطفال يحبون التعلّم هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمعلّم، ولكن نحن كأسرة نستطيع أن نحبب أطفالنا بالتعلّم من خلال ربط الخبرات اليومية التي يحصل عليها الطفل بدروسه التي يتضمنها منهاجه”.
وقالت المدرّبة، إن “كذلك توظيف وسائل الترفيه التي يحبها في اكتسابه معلومات تساعده على تجاوز الصعوبة التي يُعانيها، مثلاً استخدام الهاتف الذي يحب اللعب فيه بطريقة إيجابية، وذلك من خلال البحث عبر محركات البحث عن معلومات تتعلّق بالدرس الذي يحفظه”.
وتابعت “أبو غزالة”، أنه “من الضروري الابتعاد عن العنف والضرب والتوبيخ والإساءة أمام الأخرين، لابد من الاستماع لهم وجعلهم يضعون هدفاً لحياتهم ومساعدتهم على فهم هذا الهدف، واكتساب الخبرات والمعلومات التي تساعدهم على تحقيق هدفهم عبر التخطيط له وفق مراحل محددة، ونساعدهم على الاستمتاع بدراستهم من خلال الطريق التي نخلقها لهم”.
يُذكر أن جميع الدراسات والأبحاث العلمية تؤكّد أن الأسرة حجر الأساس في تطوير شخصية الأبناء وبناء قدراتهم العاطفية والاجتماعية والتعليمية، وإذا كانت هناك علاقات صحية متوازنة بين الأفراد فإن ذلك يساهم في تعزيز الثقة وتطوير مهارات التواصل والاحترام.
شذى بدّور – تلفزيون الخبر