العناوين الرئيسيةمجتمع

هل يعتبر السوريون فيسبوك مكاناً آمناً لحفظ ذكرياتهم وبياناتهم؟

أدى خلل عام، يوم الاثنين، إلى توقف بعض حسابات “فيسبوك” و “انستغرام” عن العمل، في حادثة ليست هي الأولى التي تواجه مستخدمي المنصتين.

 

وسجلت حسابات المستخدمين خروجاً تلقائياً بشكل مفاجئ، مما أجبر العديد منهم على إعادة تسجيل الدخول إلى حساباتهم، وأثرت المشكلة التقنية على المستخدمين سواء كانوا يستخدمون الفيس بوك عبر هواتفهم المحمولة أو من خلال أجهزة الكمبيوتر.

 

ووفق تقارير، أبلغ الآلاف من مستخدمي التطبيقين حول العالم، عن خلل يواجههم أثناء استخدام موقع فيسبوك، وفي وقت لاحق تحدث مستخدمون عن خلل مماثل في “إنستغرام”.

 

سياسات منحازة تحت غطاء مخالفة المعايير

تحدثت الصحفية هيلين ملّا خليل لتلفزيون الخبر عن تجربتها الشخصية مع منصة “فيسبوك”، وتغير نظرتها تجاه التطبيق الأكثر استخداماً بالنسبة لها.

وقالت هيلين: “أمتلك حساباً منذ عام 2009، وكنت أتعامل مع منصة فيسبوك كمكان أحتفظ فيه بصور وذكريات ومحادثات وخاصة، سيما مع وجود ميزات الأمان والخصوصية”.

وتابعت هيلين “لكنني تعرضت شخصياً لحادثة أدت لإيقاف حسابي بشكل دائم من قبل شركة ميتا، والسبب ذكر كلمة سوريا ضمن منشور، ليصلني إشعار بمخالفة المعايير”.

وأكملت الصحفية لتلفزيون الخبر: “اضطررت للاستعانة باختصاصين خارج البلد ليقوموا بالتواصل مع شركة ميتا وتقديم البيانات التي تثبت أن الحساب خاص ولا يتبع لجهات حكومية والكلمة المذكورة اسم بلد وليست سياسية أو عنصرية”.

 

وأشارت “ملّا خليل” إلى أنه “من بعد هذه الحادثة لم أعد اعتبر فيسبوك مكاناً آمناً، وقمت بسحب كافة الصور وأخذ المعلومات التي أحتاجها من محادثات لعدم ثقتي بالشركة وسياساتها المتحيزة مجدداً”.

وأكملت هيلين: “اختلفت نظرتي وطريقة تعاملي مع منصات السوشال ميديا بشكل عام، بسبب التحيز الواضح مثل عدم القدرة على ذكر كلمات مثل (احتلال ـ فلسطين ـ غزة)، وكل ما يرمز إلى وجود انتهاك إنساني بينما يمكنك بالمقابل كتابة كلمة “اسرائيل” دون أية مشاكل”.

وتابعت الصحفية: “تقوم ميتا بإخفاء منشورات، حظر وتقييد بسبب منشورات، الضخ المدروس لظهور فيديوهات ومنشورات بعيدة عن الواقع واختفاء منشورات من البحث، بحيث تخفي الشركة صفحات أي مثلاً تعتبره معادياً لها، ولم يعد هناك مصداقية في المنصة كمكان للتعبير أو نشر الواقع بل أصبح مكاناً موجهاً لغايات واضحة”.

مكان للتسلية والتواصل

يقول وهاج عزام (صحفي) لتلفزيون الخبر: “بدأت باستخدام فيسبوك تقريباً في عام 2010، وكان في البداية للاستكشاف كونه شيء جديد طرا على حياتنا حينها، وتحول مع بداية الحرب وتحديداً في سنوات 2012ـ 2013 ليكون مصدراً من مصادر الاخبار وخاصة المحلية منها”.

وأضاف “عزام” أن “استخدامي اليومي لتطبيق فيسبوك أخذ يزداد مع نشاطي بمجال الإعلام والأخبار المحلية وتحديداً خلال سنوات 2015 حتى 2017”.

وتابع وهاج أن “فيسبوك أصبح مكاناً لتبادل الاراء في بعض الأحيان وتوسيع شبكة العلاقات والصداقات وبناء صورة معينة عن شخصيتي عند الناس، إذ أرغب بالتواصل مع مجموعة من الأصدقاء والتشارك بنفس الاهتمامات والهموم والأفراح والأحداث، وتقوية العلاقات مع الآخرين ليتم استثمارها بالحياة الواقعية بعيداً عن العالم الافتراضي”.

وأردف وهاج لتلفزيون الخبر “ازداد تعلقي بهذا التطبيق ليصبح أكثر من مجرد وسيلة تواصل، وتحول إلى جزء أساسي من عملي وتواصلي مع الناس بالطريقة التي أحب تقديم نفسي بها، وهذا شي إيجابي جدآ بالنسبة لي شخصياً”.

وأشار الصحفي إلى أنه “في الوقت الحالي ومنذ حوالي سنتين، بتنا نلاحظ انخفاض تواجد فيسبوك وتأثيره وانتقال التأثير والاهتمام لإنستغرام مثلاً أو تيك توك، لكنني بقيت “دقة قديمة” وحافظت على تواجدي الأساسي على فيسبوك مع اختلاف طريقة التعاطي معه”.

واستطرد وهاج “أصبحت أرى أن فيسبوك ليس المكان المناسب لكتابة آراء مثيرة للجدل أو خارجة عن المألوف لجذب الناس وفتح نقاشات عميقة، لأنه أصبح مقيد بالكثير من المحظورات خاصة من بعد أحداث غزة، بالإضافة لانتشار حسابات وهمية بشكل كبير جداً”.

ولفت وهاج إلى أن “وجود تلك الحسابات قد تعرض الشخص أحياناً لهجمة تعليقات مسيئة أو سخرية وتسخيف للمحتوى، ولذلك فضلت أن أكون بعيداً عنها وتجنبت الكثير من التعمق بالطروحات، وأصبح مكاناً للتسلية، حيث أكتفي بمشاهدة فيديوهات احيانا، أو مشاركة بعض الأعمال يلي أقوم فيها كنوع من استمرار التواصل مع الناس”.

وتابع وهاج “أما باقي وسائل التواصل مثل انستغرام، فاستخدامي له للهدف الغرض المذكور سابقاً، أي التسلية ومشاركة بعض الأحداث المميزة، بينما أصبح توجهي الأكبر نحو يوتيوب كونه مكان محافظ شوي على خصوصيته الهادئة البعيدة عن الضجة والسرعة الجنونية بتلقي البيانات والمنشورات”.

وبين وهاج أن “يوتيوب بقي محافظاً على زاوية فيها شيء تعليمي ثقافي موسيقي جيد، بالإضافة إلى “لينكد إن” كمكان للتعلم والتطور المهني والبحث عن فرص جديدة”.

وأكمل “عزام” أن “فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي مكان غير أمن لحفظ اشياء مهمة، وهناك طرق أخرى لحماية وحفظ الابحاث والصور المهمة عبر الإنترنت دون الحاجة للسوشل ميديا”.

 

مكان آمن أجد فيه من يشبهني

قالت مايا عبد اللطيف (19 عاماً) لتلفزيون الخبر: “أعتبر فيسبوك عالماً خاصاً بي، مليء بالموسيقى التي أحبها والاهتمامات التي أمتلك الشغف تجاهها والأصدقاء الذين أحبهم واختار وجودهم في حياتي بإرادتي، وأظن أن هذا الشعور يختلف من شخص لآخر وكيف يتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتابعت مايا التي تدرس فقه اللغات بجامعة بلغراد في صربيا: “لم أكن أعتبر فيسبوك مكان الذكريات الخاص بي لأنني أشعر دائماً بأنه ليس ملكي، ومن الممكن أن يختفي يوماً ما أو أفقده خصوصاً بعد الانحيازات والإجراءات التي يتم اتخاذها كل فترة وأخرى”.

وأضافت “عبد اللطيف”: “لذلك لم أضع أي أمل باستمرار وجوده ولم أضع نفسي في موقع أن أحتفظ بذكرياتي بمكان مجهول لست متأكدة من استمراره، ولهذا السبب اعتبره مكاناً أجد فيه ما أحب وما اختاره”.

وأشارت مايا الى أن: “الأمر اختلف بعد سفري إلى صربيا، وأصبح مختلفاً بالنسبة لي ولمن حولي لأنه أصبح مكاناً يذكر من يعرفني بوجودي ويخبرهم بأنني بخير عندما يرون صوري أو يقرأون ما أكتب”.

وتابعت مايا “أمتلك حسابات على السوشال ميديا منذ عمر 17 عاماً، ولم تختلف نظرتي إلى وسائل التواصل الاجتماعي، فكنت أعتبرها مكاني الخاص الذي أختار به محيط الأشخاص الذين أتمناهم و الأصدقاء الذين أحبهم، حتى أصبح لدي أصدقاء مقربون من وسائل التواصل الاجتماعي أكثر بكثير من أصدقائي في الواقع”.

وتحدثت “عبد اللطيف” عن سبب ذلك، قائلة “لأننا متشابهون، إذ استطعت على فيسبوك أن أبحث وأجد من يشاركني بنفس الاهتمامات والأفكار ونصبح أصدقاء لكن على أرض الواقع لست من يفعل ذلك فأنا التقي بأشخاص عشوائيين وتضع الحياة في طريقي أشخاص لم أخترهم، بينما استطيع ذلك على وسيلة التواصل هذه”.

وأكملت مايا “لذلك كانت وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن مكان آمن بالنسبة لي بوجود فيه أصدقائي الذين أصبحوا حقيقيين ومقربين مني، حيث نتبادل الموسيقا والروايات والنكات والصور والحياة اليومية والأشياء التي نحبها ونكرهها و الكتابات وأي شيء نحبه، فلم تختلف نظرتي لكن حاجتي هي التي اختلفت”.

وأردفت “عبد اللطيف” لتلفزيون الخبر “أصبحت أشعر أنني بحاجة إلى وسائل التواصل، بل أصبحت أعيش بداخلها بعد سفري إلى بلغراد في منحة دراسية فأصبحت السوشل ميديا كل حياتي، وأستخدمها يومياً بشكل مستمر لأنني أتواصل أغلب الوقت مع عائلتي وأصدقائي، وبالتالي أصبحت حاجة ملحة”.

ولفتت مايا إلى أن “أكثر منصة كنت استخدمها في سوريا هي فيسبوك لأنها الأكثر شيوعاً، على عكس أوروبا التي تعتمد معظم دولها على إنستغرام، ولذلك اضطررت أن استخدمه بكثرة كي اندمج مع الأشخاص من حولي والأصدقاء من مختلف الجنسيات”.

وشددت مايا على أنه “بقدر حاجتي إلى وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أكرهها بعد مرور شهر كامل في صربيا، حيث أصبحت جزءاً كبير من يومي وشعرت كم أنا بحاجة إليها كون كل شيء هنا يعمل من خلالها، بالإضافة إلى تواصلي مع عائلتي وأصدقائي من خلالها، وعلى الرغم من ذلك لا أستطيع التخلي عنها، بسبب للتواصل مع عائلتي و الاندماج مع المجتمع الجديد هنا”.

 

نصائح لزيادة مستوى الأمان

قدم الخبير التقني جعفر بدران عبر تلفزيون الخبر بعض النصائح لحماية الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي من السرقة، واتباع بعض خطوات الامان.

وقال جعفر إنه “يجب تجنب الروابط المشبوهة، والحذر من الروابط غير الموثوقة التي يؤدي الضغط عليها الى سرقة الحسابات من خلال الهندسة الاجتماعية او من خلال فيروسات محقونة ببعض التطبيقات والالعاب”.

وتابع “بدران” أنه “يجب تجنب دعوات الإعلان المدفوعة غير الآمنة، مثل أن يأتي شخص يقول لك ان أحد أقاربك قد توفي في بلد معين، و هذه الرسائل كثيراً ما تصل للمستخدمين”.

وأوضح جعفر أنه “يجب استخدام كلمات مرور قوية، والتأكد من أن كلمات المرور التي تحمي حسابات المستخدم تكون طويلة ومعقدة ومكونه من حروف وأرقام ورموز، بالإضافة إلى تفعيل المصادقة الثنائية، وهي طبقة إضافية من الأمان، إذ تلزم شركات التواصل الاجتماعي جميع المستخدمين بتفعيل المصادقه الثنائية حالياً”.

وأشار الخبير التقني إلى أهمية “تحديث التطبيقات بانتظام، حيث يجب المحافظة على تحديث التطبيقات للحصول على أحدث ميزات الأمان، ومراقبة النشاطات غير المعتادة بانتظام، حيث يقوم بعض المخترقين مؤخراً بعدم سرقة الحسابات بشكل مباشر بسبب سياسة امان شركات التواصل الاجتماعي التي تمنع تغيير المعلومات إلا بعد مرور وقت من آخر جلسة نشاط على الأجهزة”.

وشرح جعفر أفضل الطرق لحفظ نسخة احتياطية من محتوى الحسابات على منصتي ميتا “فيسبوك وإنستغرام”، حيث نقوم بفتح فيسبوك، وننتقل إلى الإعدادات، ونبحث ضمن الخيارات على جملة”معلوماتك على فيسبوك” بعدها نضغط على “تنزيل معلوماتك”، و نختار البيانات والفترة الزمنية التي نود الاحتفاظ بها، ثم نننقر على إنشاء ملف”.

أما على إنستغرام، ننتقل إلى الإعدادات ثم الأمان، ومن ثم “تنزيل البيانات”، لنقوم بعدها بإدخال بريد الإلكتروني مرتبط بالحساب ونطلب التنزيل.

يذكر أن خللاً أصاب “فيسبوك” و”إنستغرام”، خلال آذار الماضي، وأدى إلى تسجيل خروج مفاجئ للمستخدمين، حيث عرض موقع رصد الأعطاب في الإنترنت (Downdetector) أكثر من 90 ألف إبلاغ عن تعطل “فيسبوك”، وأكثر من 16 ألفا عن “إنستغرام”.

الجدير بالذكر أن أكثر ما يقلق في أمان تطبيقات المراسلة هو مدى إمكانية وصول الأطراف الخارجية أو الشركات المنشئة للتطبيقات، ويتجه معظم المستخدمين في الوقت الحالي لاستخدام تطبيقي تلغرام وواتس أب، باعتبارهما أكثر أماناً من التطبيقات الأخرى، وفق العديد من المختصين.

عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى