جامعة خاصة تحتال مالياً على الدولة وتسطر ثلاثة عقود مختلفة لمدرسين فيها
اشتكى عدد من دكاترة كليات الهندسة في الجامعة الوطنية الخاصة بمدينة حماة، عبر تلفزيون الخبر حرمانهم من راتبهم التقاعدي الفعلي والمنصف، بحسب تعبيرهم.
وقال أحد المشتكين، إنه “بداية كل عام دراسي يتم تجديد عقود الاساتذة والدكاترة المهندسين في الجامعة ويتم توقيع كل أستاذ على عقده مع رئاسة الجامعة”.
عقدين مختلفين
بيّن الدكتور المشتكي (اشترط عدم ذكر اسمه)، أنه “في كل عام تقوم الجامعة بإرغام الدكاترة المهندسين على توقيع عقدين، الأول يتم إرساله لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو المزور ويكون بمبلغ ثابت لكل الدكاترة (800 ألف لعام 2023 ومليون و نصف بعام 2024)”.
وتابع المشتكي، أنه “يقوم الدكتور بالتوقيع على العقد المالي الفعلي بينه وبين الجامعة، والذي يتراوح بين 3 إلى 9 ملايين ليرة سورية للشهر الواحد”.
وجدد المشتكي تأكيده بأن “مديرة الموارد البشرية التي تعد العقود غير الصحيحة للوزارة، تقوم بإرسال بيانات الرواتب المغلوطة للتأمينات الاجتماعية، وتحتفظ بالعقود الفعلية الموقعة من رئيس الجامعة، وتمنع الدكاترة من أخذ نسخة عنها أو تصويرها”.
المفاجأة الكبرى
وكشف أحد الدكاترة، أن “المصيبة الكبيرة هو ما قمنا باكتشافه لأول مرة، وقيام الجامعة بإرسال بيانات إلى التأمينات الاجتماعية بمدينة حماة تفيد بأن راتب الأستاذ الدكتور المهندس هو (فقط 275 ألف ليرة سورية)”.
وقال الدكتور، إن “يحرمنا هذا الإجراء من راتبنا التقاعدي الفعلي والمنصف، والأهم أنه يحرم الوطن من عائدات هذه العقود الخاصة التي كانت ستساهم في دعم قطاع التأمين للفئات الأكثر ضعفاً”.
وناشد المشتكي لـ“إعادة حقنا في راتبنا التقاعدي (بدءاً من عام 2019 حتى تاريخه) عن طريق تعديل قيمة الراتب المدون لدى التأمينات الاجتماعية، وإجبار الجامعة على دفع مستحقاتها لخزينة الدولة بما يحقق العدالة للدكاترة المهندسين والموظفين ويعود بالربحية على قطاع التأمين الحكومي”.
تهديد من قبل الموارد البشرية
ونقل أحد المشتكين لتلفزيون الخبر، أن “مديرة الموارد البشرية أرجعت سبب هذا الإجراء لتخفيض النفقات والضرائب الواجب على الجامعة دفعها كونها قطاع خاص ربحي”.
ولفت المشتكي إلى أنه “تم تهديدنا بأن أي دكتور يتحدث بالموضوع أو يسرب أي معلومة سيتم فصله من الجامعة وإلغاء عقده”.
وتابع المشتكي أنه “تم إضافة بند إلى العقد هذا العام يقضي بسرية الرواتب، وعقوبة تطال كل من يخبر أي من الجهات الحكومية الوصائية عن راتبه”، حسب تأكيده.
الجامعة تمتنع عن التوضيح
حاول مراسل تلفزيون الخبر مراراً التواصل مع مديرة الموارد البشرية في الجامعة الوطنية الخاصة للاستفسار والتحقق من الشكوى المقدمة دون أي استجابة، وذلك بعد أن قام نائب رئيس الجامعة بتحويلنا إليها كونها المنوطة بالإجابة.
وأجرى مراسل تلفزيون الخبر عدة محاولات للحصول على جواب أو توضيح لكن مديرة الموارد البشرية لم ترد على الاتصالات .
وكانت تذرعت المديرة عند أول مرة ردّت فيها على مكالمتنا بأننا نتصل في يوم عطلة (كان يوم أحد وصادف بالفعل عطلة) لكنها لم تعد ترد على المكالمات لاحقاً.
ما بين الشؤون والتأمينات
أوضح مدير الشؤون الاجتماعية بحماة، كامل رمضان، لتلفزيون الخبر، أنه “لم تعد تصدر الحدود الدنيا للقطاع الخاص، بل تم تحديد الحد الأدنى للأجور في كل سوريا وهو 290 ألف تقريباً”.
وأضاف “رمضان”، أن “الرقم هو الحد الأدنى للتعيين في كل المحافظات، وعند قيامنا بإجراء تفتيش ضمن أي قطاع خاص وكان الحد الأدنى للأجر عند هذا الرقم فعندها لا يمكن مساءلة صاحب العمل قانونياً”.
من جهته، بيّن مدير التأمينات الاجتماعية بحماة، رشاد القوس، لتلفزيون الخبر، أنه “يوجد حد أدنى للأجور في قانون التأمينات ولا يجوز أن يقل عنه، وهو الحال نفسه بالنسبة للشهادات الجامعية”.
وتابع “القوس”، أنه “في حال لم يعط صاحب العمل الأجر الحقيقي للاشتراك الخاص بالعامل المسجل في التأمينات، عندها نأخذ المعلومات من صاحب العمل ونطابقه مع القانون”.
وأضاف “القوس”، أنه “في حال وردت إلينا أي شكوى تتحقق دائرة التفتيش من الموضوع، والتي لديها صلاحيات بتنظيم إفادات وزيارات لملء استمارة تتضمن مباشرة العامل وأجره، ومعلومات من العامل وصاحب العمل، إذ يمكن أن يتفقان أو يختلفان على التفاصيل”.
وأشار مدير التأمينات إلى أنه “في حال اختلفا فتثبت الشهادة وتحال إلى القضاء للفصل، وعلى الدكاترة المشتكين أن يقدموا شكوى بالمعلومات للتحقق منها”.
وأردف “القوس”، أن “صاحب العمل يزود التأمينات سنوياً بجميع أسماء العمال وأجورهم بداية العام شرط أن تكون أعلى من الحد الأدنى للأجور”.
وأوضح “القوس”، أنه “يقتطع بحسب القانون 7% من أجر العامل و 17% من صاحب العمل، علماً أن الشكوى تطبق وتؤخذ من تاريخ توقيع المفتش عليها ولا تعوض عما مضى، إلا في حال بت القضاء بغير ذلك”.
الرأي القانوني
شرح المحامي، رامي جلبوط، أن “قانون التأمينات الاجتماعية لم يعالج حالة قيام صاحب العمل بتقديم بيانات كاذبة بغية تخفيض حجم المبالغ المستحقة لدفعها كاشتراكات للعمال، وعاقب فقط على قيام صاحب العمل أو العامل على تقديم بيانات كاذبة لتحصيل مبالغ غير مستحقه له”.
وتابع المحامي “جلبوط”، أنه “تعتبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن العامل مسؤول أيضاً عن تقديم بيانات اشتراكه ومن ضمنها عقد العمل، سواء عند التقدم بطلب الاشتراك بالتأمينات أو عند اللقاء مع مفتشي المؤسسة خلال جولاتهم التفتيشية”.
وحول توصيف ما تقوم به الشركة صاحبة الجامعة، أكد المحامي “جلبوط”، أنه ”يندرج تحت بند التهرب الضريبي حيث أن هذا العقد يشكل مطرحاً لاستيفاء ضريبة الرواتب والأجور وعند تقديم عقد عمل لا يذكر الراتب الحقيقي الذي يقبضه العامل فإن هذا الفعل يشكل جريمة التهرب الضريبي التي شرحتها المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 25 لعام 2003”.
وشرح المحامي “يقصد بالتهرب الضريبي في معرض تطبيق هذا القانون كل فعل مخالف لأحكام قوانين الضرائب أو الرسوم يصدر عن المكلف أو من ينوب عنه أو يمثله أو من يفوضه أصولاً وبقصد التهرب من دفع الضرائب والرسوم المالية كلياً أو جزئياً من خلال ما يقدمه للدوائر المالية من قيود أو بيانات أو وثائق تضمنت معلومات مخالفة للحقيقة أو إخفائها أو إنكارها أو عدم تقديمها بالمواعيد المحددة قانوناً باستثناء القوة القاهرة أو إتلافها قبل الموعد المحدد لذلك أو ممارسة عمل خاضع للتكليف دون إعلام الدوائر المالية أو إخفاء نشاط يجب إظهاره”.
وحول العقوبة، أكّد “جلبوط”، أنه “بناء عليه فقد عاقبت المادة الثامنة من المرسوم المذكور على التهرب الضريبي المذكور في المادة الثانية بالحبس لمدة شهر وغرامة قدرها 200 بالمئة من الضريبة أو الرسم السنوي عن سنة واحدة عن التكليف أو جزء التكليف محل التهرب حسب الحال وتضاعف العقوبة عند التكرار واعتبر المرسوم أن هذه الجريمة من الجرائم التي تخل بالثقة العامة”.
تلفزيون الخبر