19 عاماً على الانسحاب “الإسرائيلي” من غزة.. و”الطوفان” أعاد البوصلة لمركزها
احتل الكيان “الإسرائيلي” قطاع غزة عام 1967 وظل مسؤولاً عن إدارته حتى مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994 فأسند ذلك للسلطة، فيما استمرت قواته في مجمعات ومستوطنات مركزية داخل القطاع كان يحتلها آلاف من المستوطنين.
وسيطر الكيان على نحو 35% من مساحة القطاع الذي لا تتعدى مساحته 360 كيلومتراً مربعاً، وارتكب أفظع المجازر بحق الفلسطينيين، إلا أن المقاومة وصواريخها كانت له بالمرصاد خصوصاً مع بدء انتفاضة الأقصى وما بعدها الفترة التي شكلت رعباً للكيان والتي دفعته للانسحاب من القطاع.
التجهيز للانسحاب
جاءت عملية الانسحاب بعد الصمود الفلسطيني الذي ظهر خلال معارك “أيام الغضب” التي شنها العدو على القطاع بهدف القضاء على صواريخ المقاومة وتدمير جهوزيتها، لكن جميع مساعيه باءت بالفشل، إضافة لتعرضه لضربات عنيفة فيما عُرف ب”حرب الأنفاق” التي استهدفت خلال السنتين اللتين سبقتا الانسحاب مواقع حصينة للجيش في القطاع.
وفي عام 2003 اقترح رئيس وزراء العدو “شارون” تفكيك المستوطنات في قطاع غزة و4 مستوطنات أُخرى في شمال الضفة وذلك تحت اسم “خطة فك الارتباط أحادي الجانب” وفي حزيران 2004 صوتت الحكومة لصالح خطة الانسحاب.
الانسحاب
شرع المستوطنين بالمغادرة الطوعية للقطاع حتى تاريخ 15 أب 2005، ثم أعلنت حكومة الاحتلال عدم قانونية وجود من بقوا في المستوطنات وهددتهم بخسارة قسم من التعويضات المعروضة عليهم وتحول جيش العدو في 17 أب لإخلاء المستوطنين بالقوة.
وبدأت في 8 أيلول عمليات تجريف للمنازل الخالية والكنس من المستوطنات التي تم إخلاؤها في القطاع، وفي 11 أيلول اكتملت عملية الانسحاب “الإسرائيلي” من قطاع غزة بعد مغادرة آخر جندي محتل خارج حدود القطاع، لتبدأ احتفالات كبيرة لدى الفلسطينيين ابتهاجا بالإنجاز التاريخي.
ما بعد الانسحاب
أنهى الكيان تواجدها الفعلي على الأرض، لكنه شدد سيطرته على مفاصل الحياة في غزة، ومنذ انسحابه مارس كل صنوف العدوان والخنق عبر الحروب والتوغلات العسكرية والحصار البري والبحري والجوي والذي تسبب بخسائر كبيرة في القطاعات الحيوية.
وعلى مدار 19 عاماً شن الاحتلال 5 حروب على غزة أخرها “وحدة الساحات” كان هدفه منها شل القدرات العسكرية للمقاومة وثني عزيمة الفلسطينيين ضمن القطاع حتى ينصاعوا له، لكن كل خطط العدو انكسرت أمام صمود المقاومين في مختلف الفصائل.
“الطوفان”
صبيحة 7 تشرين الأول 2023 أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية بزعامة “حماس” معركة “طوفان الأقصى” التي جاءت نصرة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ودفاعاً عن حُرمة المسجد الأقصى الذي يسعى الاحتلال لهدمه بهدف بناء “الهيكل” المزعوم.
وشكل “الطوفان” صدمة للقريب قبل البعيد حيث جاء في عز سطوة الاحتلال والحديث عن تصفية القضية الفلسطينية بفعل عمليات التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان وتسخير كل قدرات الإعلام العالمي لمحو فكرة عودة فلسطين من الضمير العربي.
وأدت عملية المقاومة لكسر أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر” والقضاء على “إسرائيل” الفكرة الآمنة في عقول المستوطنين حيث تجاوز قتلى الاحتلال وجرحاه الألف عدا عن تهجير أكثر من مليون مستوطن لداخل الكيان وخارجه يضاف إلى ذلك خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات.
ودعمت جبهات الإسناد في سوريا ولبنان والعراق واليمن عمليات المقاومة وشكلت ظهيراً خلفياً سنداً لها ما ساعدها على الصمود بوجه جرائم الكيان.
ويستمر الكيان منذ ما يقارب العام وسط دعم أمريكي غربي غير مسبوق بارتكاب المجازر بالمدنيين في قطاع غزة حيث بلغ عدد الشهد*اء حتى تاريخه إلى 41020 وعدد الجرحى 94925 عدا عن الٱلاف من المُهجرين والمفقودين معظمهم من النساء والأطفال والعجائز.
يذكر أنه ازدادت وتيرة عمليات المقاومة على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة وخصوصاً في القدس والضفة الغربية وعموم العمق الفلسطيني رغم كل الإمكانات العسكرية والاقتصادية والإعلامية التي يجندها العدو لإيقاف المقا*
ومة، إلا أن يد الفلسطيني مازالت على الزناد رغم الظلم والقتل والوحشية مؤمناً أنه “لا يموت حق ولا يسقط ما دام خلفة مطالب”.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر