تعليم

التربية الجنسية للأطفال من وجهة نظر علم النفس

كيف نربي أطفالنا جنسياً من وجهة نظر علم النفس؟

التربية الجنسية من وجهة نظر علم النفس

تعتبر التربية الجنسية من الموضوعات الحيوية التي تساهم في تشكيل وعي الأجيال الجديدة حول قضايا الصحة الجنسية والعلاقات الإنسانية، مما يجعل الأهالي يفكرون حول دورهم فيها ومراحلها وخطواتها.

صورة كرتونية عن التربية الجنسية

التربية الجنسية في مرحلة الطفولة

قالت الاخصائية في علم النفس الدكتورة “ولاء الحسن”، لتلفزيون الخبر، إنه “سيتعلم الأطفال المواضيع المتعلقة بالجنس معنا أو بدوننا، ممايجعلنا نفكر كيف نكون سباقين في ترسيخ أنفسنا كمرجع موثوق وإنشاء علاقة آمنة لتطورهم، وهذا يتعلق بالتواجد من أجل طفلك وأن تكون مرشده الآمن”.

الدكتورة ولاء الحسن
وتابعت “الحسن”: “من المهم أن يكون الآباء قادرون على تقسيم التربية الجنسية إلى محادثات متعددة ومناسبة للعمر تبدأ في سن مبكرة، من 3 سنوات تقريباً، ومن خلال الإجابة على أسئلة الأطفال بطريقة مناسبة لكل عمر”.

وأكملت “الحسن”: “قد يكون مخيفاً للآباء والأطفال على حد سواء الجلوس لإجراء محادثة جادة وجهاً لوجه بالمواضيع المتعلقة بالجنس، لكن من وجهة نظر شخصية فإن من المهم جداً التحدث مبكراً، والتحدث كثيراً، والتحدث عن كل شيء، ولكن ليس في وقت واحد”.

وأضافت “الحسن”: “لا يمكننا إلقاء المعلومات على الأطفال كمحاضرة مملة، إنما كل يوم وكل موقف هو فرصة لتقديم لحظات تعليمية: ومثل هذه المواقف قد تسمعون عن حدث في المدرسة أو في الملعب، أو مشهد على التلفاز، أو حديث دار في المدرسة مع الأصدقاء”.

“َومن المهم شرح الأمور بمصطلحات يفهمها الطفل، والبدء بأساس جيد والاستمرار بإضافة المعلومات عبر المراحل العمرية المختلفة كلما كان ذلك ممكناً”، وفقاً للمعالجة النفسية “ولاء الحسن”.

كيفية تطبيق التربية الجنسية

حول تطبيق الأهالي للتربية الجنسية، قالت “الحسن”: “على الأهل البدء بالتعامل مع أجزاء الجسم بمسمياتها، ويمكن أن يبدأ هذا منذ سن مبكرة مثل استحمام الطفل في حوض الاستحمام أو تدريبه على استخدام المرحاض، ومع نموه، البحث عن طرق صغيرة ومناسبة لعمره للتعامل مع حدود الجسم”.

وبينت أنه “من المهم مساعدتهم على فهم استقلالية أجسادهم وحدودها، وأن جسدهم ملك لهم ويستطيعون الحديث عما يحدث في أجسادهم ووضع الحدود لحمايتها”.

ومن المهم أن يعرف الطفل أن من حقه أن يقول “لا” عندما يريد شخص ما أن يعانقه أو يقبله، وأن يتعلم عن اللمسة الآمنة وغير الآمنة، والأماكن التي يحظر على الآخرين لمسها مهما كانت علاقته بالطفل، حسب تعبير “الحسن”.

وأوضحت “الحسن”، أنه “مع تقدم الطفل في العمر وزيادة فضوله، ستتوسع المحادثات حول التربية الجنسية لتتجاوز الاستقلال الجسدي وتناول مفاهيم أكبر، يمكن للأهل استغلال اللحظات اليومية لمساعدة الطفل على التعرف على أجسامهم، مثل الاستحمام أو أثناء مساعدته على ارتداء ملابسه”.

وشرحت الدكتورة: “حيث إذا لمس الطفل أعضاءه التناسلية أثناء تغيير الحفاض، فلا بأس بذلك، عندما يكبر، يمكن التحدث عن السلوك العام والخاص، بينما يقوم غالبية الآباء بقول كلمة عيب أو ضرب الطفل على يده ممايزيد من فضول الطفل وتوجيه انتباهه نحو أعضاءه التناسلية”.

ويشعر معظم الأطفال بالفضول الشديد تجاه أجسادهم وأجساد الأطفال الآخرين، كما سيلاحظون أن لكل جسم أجزاء مختلفة، ومن الممكن أن يسأل الطفل لماذا؟ أو يقول، ما هذا؟.

وأضافت الأخصائية: “يمكن عندها تعليم الطفل أن لكل جزء من الجسم اسماً ووظيفة خاصة به، على سبيل المثال، “هذا قضيبك هو المكان الذي يخرج منه البول”.

“وعند سؤال الطفل من أين أتيت؟، يمكن سؤاله ماذا تعتقد؟، فهذا يساعد على فهم ما يسأله الطفل حقاً ومدى فهمه، ويمكن تقديم شرح بسيط مثل “ينمو الأطفال في مكان داخل الجسم يسمى الرحم”، وفقاً “للحسن”.

وتابعت “الحسن”: “ومع اقتراب الطفل من عمر 8 سنوات يمكن أن يسأل، كيف دخل الطفل إلى الرحم؟، فنسأله عن رأيه، يساعد هذا على فهم ما يعرفه الطفل الفعل، ثم يمكن شرح الأمر ببساطة، وإعطاء أكبر قدر من المعلومات التي تشعر الأب أو الأم بالراحة معها على سبيل المثال، لتكوين طفل، تتحد الحيوانات المنوية والبويضة معا”.

وذكرت “الحسن” أنه “من المهم أيضاً أن تقول لا أعرف إذا كنت تشعر بالارتباك أو لم يكن لديك إجابة واضحة وأنك ستجيبه بعد أن تبحث عن معلومة موثوقة، فالطفل لايحتاج أن تكون خبيراً بل يحتاج أن تكون صادقاً وأن يشعر بالأمان حين يسألك عن أي شيء”.

ووجهت “الحسن” نصيحة للأهل أنه “إذا كنت تنتظر حتى يبلغ طفلك سن المراهقة، فأنت متأخر، ولكن من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تبدأ الآن”.

التربية الجنسية في مرحلة المراهقة

حول مرحلة البلوغ والمراهقة، قال الدكتور في مجال التربية والإرشاد النفسي “ضياء العوجة” لتلفزيون الخبر، إن “التربية الجنسية عند المراهقين موضوع مهم لذلك يجب الانتباه على عدد من النقاط عند الحديث عن المواضيع الجنسية مع المراهقين”.

الأخصائي النفسي ضياء العوجة
وأضاف المرشد النفسي: “تبدأ هذه النقاط بتوعيتهم حول التغيرات الجسدية والنفسية التي يمرون بها وهذا أمر هام لكي يتعرف المراهق على مبررات بخصوص مايستجد في جسمه من تغييرات طبيعية”.

ويجب توضيح مفهوم العلاقات الصحية وكيفية التعامل مع المشاعر مع توضيح مخاطر الاحتكاك الجنسي غير الرسمي وغير المقبول اجتماعياً خاصةً أن مرحلة المراهقة فيها حب الاستكشاف العملي لدى المراهق لمعرفة أعضاء الجسم من الجنس الآخر”، وفقاً “للعوجة”.

وبين الدكتور: “لذلك من الضروري أن يكون هناك حوار مفتوح لتشجيع النقاشات والمباشرة حول المواضيع الجنسية بين الأهل والمراهقين، وضرورة توفير معلومات من مصادر موثوقة مثل الأطباء أو المختصين في التربية الجنسية”.

دور الأهل في التربية الجنسية

وأكمل “العوجة”: “قد يتعرض الأهل للكثير من الأسئلة فيما يتعلق بالمواضيع الجنسية من قبل الابن المراهق لذلك يجب أن يكون الأهل على دراية ووعي وذلك من خلال مايلي: الاصغاء الجيد لهم، حيث دع المراهق يعبر عن أسئلته ومخاوفه دون مقاطعة”.

وتابع “العوجة” حول دور الأهل: ” تقبل الاسئلة: أظهر لهم أن الأسئلة حول الجنس طبيعية وأنه لا يوجد شيء يدعو للخجل، وتقديم معلومات دقيقة، واستخدام لغة واضحة ومباشرة، وتجنب التعميمات أو الإجابات الغامضة”.

التربية الجنسية

وأشار “العوجة” إلى “دور الأهل في احترام عمر المراهق، حيث يجب التأكد من أن المعلومات مناسبة لعمرهم ومستوى نضوجهم، وتشجيع التفكير النقدي، وطرح أسئلة تشجعهم على التفكير في عواقب أفعالهم وقراراتهم، مثل العلاقات والاتصال، ويجب التحدث عن القيم والمعتقدات المتعلقة بالعلاقات والجنس”.

ولفت الدكتور في الإرشاد النفسي إلى أنه “إذا كانت الأسئلة معقدة، يمكنك توجيههم إلى مختصين في الصحة الجنسية، وتشجيع الحوار المستمر، وأكد لهم أنهم يمكنهم العودة إليك في أي وقت لطرح المزيد من الأسئلة، وكن داعمً ولا تحكم عليهم أو تسخر من أسئلتهم”.

ونصح “العوجة”: “بضرورة التأكيد على الأمان الشخصي مثل التحدث عن أهمية الحماية، كالأمراض المنقولة جنسياً، وتعليم الحدود عن طريق مناقشة مفهوم الحدود الشخصية وكيفية احترامها، والصدق في الإجابة حيث إذا كان الأهل لا يعرفون الإجابة على سؤال ما، يجب الاعتراف بذلك ومحاولة البحث عن الإجابة الدقيقة لتقديمها”.

وقال “العوجة”، إنه “بشكل عام التربية الجنسية تختلف من عمر لأخر كأسلوب بالتعاطي معها، وكمفردات وكلمات ولكن في هذا الزمن قد نقول إنه بسبب التكنولوجيا السريعة أصبح لدى المراهق كمية معلومات سمعية وخبرات بصرية تشابه ما لدى الناصجين”.

وأضاف “العوجة” “وهذا التطور يتطلب من الأهل اللجوء إلى الصراحة والوضوح من خلال النقاش حول العلاقة الجنسية والهدف منها وأهميته للإنسان كحاجات وخطورتها في تطبيقات غير مقبولة و ضارة صحياً واجتماعياً”.

وتابع الدكتور : “لكن في الجانب الآخر يجب احترام حب المراهق للاستفسار وكثرة التساؤل وهنا يجب أن يكون الأهل المرجع الأساسي للإجابة أفضل من أن يضطر المراهق إلى اللجوء إلى مصادر مشوهة قد تكون معسولة الكلام لكن مضمونها خطير، وهنا أهمية العلاقة العاطفية السليمة الواثقة بين الأهل والمراهقين من الأساس”.

يذكر أن التربية الجنسية تهدف إلى تزويد الأفراد بالمعرفة والمفاهيم الأساسية التي تمكنهم من اتخاذ قرارات سليمة بشأن صحتهم الجسدية والنفسية، في عالم تعصف به العديد من التحديات الاجتماعية والثقافية، مما يطرح التساؤل حول الحاجة إلى برنامج تربوي شامل للتربية الجنسية؟.

بشار الصارم – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى