“التالول” تورّم جلدي اتهمت به نجوم السماء زوراً
كم من شخص تلقى التوبيخ فترة طفولته عند إقدامه على عد نجوم السماء، فكانت الصفعة تأتيه “على غفلة” وبسرعة البرق من ذويه، لانعكاس ذلك على جلده بهيئة “تالولة”، وذلك بحسب الموروث الشعبي.
وارتبط مرض الثآليل الجلدية أو “التالول” كما يعرف شعبياً بالخرافات بشكل كبير، واختلفت النظريات والتحليلات حول سبب ظهورها، بين مؤمن بنتيجة حتمية لعد النجوم، وآخر مشكك قرر علاجها بطرق خاصة متنوعة.
وقال مناف السلوم لتلفزيون الخبر إن: “عادة عد النجوم كانت سائدة في طفولتي، مع كل الرعب المرتبط بذلك نتيجة تشديد أهالينا بعدم النظر إليها خشية ظهور التالول في أجسامنا وخصوصاً في كف أيدينا”.
وأضاف مناف (35 عاماً، نجّار في حي العباسية بمدينة حمص) بأن: “عدداً منا كان ينظر للأرض طويلاً ليلاً خشية الخرافة التي لازمتنا حتى فترة شبابنا، لتتبين حقيقتها مع تقدم العلم وسهولة الحصول على المعلومة العلمية الدقيقة”.
أما عن الحلول التي كانت متبعة حينها، بين مناف لتلفزيون الخبر أنها : “كانت متعددة، من النزع يدوياً والثقب، في حين لجأ البعض لوضع حليب التين كونه يقوم بعمل “الأسيد”، بينما توجهنا لاحقاً لشراء قطرة خاصة من الصيدلية”.
وتابع مناف: “كان مجرد أن يرى أي شخص ملامح تورم صغير على ظهر يدك حتى يبادرك السؤال عن موعد تعداد النجوم، لتبدأ في التذكر وتأنيب ضميرك على ما قمت به حتى، وإن لم يحدث”.
من جهتها، عرفت الدكتورة حنان سلوم (دراسات عليا بالأمراض الجلدية والأمراض المنقولة بالجنس بجامعة تشرين) الثآليل بأنها: “أورام سليمة تصيب الجلد والمخاطيات، وهي شائعة في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تحدث في أي عمر ونسبة الذكور إلى الإناث متساوية تقريباً”.
وبينت “سلوم” لتلفزيون الخبر أن: “العامل المسبب لها هو خمج بفيروس الورم الحليمومي البشري HPV، أما أعراضه فعادة ما تكون غير عرضية، لكن قد يسبب بعضها الحكة أو الألم بالضغط عند توضعها أخمص القدم”.
وأشارت الأخصائية إلى أن: “هنالك العديد من الطرق المتبعة في علاج الثآليل مثل الكي بالآزوت السائل، التخثير الكهربائي، تطبيق بعض المواد الكاوية مثل الماء الاوكسجيني، المعالجات المناعية وعلاجات أخرى كالعلاج بالإيحاء والوخز بالإبر”.
ونوهت الدكتورة “سلوم” إلى: “أهمية اتباع وسائل النظافة العامة كغسل اليدين المتكرر بالماء والصابون والابتعاد عن مصافحة الأشخاص المصابين، ومراجعة طبيب الأمراض الجلدية عند ظهور اي آفة جلدية ملفتة ومزمنة”.
وختمت الأخصائية لتلفزيون الخبر: “رأيي بعد النجوم وارتباط ذلك بالثآليل وغيرها من الأقوال الشعبية أنها خرافات بالتأكيد، وليست سبب لظهورها، إذ أن السبب فيروسي كما ذكرت”.
يذكر أنه رغم كشف العلم عن الفيروس المسبب لظهور الثآليل، وإيجاد طرق العلاج الحديث لها، إلا أن ذاكرة الكثيرين من الأجيال الماضية تستمر بتفضيل الوهم المتوارث في الخيال الشعبي، وما زال انتشار الحكاية التي تربط بين النجوم واليد متقدماً بكثير على التفسير الطبي.
الجدير بالذكر أن الموروث الشعبي يعتقد أن اليد التي تولت العد واستخدمت أصابعها في الإشارة لكل نجم هي من تصاب بالثآليل دون اليد الأخرى، وإن ظهرت أكثر من واحدة فيرد الأمر إلى التكرار الذي قام به صاحب اليد.
عمار ابراهيم ـ تلفزيون الخبر